صيدا تترقّب انتقام الأسير

تجه الأنظار اليوم إلى دوار مكسر العبد في صيدا، حيث يرجح أن ينهي الشيخ أحمد الأسير تقبل التعازي بمرافقيه ويعلن سلسلة خطوات انتصاراً وانتقاماً لدمهما. الدوار الذي شلّ صيدا سابقاً لأكثر من شهر، لا يزال يتحكم بأوصالها اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً
يوم صيدا أمس، مر هادئاً. ليس لأن الفتنة وُئدت في مهدها، إنما لأن إشعال فتيلها تأجل إلى حين. النار بيد الشيخ أحمد الأسير الذي سيطلق اليوم مواقف من قتل مرافقيه يوم الأحد الفائت في حادثة تعمير عين الحلوة، كما وعد في ختام مراسم تشييعهما أول من أمس. كلام فهم منه كثيرون بأن الأسير والفنان فضل شاكر سيقرعان طبول الحرب مع نهاية أيام التعازي الثلاثة، خصوصاً أن مراسم إحياء الثالث تقام عصراً في جامع الزعتري الذي يتوسط ساحة النجمة ودوار مكسر العبد. في حين لم تحدد تفاصيل البرنامج قبل احتفال التأبين وبعده.
ومساء أمس، أبلغ الأسير بعض أنصاره بأن «البرنامج المبدئي» اليوم يشمل الآتي:
ــــ تتلقى عائلتا المرافقين علي سمهون ولبنان العزي التعازي، الأول في مجمع دار السلام والثاني في جامع الزعتري في صيدا.
ـــ يعقد الأسير مؤتمراً صحافياً يعلن فيه النزول الى الشارع والبدء باعتصام مفتوح عند دوار مكسر العبد مكان الاعتصام السابق «حتى تسليم القاتل».
وبحسب مصادر متابعة لحركة الأسير، فإن الأخير دعا مناصريه من الرجال والنساء، الى الانتساب الى دورات سيقيمها للتدريب على السلاح.
وإذا كان المسلحون قد انسحبوا، مؤقتاً، أمس من الشوارع لصالح حركة المواطنين والموظفين وزبائن السوق التجاري والطلاب الذين طلب منهم الإضراب حداداً أول من أمس، فإن مراجع المعنيين أنفسهم كانوا يتحركون في الظل. فقد تحدثت معلومات أمنية عن تكثيف شاكر اتصالاته مع كوادر في مخيم عين الحلوة، للبحث معهم في إمكان الاستعانة بعدد من المقاتلين وضمهم إلى الجناح المسلح الذي ينوي الأسير إعلانه قريباً. وذلك بعد أن أظهر شريط الفيديو الذي التقط مشاهد من إشكال حي التعمير، بأن مرافقي الأسير لا يملكون خبرة ميدانية في القتال برغم أنهم تلقوا تدريباً عسكرياً وتزودوا بالسلاح. وحاول الفنان المعتزل استثمار صداقاته وأمواله ونفوذ شقيقه «أبو العبد» الشمندور، مسؤول جماعة «جند الشام»، لاستقطاب العناصر السابقة في الجماعة وفي فتح الإسلام وأبناء المخيم من ذوي الخبرة القتالية. لكن مصادر فلسطينية أكدت لـ«الأخبار» أن القوى الفلسطينية تجهد لمنع أبناء المخيم من التدخل في الحركة الأسيرية، رافضين أن «يقاتل الأسير بهم ويستخدمهم دروعاً بشرية».
ولأن الأسير نفسه لا يزال بانتظار منحه الضوء الأخضر لإعلان تنظيمه المسلح وتشكيل صفوفه، فإن معلومات تحدثت عن احتمال لجوئه حتى ذلك الحين إلى اعتماد أساليب أخرى انتقاماً لما جرى في التعمير. من هنا، تحولت غرف مسجد بلال بن رباح في عبرا غرفة عمليات تغطيها مراسم تقبل التعازي. شهود عيان تحدثوا عن شخصيات تصل إلى المكان بمواكب أمنية سرية وسيارات ذات زجاج داكن، وما يسمح بتحركها بعيداً عن الأعين في المربع الأمني المستحدث بالعوازل وحواجز التفتيش المنتشرة في محيط المسجد. لكن موكب النائب خالد الضاهر برفقة الشيخ داعي الإسلام الشهال كان واضحاً عند انتقاله من فيلا مجدليون حيث زار النائبة بهية الحريري مساء، إلى منزل الأسير قبالة المسجد. الزيارتان غير المعلنتين سابقاً بقيتا بعيداً عن الإعلام. وأعقبهما وفد من القوات اللبنانية قصد المسجد لتقديم التعازي.
وفي مؤتمر صحافي، دعت النائبة بهية الحريري الصيداويين إلى ارتداء الأسود لمدة أسبوع حداداً، فيما قالت للرئيس نجيب ميقاتي «لا أدعوك للاستقالة، إلا أن ما وصلنا هو نتيجة. والدماء ليست ثوبك وأنت تعرف ان الحج يسقط كل الذنوب الا الدماء».
اللقاء الإسلامي والقوى الإسلامية الفلسطينية في مخيم عين الحلوة الذي عقد اجتماعاً طارئاً في مقر الجماعة الإسلامية، رفض استعمال السلاح في الداخل ضد أي مواطن، مؤكداً أن صيدا تحرص على عيشها المشترك واحترام خصوصيات الجميع. من جهته، رأى الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري اسامة سعد ان هناك من يريد اخذ صيدا الى خيار معاكس لخيارها المقاوم، مشيرا الى ان «حالة الاسير مرتبطة بمشروع متكامل لحرف الصراع ضد اسرائيل عبر الفتنة السنية ـــ الشيعية». أما رئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري فبدأ لقاءات تشاورية مع فاعليات المدينة لتقويم الأحداث الأخيرة ونتائجها، وتدارك ارتداداتها وتأثيراتها. ومساء زار وفد من لجنة المتابعة للقوى الإسلامية والوطنية الإسلامية في مخيم عين الحلوة الحريري، وجددوا حرصهم على استقرار صيدا والسلم الأهلي والتزام الفلسطينيين عدم التدخل في الشأن اللبناني.
حركة عبرا لم تؤثر على حركة إعادة رفع اللافتات والرايات العاشورائية في أكثر من نقطة في صيدا. وفي اتصال مع «الأخبار»، أكد مختار حارة صيدا مصطفى الزين أن القرار بضبط النفس وعدم الانجرار إلى الفتنة التي يريدها الأسير لا يزال ساري المفعول. وأكّد الزين أنه قادر «في كل مرة» على ضبط الشبان كما فعل مع كوادر حركة أمل وحزب الله منذ تصاعد التحريض الأسيري قبل أشهر ضد الحارة التي يقيم فيها 30 ألف سني. لكنه قال «إن للصبر حدوداً»، محذّراً من اختبار صبر الحارة «التي لا تتهجم على أحد، إنما لا تقبل بأن يهاجمها أحد». وذكّر المختار الأسير «الذي يعرف الحارة جيداً من خلال إقامته فيها لـ15 عاماً» أن «من يدق الباب يسمع الجواب».
على صعيد آخر، زار قائد الجيش العماد جان قهوجي ثكنة محمد زغيب في صيدا والتقى بعيداً عن الإعلام، قيادة منطقة الجنوب العسكرية ولواء المشاة الأول وسريتي فوج المغاوير الذين ينتشر عناصرهم بكثافة منذ الأحد ميدانياً. وبحسب بيان قيادة الجيش، حذر قهوجي من خطورة الأوضاع، ما يحتم أن يكون الجيش لها بالمرصاد. وفي حال حاول البعض القفز فوق الخطوط الحمر، والمس بالسلم الأهلي سيقابل بشدة وبحزم. ودعا فعاليات صيدا الى «التحلي بالحكمة والواقعية لتجنيب المدينة والجنوب التوترات المذهبية»، مؤكدا «أن الجيش سيكون فوق كل الاعتبارات المحلية والطائفية، من اجل مصلحة لبنان العليا».
وكان مدعي عام الجنوب القاضي سميح الحاج قد تفقد منطقة تعمير عين الحلوة حيث وقع الإشكال برفقة قادة الأجهزة الامنية والعسكرية في صيدا، حيث عاين المكان تمهيداً لبدء الاستماع الى إفادات الشهود، تنفيذاً لتوصيات مجلس الأمن الفرعي بإجراء تحقيق في الحادثة.

السابق
14 آذار وخطاب نصرالله: تعبير عن أزمة عميقة
التالي
بلد ممزّق ملزّق مستقر في مأزق