سفرة بري توقع بفريق 14 آذار

على «سفرة» الرئيس نبيه برّي في عين التينة، نكث فريق الرابع عشر من آذار عهده بمقاطعة أي مكان تحضر فيه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. جاء أكثر من 16 نائباً معارضاً إلى مأدبة الغداء التي أقيمت على شرف الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان، رغم إعلان هذا الفريق منذ اغتيال اللواء وسام الحسن رفضه حضور أي لقاء يجمعه بممثلّي الحكومة في مجلس النواب أو على طاولة الحوار

في نواحٍ من مناطق بيروت، التي تمثّّل مسرحاً ناشطاً لمناصري حركة أمل، تنتشر صور للرئيس نبيه بري كنوع من «الفشخرة»، كُتب في أسفلها «ويلٌ لكم إذا نفدَ صبره». بلغة الشارع، تعني هذه العبارة رسالة تهديد مباشرة لكل من يفكّر في «إزعاج» رئيس المجلس. إلا أن هذا النوع من «التهوّر» لا يجِد له مساحة داخل عين التينة. في السياسة يُعرف عن برّي أنه «رجل كل المراحل». هو «ضرورة قصوى في الأوقات الصعبة»، خصوصاً أنه خبير في تخطّي نقاط الحواجز الملغومة في مثل هذه المرحلة المتفجرة التي يمر بها البلد.
لا يزال رئيس مجلس النواب صابراً على «جنون» فريق الرابع عشر من آذار، الذي تُصرّ جميع مكوّناته على مقاطعة البرلمان واللجان النيابية، إلى حين إسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. يُجاري بدقة خفية وصامتة محاولات المعارضة «تعطيل» الملفات المطروحة على المائدة السياسية. لا يستطيع أحد، ولا حتّى أقرب المقربين من برّي، معرفة ما يجول في خاطر الأخير. في رأسه وحده، يُوجد العديد من المخارج التي يصوغها «لإجبار» قوى الرابع عشر على العودة عن منطق ردّ الفعل إلى ميدان العمل البرلماني.
رغم تعنّت كل الكتل النيابية المعارضة، وإصرار نوابها على عدم حضور جلسات اللجان النيابية، تارة تحت عنوان مقاطعة الحكومة، وتارة أخرى بحجّة التهديدات الأمنية، لم يجد نواب الفريق الآخر أنفسهم محرجين من الاستمرار بعملهم. العين بالعين. سار فريق الثامن من آذار على هذا المبدأ. أصرّ نوابه على استكمال عملهم، مراهنين على جلسة اللجان النيابية المشتركة التي سيدعو إليها برّي بعد مغادرة الرئيس الأرمني، على اعتبار أنها «ستجبر المعارضين على الحضور، لا سيما أنها ستكون مخصّصة لمناقشة قانون الانتخاب»، لذا «لن تجد قوى الرابع عشر من آذار مهرباً من مقاطعتها»، بحسب سياسيين من 8 آذار.
نجح الآذاريون في الإفلات من صنارة برّي التي رماها في مياههم، لاجتذابهم إلى جلستين نيابيتين، واحدة لاستقبال الرئيس الأرميني، وأخرى للتضامن مع غزة. لم يجرؤ هؤلاء على تخطّي الفخّ الجديد الذي أوقعهم فيه رئيس المجلس النيابي، عندما دعاهم إلى مأدبة غداء أقامها على شرف الرئيس الأرميني في عين التينة. حضر عدد كبير من نواب فريق الرابع عشر من آذار من مختلف الكتل النيابية، بعدما رأى أغلبهم أن الدعوة شخصية. لبّوها ليس من باب المثل القائل «عند البطون تضيع العقول»، بل تفادياً للغضب الأرمني الذي يمكن أن يترجم سلباً في أصوات الأرمن التي تقلب المعادلة من رابح إلى خاسر في أي انتخابات نيابية. إذاً نجح برّي في أول اختبار يُمكن أن يفضي إلى انفراجات محتملة في الأزمة القائمة. جاء أكثر من 16 نائباً معارضاً للحكومة الميقاتية إلى غداء ترأسه إلى جانب الرئيس برّي الرئيس نجيب ميقاتي. كسروا عهدهم، بعدما شدّد الرئيس فؤاد السنيورة على نواب فريقه للحضور، بحسب ما أكدّت مصادر عين التينة. أما من تغيّب منهم، فكان عذره معه. لم يكتفِ صاحب الدعوة بحضور النواب. ففي ظل الحشد الدبلوماسي والأمني، أجبر برّي، بحنكته المعهودة، نواب المعارضة الذين يرفضون الحوار مع «القتلة» على الجلوس مع نواب فريق الثامن من آذار. فجاور نواب المستقبل نواب حزب الله والتيار الوطني الحر. والتأمت طاولات أخرى بجلوس نواب من الكتائب والقوات اللبنانية إلى جانب نواب حركة أمل. ليس ذلك وحسب، فقد تعمّد بري توزيع الكراسي بطريقة جمعت وزراء من الحكومة الحالية بنواب من المعارضة على الطاولة ذاتها. فلوحظ جلوس نائب «المستقبل» نهاد المشنوق الى جانب وزير الدفاع فايز غصن، كذلك أرغم زميله في الكتلة تمام سلام على مجالسة وزير الدولة علي قانصوه، فيما تناول النائب الكتائبي إيلي ماروني غداءه الى جانب وزير الاقتصاد نقولا نحاس.
وقد شدد بري في كلمة ألقاها قبيل بدء الغداء على أن «تجربة الحرب اللبنانية أثبتت أنه لا يمكن إقصاء أو تهميش أو شطب أحد والحل هو الحوار»، داعياً الى «العودة إلى اتفاق الطائف والى طاولة حوارٍ تضع نصب عينيها أن السلاح هو فقط للدفاع عن الوطن». ونبّه من «خطورة ما تشهده المنطقة من انقسامات حادة». وأضاف أن «هذه المنطقة العزيزة التي هي متحف للحضارات تعيش واقع انفجارات عرقية طائفية». بدوره أعرب الرئيس الأرميني عن «قلق بلاده تجاه الأحداث في الشرق الأوسط ومصير الشعب السوري». وأشار إلى أن «لبنان اليوم يتأثر بالتطورات غير المناسبة الحاصلة في المنطقة، وأن الحكمة الجماعية والحوار لن يسمحا بأن يتعرض لبنان لهزّات».

السابق
تعزف الموسيقى كلما هطل المطر
التالي
فضيحة جديدة في أروقة الاتصالات