استمر النقاش العقيم حول قانون الانتخاب في ملء الوقت الداخلي الضائع، في انتظار إنجاز توافق سياسي صعب، يبدو بدوره مرهوناً بما سيؤول اليه الوضع السوري، في الاشهر القليلة الفاصلة عن موعد الاستحقاق الانتخابي.
وفيما يعقد مجلس الوزراء جلسة، اليوم، سيكون من أبرز بنودها مشروع تعديل قانون صون الحق بسرية المخابرات، عاد الهمّ المطلبي الى الضوء، حيث استعر من جديد الجمر الكامن تحت مشروع سلسلة الرتب والرواتب، مع استئناف الكباش في شأنه بين الحكومة و"هيئة التنسيق النقابية"، التي قررت الاضراب والتظاهر، احتجاجا على عدم إحالة "السلسلة" الى مجلس النواب، في وقت تستمر الحكومة عالقة في" نفق التمويل"، تنتظر إيجاد المصادر الكفـيلة بتغطـية الكلفة المستجدة.
فقد أعلنت "هيئة التنسيق" عن تنفيذ إضراب في جميع المدارس والثانويات الرسمية والخاصة ومعاهد التعليم المهني والتقني وجميع الوزارات والإدارات العامة، في العاشر من الشهر الحالي، إضافة الى تسيير تظاهرة من الاونيسكو في اتجاه السرايا الحكومية، مشيرة الى أنه "يخطئ بعض المسؤولين والمرجعيات والهيئات الاقتصادية إن اعتقدوا ان هيئة التنسيق ستقف متفرجة أمام المحاولات المفتعلة لعرقلة احالة سلسلة الرتب والرواتب الى المجلس النيابي". وهددت "الهيئة" بانها ستلجأ الى تنفيذ خطوات تصعيدية ضاغطة وصولا الى الاضراب العام المفتوح، وتعليق العام الدراسي في القطاعين الرسمي والخاص، وشل القطاع العام بإداراته ومؤسساته كافة .
ميقاتي: ننتظر التمويل
في المقابل، قال الرئيس نجيب ميقاتي لـ"السفير" إن سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام لن تحال إلى المجلس النيابي، قبل إيجاد مصادر التمويل اللازمة، وإقرارها في مجلس الوزراء، مشيراً إلى ان أفضل حل لمنع التضخم والانعكاسات الاقتصادية للسلسلة هو تقسيطها، كما فعلت الحكومة.
وحول مصير بواخر توليد الطاقة الكهربائية، أوضح ميقاتي ان إبحارها في اتجاه لبنان ينتظر فتح اعتماد الدفعة الأولى او الدفعة المسبقة وقدرها 22 في المئة من كلفة اسـتئجار البواخر، وهو أمر يجري بحثه حالياً من أجل تأمين التغطية الماليــة الضروريـة لفتــح الاعتـماد حســب الاتـفاق مع الشـركة الـتركيـة. وتـوقع وصـول البواخـر في مهلة أقـصاهـا، نهايـة العـام الحالي ريثـما يتـم فتـح الاعـتـماد اللازم.
وفي سياق كهربائي متصل، علمت "السفير" ان إيران أبدت استعدادها لمد لبنان، عبر العراق وسوريا، بـ25 ميغاوات مجانا، ثم بـ200 ميغاوات أخرى يجري حالياً البحث في كيفية تسديد قيمتها.
اللجان المشتركة
أما على خط قانون الانتخاب، فقد سلمت اللجان النيابية المشتركة بعجزها عن حسم ماهية النظام الانتخابي وعدد الدوائر، تحت تأثير الانقسام الحاد في شأن هاتين النقطتين، والذي أخذ مداه خلال جلسة اللجان أمس، حيث سجلت مواجهات كلامية عنيفة بين عدد من النواب – ولاسيما بين ممثلي "حزب الله" و"تيار المستقبل" ـ اختلط فيها حابل الحسابات الانتخابية بنابل السلاح و"7 أيار"، وأحداث الشمال والطريق الجديدة وسقوط حكومة سعد الحريري وغيرها من الملفات القديمة، الأمر الذي دفع مصادر نيابية الى القول لـ"السفير" إن جو الاجتماع كان موبوءاً وسيئاً.
وإزاء عدم القدرة على البت بالبندين الملتهبين (النظام الانتخابي وعدد الدوائر وتوزيعها)، قررت اللجان المشتركة الهروب الى الامام عبر القفز عنهما، والبدء لاحقاً بمناقشة الاصلاحات الانتخابية، علماً ان نقاشات امس أظهرت تبايناً عميقاً حول النسبية، بينما بدا ان اقتراح "اللقاء الارثوذكسي" يمكن ان يشكل مساحة مشتركة بين مسيحيي الاكثرية والمعارضة، لاسيما بعد موقف النائب سامي الجميل غير المعترض عليه، في حين لم ينل مشروع الدوائر الصغرى تأييد أي من أطراف "8 آذار".
بري ـ مكاري
وعلمت "السفير" ان الرئيس نبيه بري تلقى اتصالا هاتفيا من نائب رئيس المجلس فريد مكاري الذي وضعه في أجواء نقاشات اللجان المشتركة، وأبلغه ان هناك ميلا لدى غالبية اعضاء اللجان لتأجيل البحث في عقدتي النظام الانتخابي وعدد الدوائر، لوجود قناعة بأن معالجتهما لا يمكن ان تتم إلا بالسياسة، وعبر مشاورات تجري خارج الإطار البرلماني المحض.
واقترح مكاري تشكيل لجنة نيابية فرعية تتولى متابعة هذا الموضوع، وإجراء الاتصالات السياسية اللازمة في شأن النقطتين العالقتين، على ان تواصل اللجان في الوقت ذاته البحث في البنود الأخرى من قانون الانتخاب، حتى لا يداهم الوقت النواب، فأبلغ بري مكاري موافقته على هذا الطرح.
الى ذلك، قال بري لـ"السفير" إن "ما يجري من نقاشات وسجالات حول قانون الانتخاب، في اللجان النيابية وخارجها، عبارة عن "دبكة سياسية"، يواكبها الكثير من الصخب المتوقع، وعندما ينتهي الجميع من إفراغ ما لديهم من مخزون، ويشعرون بالتعب، يمكن أن يبدأ الكلام المنتج، وعندها أقول كلمتي النهائية في هذا الموضوع".
مواقف متباينة
أما ميقاتي، فأكد لـ"السفير" أن مشروع النسبية، كما طرحته الحكومة هو افضل الخيارات الانتخابية المتداولة، وما يطرح غير ذلك لا يؤدي سوى الى كوارث وطنية، مشدداً على رفضه مشروع الدوائر الصغرى، ولافتاً الانتباه الى ان موقف بكركي أساسي في الملف الانتخابي، ولا يمكن تجاوز إرادتها بأي حال من الأحوال.
