اللواء: حزب الله يهاجم المستقبل وفضيحة في سجن روميه

وحدها الازمة السورية تنتج تداعياتها على الساحة الداخلية، وتملأ الفراغ، بما هو مناسب وغير مناسب، من اداء ومواقف ترفع من وتيرة التباعد بين تيارات الموالاة وتيارات المعارضة، حتى اذا ما تعب الجميع أمكن للحكومة التي غادر رئيسها الى كينشاسا لتمثيل لبنان في القمة الفرنكوفونية الرابعة عشرة، من تمرير التعيينات المعطلة منذ سنوات، او الاكتفاء بجدول اعمال عادي، او البحث عن مصادر تمويل لسلسلة الرتب والرواتب التي اعادت الحركة الى الشارع بقوة، ولأن بقاء الحكومة ضرورة تجمع وزراء الاكثرية الحاكمة وراء قرار يقضي بإحالة السلسلة مع التمويل الى مجلس النواب، حيث "يخلق الله ما لا تعلمون!".
واذا كانت الاكثرية إياها تربط الاستقرار بالحكومة، فإن مصادر اخرى تعتبر الاستقرار هو الاطار الذي يسمح للاعبين المحليين بالتمدد الى الجبهة السورية، او بعث الرسائل في الاطار الاقليمي، سواء في ما يتعلق بإيران – اسرائيل، او سوريا – ايران – تركيا.
وفي هذا السياق، بقي ما كشفه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في اطلالته التلفزيونية مساء امس الاول، محور ردود الفعل ومحور خلفيات الرسائل التي شاء حزب الله ان يوصلها الى من يعنيهم الامر في الداخل والخارج، بشأن طائرة الاستطلاع "أيوب".
ويدرك "حزب الله" قبل الموقف الاعتراضي الذي بعث به الرئيس ميشال سليمان لقيادة الحزب، من ان عملية ارسال الطائرة من دون طيار تظهر مدى الحاجة الى اقرار الاستراتيجية الدفاعية، قبل هذا الموقف يدرك الحزب ان حملة ما تشن ضده، لكنه يتجاهل ان الاداء خارج التفاهم الوطني على الجبهة مع اسرائيل، او ميدانياً في سوريا، سيفتح باب الانتقادات والحملات عليه.
وليس موقف الرئيس سليمان الاعتراضي سوى بداية لتململ رسمي من ذهاب الحزب، عكس سياسة النأي بالنفس للحكومة اللبنانية، الذي هو جزء منها، واستباقاً، رأى نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ان الحملة ضد الحزب هي ضوضاء كلما ارتفعت الاصوات اكثر فأكثر يعني اننا أنجح فأنجح، وكلما شتمونا زيادة وابتعدوا عن اي دليل ومن اي منطق يعني ادلة راسخة وقوية.
وخص الشيخ قاسم ما اسماه بـ"حزب المستقبل" بانتقاد مباشر، معتبراً انه ينفذ "اجندة المشروع الاستكباري ضد لبنان والمنطقة"، مؤكداً أن الرهان على التطورات السورية خاسر.
ويبدو، بحسب مصادر مطلعة، أن هجوم الحزب على "المستقبل" جاء في أعقاب مبادرة الرئيس فؤاد السنيورة الذي دعا القيادات الشيعية إلى التحرّك لوقف انزلاق الحزب في أعمال العنف داخل سوريا، وهو ما تجاهله نصرالله في اطلالته التلفزيونية، وإن كان قد أقرّ ضمناً بعمليات يقوم بها لنصرة لبنانيين يقيمون في قرى سورية، من دون ان يوضح ما إذا كانت هذه العمليات تتم بموجب "امر عمليات" مباشر من قيادة الحزب، وهو الأمر الذي لم يقنع كثيرين ممن يعرفون التنظيم الحديدي للحزب والانضباط الذي يتمتع به عناصره.
موقف سليمان
اما موقف سليمان، الذي وصف بأنه "سجال ناعم" وغير مباشر بين الرئاسة الأولى وحزب الله، فيما ذهب آخرون إلى اعتباره انه "حمل ضمناً تسجيل ملاحظات على إرسال الطائرة الاستطلاعية، من خلال تذكير الحزب بالاستراتيجية الدفاعية التي تعني أولوية القرار لدى الدولة في أي خطوة أو عملية تجاه إسرائيل"، فقد حرصت مصادر في رئاسة الجمهورية، على وصفه بأنه "ليس اعتراضاً او انتقاداً او حتى تأييداً، كما انه ليس غمزاً من قناة الحزب"، مشيرة إلى ان الموقف واضح في حدّ ذاته، ولا يحتاج إلى تفسير، فالرئيس سليمان رأى أن عملية إرسال طائرة من دون طيّار، فوق اراضي العدو الاسرائيلي اظهر ان لدى المقاومة قدرات واضحة للدفاع عن لبنان، وهذه القدرات تجعل الحاجة ملحة لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية، بما يعني التفاهم على الية لاستعمال هذه القدرات بما يتلاءم مع خطط الجيش واحتياجاته الدفاعية والمصلحة الوطنية.
ولفتت المصادر أن الرئيس سليمان لا يعنيه موقف قوى 14 آذار أو 8 آذار من موضوع الطائرة، بقدر ما يعنيه وجوب الإفادة من قدرات المقاومة ووضعها في امرة الدولة التي تملك وحدها قرار السلم والحرب في المواجهة مع إسرائيل.
وكانت مواقف نصر الله قد أثارت انتقادات واسعة من جانب قوى 14 آذار التي اعتبرتها دليلاً اضافياً على تورط "حزب الله" في الصراع الإقليمي الدائر في المنطقة، وسعيه إلى استخدام لبنان كصندوق بريد على حساب مصالح شعبه وخدمة لأجندة التحالف السوري – الإيراني.
المستقبل
وفي تقدير أوساط معارضة أن تبني نصرالله لإطلاق الطائرة "أيوب" يدفع الأمور إلى مزيد من التأزم، وكشف لبنان مجدداً أمام اسرائيل التي تتحيّن الفرص للانتقام من هزيمتها في تموز 2006، ما أثار الكثير من المخاوف لدى اللبنانيين من مغبة أن تتخذ اسرائيل من هذه الممارسات ذريعة لشن عدوان جديد على لبنان.
واعتبر عضو كتلة "المستقبل" النائب أحمد فتفت لـ "اللواء" أن نصر الله أراد بكلامه الرد على الرئيس سليمان الذي أشار إلى أن لبنان لن يكون منصة لأحد، عدا عن أنه ألغى بخطابه الدولة اللبنانية وكل منطق الاستراتيجية الدفاعية الذي طرحه الرئيس سليمان حتى يؤكد أنه يملك الأمر الإيراني ويسعى لتنفيذه بغضّ النظر عن مصالح الدولة اللبنانية .
ومن جهته حذّر نائب عكار في "المستقبل" معين المرعبي من عملية اجتياح للمنطقة الحدودية الشمالية والشمالية الشرقية لخلق منطقة عازلة تربط المنطقة التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، مع المنطقة التي يسيطر عليها حزب الله، وهي المنطقة التي تمتد من العريضة ووادي خالد وصولاً إلى أعالي أكروم لربطها بمنطقة الهرمل، موضحاً أن الهدف من هذه العملية إبعاد المعارضين للنظام عن الحدود اللبنانية – السورية، وإنشاء منطقة عازلة بمسافة معيّنة تتراوح بين 5 و15 كيلومتراً.
يشار في هذا السياق، إلى أن الشيخ أحمد الأسير دعا إلى اعتصام دعماً للشعب السوري تقرر إقامته في الرابعة من بعد ظهر الأحد في ساحة الشهداء في بيروت، على غرار الاعتصام الذي نفذه قبل أسابيع في المكان نفسه،
فيما انطلقت في طرابلس تظاهرة نددت بممارسات النظام السوري، احرق في خلاله المتظاهرون علماً لحزب الله تعبيرا عن احتجاجهم على العمليات التي يقوم بها داخل الاراضي السورية ضد المعارضين السوريين.
مجلس الوزراء
اما في السياسة، فلم يطرأ جديد بانتظار عودة الرئيس ميقاتي من الكونغو وربما من قطر، حيث يراهن على دور قطري لتهدئة الساحة الداخلية ودعي مجلس الوزراء امس الى جلستين في الاسبوع المقبل، تعقد الاولى في السراي الحكومي، والثانية الاربعاء في الموعد نفسه ولكنه في قصر بعبدا، على ان تخصص هذه الجلسة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، من جدول اعمال، في حين وزع على الوزراء جدول اعمال من 43 بنداً لجلسة السراي الثلاثاء، معظمها بنود ادارية، من ابرزها اعطاء اجازة ابوة وتعيين اساتذة بالساعة في التعليم المهني وبحث استراتيجية قطاع الصرف الصحي المقدم من وزارة الطاقة.
واوضح مصدر حكومي ان اقتصار جلسة الثلاثاء على بحث امور ادارية، وجلسة الاربعاء على سلسلة الرتب والرواتب، يعني ان الدفعة الثانية من التعيينات قد تتأجل الى الاسبوع الذي يلي الاسبوع المقبل. ومن ضمنها التشكيلات الديبلوماسية التي قال وزير الخارجية عدنان منصور امس انها ستطرح بعد اسبوعين، بالاضافة الى تعيين هيئة ادارة قطاع النفط والمحافظين.
فضيحة رومية
إلى ذلك، شكل آكتشاف فرار 3 عناصر من "فتح الاسلام" من سجن رومية، فضيحة بحذ ذاتها للقوى الأمنية المولجة بحراسة السجن، إذ ان الثلاثة فروا من السجن قبل شهر من دون أن يدري بهم أحد، وتوجهوا كما يبدو، إلى سوريا، حيث قتل أحدهم وهو السوري محمود فلاح في اشتباكات بلدة القصير السورية، في حين لم يعرف مصير الآخرين، وهما الفلسطيني محمد عوض والجزائري فيصل داود عقلة.
وانتقل قاضي التحقيق العسكري داني الزعني إلى رومية من أجل فتح تحقيق في الحادثة لتحديد المسؤوليات وتوقيف من يجب توقيفه من العسكريين، وذكرت معلومات أن "عملية الفرار حصلت بواسطة هويات مزورة
وفي إتصال لاحد السجناء قال: "أتوقع أن يكون عدد الهاربين من الطابق الثالث المخصص لـ"فتح الإسلام" أكثر من 3 وأن الوضع في المبنى بخطر، معتبراً أن "السجناء في الطابق الثالث مسجونون لدى "فتح الاسلام" وليس لدى الدولة".
غير أن مرجعاً أمنياً استبعد لـ"اللواء" المعلومات التي تحدثت عن فرار السجناء الثلاثة قبل شهر، أو ان أحدهم قتل في القصير، معتبراً ان هذه المعلومات تفتقر إلى دليل، مشيراً إلى ان التحقيقات قائمة لكشف جميع ملابسات الحادثة، بما في ذلك معرفة اذا كان تم تواطؤ من داخل السجن، واصفاً واقع سجن رومية بأنه مأساوي، خصوصاً وان غرفة بلا أبواب، لافتاً إلى ان الوضع غير قابل للضبط إلا من خلال خطة استراتيجية، لأن الترقيع لم يعد ينفع.  

السابق
الأنوار: سليمان: اطلاق طائرة حزب الله يؤكد الحاجة الى الاستراتيجية الدفاعية
التالي
الشرق: سليمان طائرة الإستطلاع تظهر الحاجة إلى الإفادة من المقاومة