تحت خط الفقر في الفكر السياسي

تعددت القراءات في خطاب السيد حسن نصرالله وردود الفعل عليه، والتحدّي أمامنا واحد: كيف نخرج من المأزق السياسي بأقل الخسائر؟ كيف نحافظ على مقومات البلد، بحيث لا يجرفنا الزلزال الاستراتيجي الكبير في الشرق الأوسط؟ وكيف نكون حاضرين للامساك بمصيرنا وتدبير أمورنا عندما تتبلور الصورة النهائية للمتغيرات في سوريا والمنطقة؟ والأجوبة تحتاج الى التوقف عن الدوران في المأزق الذي لا يخرجنا منه الصراخ، ولا الرهان على الخطر لانتاج فرصة على طريقة ماوتسي تونغ في القول ان الأمور يجب أن تسوء أكثر لكي تصبح أفضل.
ذلك ان الأزمة أكبر من الحكومة، لكن الحكومة أداة أساسية فيها. واذا لم يكن تغيير الحكومة مخرجاً مؤكداً من المأزق، فان استمرارها بوليصة ضمان للبقاء فيه. فنحن في فراغ وطني أخطر بكثير من أي فراغ حكومي يتخوّف منه كثيرون. وليس صحيحاً اننا عاجزون عن تأليف حكومة.

الصحيح ان الخوف من الفراغ هو اسم مستعار للتمسك بالحكومة لإكمال الوظيفة المطلوبة منها والممانعة في التغيير.
وقمة البؤس أن يعيش لبنان على فتات الصداقات والصدقات. فمن علامات البؤس الاقتصادي والاجتماعي ان يعيش ثلث اللبنانيين تحت خط الفقر. ومن امارات البؤس الوطني أن يعيش لبنان تحت خط الفقر في الفكر السياسي. والأخطر أن يرافق الهبوط الاجتماعي والسياسي صعود في العصبيات الطائفية والمذهبية النافية للسياسة. فلا في السياسات سوى مواقف مكررة من مواقع ثابتة. ولا في الصراع على السلطة، وهو أمر طبيعي، أي تصور عملي لوظيفة السلطة ومسؤولياتها تجاه البلد والناس.
كل ما ندور حوله هو أمران: التحذير من الفتنة والدعوة الى الحوار. لكن الفتنة على الأرض، والحوار في الجو. فالطريق الى الفتنة مفتوح. وما يمنع الذهاب فيه الى النهاية هو الخوف من المضاعفات وخروج الأطراف كلها خاسرة، وإن توهم البعض إمكان الربح. والطريق الى الحوار مقطوع، واذا تم فتحه، فإن استعصاء الحلول ينتظر الجميع على الطاولة. فلا الاتفاق ممكن على الموضوع الأساسي المختلف عليه، وهو السلاح الذي يراه فريق مشكلة خطيرة ويراه فريق آخر ضماناً للبنان. ولا ما جرى الاتفاق عليه في جلسات الحوار وجد طريقه الى التطبيق. ولا الحوار هو فقط بين الجالسين الى الطاولة بل أيضاً بين الحاضرين – الغائبين من قوى إقليمية ودولية. فضلاً عن ان الحوار ليس وصفة سحرية بل وسيلة للتوصل الى حلول. ولا حلول حين يكون الحوار مناظرة يقول فيها كل طرف رأيه بلا إقناع ولا اقتناع.

السابق
خطة عمل مشتركة بين الجيش والدرك لحفظ الامن والاستقرار
التالي
الأسير المتضخم في صيدا