مصر دولة المؤسسات..

مرّة أخرى، تُثبت مصر أنها دولة مؤسسات عريقة، ليس اليوم، ولا الأمس القريب، بل منذ قيام الدولة الحديثة على يدي محمّد علي باشا.
غابت دولة المؤسسات نصف قرن ونيّف، مع قيام ثورة 23 تموز 1952، ولكنها عادت بقوة مع سقوط حكم الفرد الواحد، حتى لا نقول وصفاً آخر، إثر ثورة 25 كانون الثاني – يناير 2011.
بدأت التحديات تواجه دولة المؤسسات منذ الأسابيع الأولى لتولي الرئيس محمّد مرسي صلاحياته الدستورية، بعد انتخابات حاسمة، ومنافسات حامية مع غريمه أحمد شفيق، آخر رئيس حكومة في عهد مبارك.
التحدي الأوّل تمثل في الهجوم الدموي الذي تعرّضت له قوة من الجيش المصري في رفح، فكان أن شنّ مرسي هجوماً غير مسبوق، في العدد والعتاد عبر سيناء، المنزوعة من السلاح تقريباً بحكم اتفاقيات كمب دايفيد، ليؤكد بأن النظام الوليد لن يتهاون في حماية هيبة الدولة، والحفاظ على كرامة ومعنويات مؤسساتها العامة، وخاصة الجيش.

التحدي الثاني كان في القرارات الجريئة والسريعة التي اتخذها الرئيس الجديد في تغيير القيادة العسكرية، واسترداد الصلاحيات الرئاسية من المجلس العسكري، فكان أن انتصر منطق المؤسسات، ورضخ المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري الذي حكم مصر في الفترة الانتقالية بين النظامين، وسلّم الأمانة من دون أية ردود فعل غاضبة أو متمردة.
التحدي الثالث حصل بالأمس القريب، عندما حاول الرئيس مرسي تخطي صلاحياته وعزل النائب العام عبدالمجيد محمود، فكان أن هبّ القضاء هبّة رجل واحد، للدفاع ليس عن شخص النائب العام المعزول وحسب، بل وأيضاً، وهذا الأهم، عن مبدأ الفصل بين السلطات، أساس الديمقراطيات الحديثة في العالم، وللحفاظ على استقلال القضاء كسلطة مستقلة!.
أين نحن في لبنان من دولة المؤسسات؟!  

السابق
النواب يدخّنون
التالي
حزب الله في سورية.. أين السرّ؟