صفقة أسلحة ضخمة

طالعتنا الصحف يوم 10/10 بخبر ربما لم ينتبه له الكثيرون لكن له اهمية في اعتقادي نظراً لما تمر به المنطقة العربية من ظروف مزرية بسبب انعكاسات الثورات العربية ادت الى أوضاع غير مستقرة وانفلات أمنى وسياسي ما زالت بعض دول الثورات العربية لا تعرف كيف تتغلب عليها. ناهيك عن تدهور ملحوظ في الاقتصاد وتصاعد في أزمة البطالة بين الشباب وتفاقم التعاسة والبؤس.
يقول الخبر ان رئيس وزراء العراق المالكي مع وفد كبير ابرم اتفاقية شراكة مع روسيا، خصوصا في المجال العسكري وشراء أسلحة روسية مختلفة، هجومية ودفاعية، تقدر قيمتها بحوالي (4.3) مليار دولار بعد أن كان العراق يعتمد على الأسلحة الأوروبية والأميركية منذ أمد بعيد حيث لم يكن للسلاح الروسي أي دور في بناء قوة العسكر. فغالبية الأسلحة العراقية منذ عهد صدام وحتى الإطاحة به كانت مصادرها متعددة ومن دول كثيرة، ولم تكن تعتمد على مصدر محدد.
ويقول الخبر أيضا ان صفقة السلاح العراقي مع روسيا تعتبر الأضخم منذ 2006، فهل معنى ذلك أن العراق الذي أنهكته الحروب والدمار أصبح بحاجة إلى صفقة سلاح بهذه الضخامة في وقت ما زالت البنية التحتية مدمرة، والناس تعاني الفقر ونقص الخدمات كالرعاية الصحية والكهرباء والماء، ناهيك عن التفجيرات التي لا تنتهي كل يوم؟ وهل الاتفاق على السلاح مع روسيا هو لتقليل الاعتماد على الأسلحة الأميركية، وربما التخلص من التواجد الأميركي في العراق؟ وهل هذا الاتفاق هو تأكيد للتضامن مع الروس الذين لهم صلات قوية ومنذ أكثر من عقدين مع إيران وسورية؟
على كل حال، من حق العراق أن يبني جيشه ويحصل على السلاح الذي يستطيع به أن يدافع عن نفسه، فهذه من موجبات الدفاع عن النفس باتباع كل السبل التي تحافظ على مستقبل الدولة. لكن ما نتمناه ألا تتحول هذه الأسلحة، كما حصل في عهد صدام، إلى استعراض للعضلات وتهديدات للدول المجاورة، وعنصر تخويف وتهديد وربما احتلال بدل أن تكون سبيلاً فاعلاً لاستتباب الأمن والرخاء. لاشك أن التوجه العراقي صوب المعسكر الشرقي (الشيوعي سابقاً) لشراء السلاح وعقد اتفاقات تعاون اقتصادي يؤكد اتجاه العراق السياسي نحو المعسكر الشرقي، والرغبة في الابتعاد عن المعسكر الغربي المضاد، وكما تشير التحليلات السياسية أن هذا التوجه يصب في صالح التحالف الإيراني – السوري الذي ينظر إلى الغرب انه سبب ما يعانيه من أزمات اقتصادية وسياسية، خصوصا ان القتال في سورية، والعقوبات الاقتصادية على إيران وغيرهما من توترات في المنطقة تشكل عناصر جوهرية في هذا التحول العراقي نحو التعاون الشامل مع روسيا وأوروبا الشرقية.

السابق
العبور إلى الدولة
التالي
طرائف الفوتوشوب