عن خطاب الحقد العنصري المعيب!

أن يُزايد السياسيون المسيحيون على بعضهم البعض، في المطالب والملفات الداخلية، المزمنة والشائكة، فهو أمر معهود ومفهوم، بل وقد يكون مبرراً في نظر كثيرين، رغم كل ما يلحق بالجبهة الداخلية من توتر وشوائب البلد في غنى عنها، في هذه المرحلة الصعبة بالذات!
أما أن تصل المزايدات بين وزراء ونواب وقياديين مسيحيين، إلى حدّ السقوط في خطاب شوفيني عنصري بغيض، يثير النعرات وينكأ الجراح، ويُسيء إلى كرامة ووطنية الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، فهذا أمر مشين فعلاً، ولا يجوز السكوت عنه.
ولا ندري كيف سمح «الصهر المدلل» لنفسه أن يُنصّب شخصه وصياً على اللبنانيين، وولياً على أمر الحكومة وقرارات مجلس الوزراء، عندما وقف ليطالب، وبكل صفاقة، بطرد الأخوة النازحين، السوريين والفلسطينيين، من الأراضي اللبنانية، لأنهم، وبكل وقاحة حسب قوله، قد أخذوا مكان اللبنانيين في الحصول على مساعدات الدولة… (كذا)!
لقد غاب عن الوزير الألمعي أنّ ما يقوم به لبنان، حكومة ومجتمعاً مدنياً، تجاه الأخوة السوريين، ما هو إلا جزء بسيط من الجميل السوري الذي يطوّق أعناق مئات الألوف من اللبنانيين، الذين كانوا يلجأون دائماً إلى سوريا، عندما تشتدّ المعارك الداخلية إبان الحرب البغيضة، وكلما شنّ العدو الإسرائيلي حرباً على لبنان، حيث جاوز عدد اللبنانيين النازحين إلى المناطق السورية إبان حرب تموز 2006 المئة ألف نسمة!
وعوض العمل على بلسمة الجراح السورية، وتوفير دعائم الثقة والطمأنينة للمسيحيين السوريين، فوجئنا بقياديي التيار العوني يفتحون نار العنصرية المقيتة على النازحين السوريين، عشية ليالي الميلاد المجـيدة، الذي بشّر صاحبه بالمحبة بين النّاس، والتضامن بين الغنيّ والفقير، والتعاطف بين أبناء البشر، على قاعدة عبادة الإله الواحد، والسعي لعمل الخير، وتطهير النفس من نوازع الشر والشهوات والفساد.
فهل بهذا الخطاب العدائي أراد باسيل أن يُعايد النازحين السوريين، مسلمين ومسيحيين، ويردّ التحية للشعب السوري الشقيق، عندما فتح ذراعيه أمام اللبنانيين الهاربين من رمضاء الحرب الأهلية، ونيران القنابل الصهيونية؟

قد يكون لبنان تحمّل بعض الأعباء في توفير المساعدات الضرورية للأخوة السوريين، في بدايات حركة النزوح، ولكن حجم الدعم المالي، والمساعدات المتدفقة من الأشقاء والأصدقاء، قد أمّن أكثر من 85 بالمائة من الاحتياجات اللازمة لتأمين المأوى والمأكل، ولو في الحد الأدنى، لعشرات الألوف من العائلات السورية الهاربة من جحيم الاقتتال في قراها ومناطقها، إلى الأطراف اللبنانية.
ويجب ألا يغيب عن بال أحد، بأن لبنان يُقدّم هذه المساعدات، وفي حدود الإمكانيات المتاحة، لكل عائلة سورية محتاجة، سواء أكانت محسوبة على الثورة، أم أن أفرادها من أنصار النظام، وبالتالي لا داعي لتسييس هذه القضية الإنسانية أساساً، واستغلالها في البازارات المحلية الرخيصة، التي تكشف مستوى بعض النفوس المريضة، من دون أن تؤدي إلى أي تغيير في الموقف اللبناني المتعاطف، مع الإخوة السوريين في أزمتهم المتمادية، والمستمرة بالتصاعد والتعقيد، من دون أن تظهر في الأفق بوادر لأي حل سياسي، يحفظ دماء السوريين، ويصون ما بقي من المدن والقرى السورية من دمار حتمي!

من المعيب فعلاً أن يصل تردي خطاب بعض السياسيين اللبنانيين إلى مستوى هذا الحقد العنصري الدفين على كل ما هو عربي.. وإن ادعى بعضهم أنه على تحالف مع النظام في سوريا!.  

السابق
أهالي المخطوفين في سوريا يقفلون طريق القصر في الميلاد
التالي
اسم القتيل