نصران: إلهي وديبلوماسي

المشهد الفلسطيني في الأمم المتحدة جمع بين الرمزية والواقعية. وكل شيء مختصر في يوم صار دهراً: ٢٩ تشرين الثاني. ففي ذلك اليوم من عام ١٩٤٧ أصدرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة القرار ١٨١ القاضي بتقسيم فلسطين. وهذا اليوم من كل عام صار موعداً للتظاهر في فلسطين والعالم العربي ضد قرار التقسيم. وهو في العام ٢٠١٢ اليوم الذي اختارته السلطة الفلسطينية لتصويت الجمعية العمومية على مشروع قرار للاعتراف بدولة فلسطين تحت الاحتلال ومنحها مقعد مراقب كدولة غير عضو. القرار الأول المرفوض أعطى الفلسطينيين ٤٦% من مساحة فلسطين التاريخية. والقرار الثاني المطلوب يعترف بحقهم في ٢٢% من مساحة فلسطين.
ولا فائدة من التذكير بما حدث على مدى ٦٥ عاماً في صراع تغلبت أبعاده الاستراتيجية وموازينه العسكرية على الجهود والتضحيات الهائلة. من الحروب الكلاسيكية العربية الى كل أشكال المقاومة الفلسطينية. ومن التركيز على الخيار العسكري الى التسليم بالخيار السلمي من دون تقدم في حل الدولتين بسبب الرفض الاسرائيلي لا الممانعة العربية.

ذلك أن الاهتمام منصبّ الآن على أهمية القرار الجديد الموصوف بأنه تاريخي من أجل استعادة الجغرافيا، وإن رفضه أو تحفظ عنه المتمسكون ببرنامج التحرير الكامل لفلسطين من البحر الى النهر. فهو في الحسابات الواقعية نصر ديبلوماسي للسلطة ورئيسها محمود عباس الذي أصر على الذهاب الى نيويورك للحصول على القرار في مواجهة الضغوط والتهديدات الأميركية والاسرائيلية، وبالتالي هزيمة ديبلوماسية لواشنطن وتل أبيب. وهو جاء بعد أيام من نصر إلهي لحركة حماس في حرب اسرائيل الثانية على غزة.
والتحدي أمام الفلسطينيين والعرب هو النجاح في توظيف النصرين. فلا النصر الديبلوماسي ولا النصر الإلهي سوى معارك في حرب يجب أن تقود الى نصر أرضي. وهو نصر يتطلب السير نحوه استعادة الوحدة الفلسطينية بعد الانقسام الخطير بين فتح وحماس، والتفاهم على برنامج وطني واستراتيجية جديدة لاستعادة الأرض بكل الوسائل في مواجهة عدو اسرائيلي يتجه من اليمين المتعصب الى اليمين الأشد تعصباً ويرفض التسوية السلمية حتى بالمعايير الأميركية.
والكل يعرف أن البرنامج الوطني الفلسطيني المطلوب يحتاج الى برنامج قومي عربي يدعمه. فلا المقاومة في غزة وحدها قادرة على تحرير فلسطين، وهي محكومة بهدنة في نهاية كل حرب. ولا استعداد السلطة في الضفة الغربية للتفاوض هو بوليصة ضمان لاستعادة الأرض.
والحرب طويلة عسكرياً وسياسياً، وكل نصر فيها يرتب مسؤولية أكبر على فتح وحماس والعرب.

السابق
لوهان اعتقالها من جديد
التالي
حزب الله… قطوع ومَرَق