السفير: بازار انتخابي.. على حساب الطائف

فُتحت أبواب "البازار الانتخابي" على مصراعيها، وبدأت "المقصات" تفعل فعلها في الجغرافيا اللبنانية، تبعا لمصلحة كل فريق وقياساته. ومن الواضح ان كل الاطراف نزلت بثقلها الى ميدان معركة قانون الانتخاب، حيث يتبارز النظام الاكثري مع النظام النسبي، والدوائر المتوسطة (اقتراح الحكومة) مع الدوائر الصغرى (مشروع "14آذار") والأصغر (مشروع "اللقاء الارثوذكسي")، فيما يبدو "اتفاق الطائف" الضحية الاولى لهذه المعركة بعد استبعاده عن السباق، الامر الذي جعل النقاش حول قانون الانتخاب متفلتا من أي ضوابط دستورية.
وفيما تبدأ اللجان النيابية المشتركة، اليوم، بمناقشة مشروع القانون المحال من الحكومة، بعدما أضيف اليه توقيع وزير الخارجية عدنان منصور، يتجه "مسيحيو 14 آذار" نحو التقدم باقتراح قانون يعتمد 50 دائرة انتخابية، وهو مشروع تبدو حظوظه ضعيفة في ظل المعارضة التي يواجهها من معظم مكونات الاكثرية.
الكباش المسيحي
وإذا كان النائب جورج عدوان قد اعتبر ان هذا التقسيم يحظى بموافقة كل افرقاء لجنة بكركي، إلا ان مصادر "التيار الوطني الحر" و"تيار المردة" أكدت لـ"السفير" ان عضوي اللجنة النائب آلان عون والوزير السابق يوسف سعادة، ليست لديهما أي فكرة حول هذا المشروع، ولم يسبق لهما ان اطلعا عليه. وأوضحت المصادر انه جرى نقاش في لجنة بكركي حول الدوائر الصغرى، لكنه لم يصل الى أي نتيجة، بسبب الخلاف على تقسيم كل الدوائر، باستثناء دائرة كسروان، بينما تم في المقابل التوافق على اعتماد النسبية في 15 دائرة، كواحد من الخيارات المتاحة.
وإذ أبدت المصادر استعدادها لحضور أي اجتماع جديد للجنة بكركي، يدعو اليه البطريرك الماروني بشارة الراعي، شددت على ان سقف "التيار الحر" و"المردة" يتراوح بين اعتماد مشروع النسبية في 15 دائرة، مع الاستعداد لاقناع الحلفاء به، إذا كان يراد لقانون الانتخاب ان يتمتع بحيثية وطنية، وبين مشروع "اللقاء الارثوذكسي"، إذا كان المطلوب تحقيق تمثيل مسيحي حقيقي من خلال دوائر صافية، "أما الطرح المتصل بالدوائر الصغرى فهو للتشاطر والتذاكي من قبل مسيحيي 14 آذار الذين فصلوا 50 دائرة على قياسهم، بما يخدم مصالحهم، وليس مصالح المسيحيين ككل".
من جهته، أوضح النائب بطرس حرب أنه سيقدم اقتراح قانون مع حزبي "الكتائب" و"القوات اللبنانية" على اساس دوائر صغرى يبلغ عددها خمسين، "بعد التشاور مع حلفائنا في " 14 آذار" لا سيما "تيار المستقبل"، علما ان اوساطا نيابية في "14 آذار" أبلغت " السفير" ان اقتراح القانون قد يكون مخالفا للدستور، لان قانون الانتخاب يندرج ضمن الامور الاساسية، التي يتطلب إقرارها أكثرية الثلثين في مجلس الوزراء، وبالتالي يجب ان يحال الى مجلس النواب بمشروع من الحكومة، وليس باقتراح نيابي.
بري يحذر من التفتيت
وفي المواقف، قال الرئيس نبيه بري لـ"السفير" انه دعا الرئيس فؤاد السنيورة، خلال اللقاء الاخير بينهما، الى ان يكون "اتفاق الطائف" منطلقا للبحث في أي تقسيم انتخابي. وإذ أوضح انه يجب ترك النقاش يأخذ مداه في اللجان المشتركة، أكد انه يعارض من ناحيته الدوائر الصغرى لأن من شأنها ان تفتت المفتت، وان تعزز نزعة التطرف في الخطاب والسلوك، بينما المطلوب ان نتجه نحو آفاق وطنية، أوسع تعزز منطق الاعتدال والانفتاح.
وكان النواب قد نقلوا عن بري الذي ترأس، أمس، جلسة لرؤساء ومقرري اللجان في عين التينة، قوله ان "أي قانون يجب ان يكون منسجما مع ما نص عليه الطائف"، وتأكيده انه لن يكون "ضد أي صيغة يتفق عليها المسيحيون".
جنبلاط يعارض "الصغرى"
أما النائب وليد جنبلاط فأبلغ "السفير" انه يسمع أفكارا كثيرة حول قانون الانتخاب، "لكن أحدا لم يتكلم معنا بشأنها"، مؤكدا ان الثابت الاساسي لديه هو: "لا للنسبية"، معتبرا انه "من غير المنطقي طرحها في مرحلة بلغ فيها الاصطفاف الطائفي والمذهبي ذروته"، ولافتا الانتباه الى ان "من المفارقات ان بعض القوى الطائفية هي التي تطرح النسبية".
وعن رأيه في الدوائر الصغرى، أشار جنبلاط الى انه يتفهم هواجس بعض المسيحيين، "ولكن السير في الدوائر الصغرى يرتب محاذير، من أبرزها انه يأتي على حساب الاختلاط". ونبه الى انه "كلما صغرت الدوائر، كلما اقتربنا من المشروع الارثوذكسي المرفوض والمستحيل، لانه لا بد في نهاية المطاف من الحفاظ على حد أدنى من الاختلاط الوطني في الدوائر الانتخابية"، معتبرا ان المخرج الافضل في الوقت الحاضر يكون في اعتماد قانون الستين".
..و"المستقبل" يؤيدها
من جهتها، قالت مصادر بارزة في "تيار المستقبل" لـ"السفير" ان "المعيار الاصلي بالنسبة الى "التيار" هو "اتفاق الطـــائف"، لكن بما ان هناك ما يحول دون اعتماد هذا المعيار حاليا، فان صـــيغة الدوائر الصــغرى هي الافضل تمثيلا بالمقارنة مع المشروع الارثوذكسي الذي من شأنه ان يؤسس لحرب داحس والغبراء ويحول الحياة السياسية الى مضارب للقبائل".
ورأت المصادر ان مشروع الدوائر الصغرى "افضل من طرح الحكومة (النسبية في 13 دائرة)، والذي يقف "حزب الله" خلفه"، مشددة على انه "من غير الوارد القبول بالنسبية في ظل السلاح، حتى لو جرى تقسيم الدوائر الى 90 دائرة، لأن سطوة السلاح تمنع الرأي الآخر في مناطق الحزب من ان يأخذ حجمه الحقيقي ويحقق اختراقا انتخـــابيا، في حين ان معارضي "تيار المستقبل" و"قوى 14 آذار" يمكن ان يستفيدوا من النسبية ليخترقوا اللوائح، وبالتالي فان تكافؤ الفرص غير متوافر".
وأوضحت المصادر ان "نواب 14 آذار" سيشددون خلال مناقشة مشروع الحكومة في جلسات اللجان المشتركة بدءا من اليوم على الآتي:
ـ رفض البند المتعلق بزيادة عدد النواب من 128 الى 134 نائبا، لانه مخالف للدستور، كونه ينص على توزيع الزيادة بين الطوائف، ولا يراعي نسبية التوزيع بين المذاهب.
ـ رفض طريقة إشراك المغتربين في الانتخابات، إذ ان المشروع يبقي المغتربين بعيدين عن التفاعل مع الوطن الام، ويحول دون تفعيل مشاركتهم في الحياة السياسية، كونه يلحظ إيجاد دائرة انتخابية خاصة بهم.
ـ رفض النسبية بشكل تام تحت السلاح.
وفي سياق متصل، أكد الرئيس فؤاد السنيورة خلال حوار مع "تلفزيون المستقبل" ليل أمس انه "مع أي قانون انتخابي يؤدي إلى إراحة المسيحيين، ولذلك ذهبت إلى البطريرك الماروني، وقلت له إذا كان قانون الدوائر الصغرى يريح المسيحيين سنسير به، ونأخذ بعين الاعتبار هواجسهم، ولكن بشكل لا يثير هواجس لدى الآخرين".
"حزب الله"
في المقابل، اعتبر عضو "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب علي فياض "أن كلا التصورين اللذين طرحهما فريق "14 آذار" لناحية الدوائر الصغرى او لناحية التمسك بقانون الستين، يتناقضان مع "اتفاق الطائف" تناقضا صارخا"، مؤكدا "أن التناقض في هذا الموضوع مسألة مرفوضة وسنواجهها".  
 

السابق
النهار: مشروع 14 آذار : 50 دائرة انتخابية تضم كل منها ما بين نائبين وثلاثة
التالي
مقتل طفل يشعل احتجاجات نادرة ضد حماس في غزة