بس… شوي شوي!

عندما نقول كلمة (تركيا) يخطر ببالنا فوراً المسلسلات التركية: سنوات الضياع ونور والعشق الممنوع… وما فيها من طبيعة ومناظر خلابة وغير ذلك من جمال الحياة، وسوف يدور تفكيرنا في حدود اهتمامنا وفي دائرة رغباتنا الضيِّقة، بينما لَمْ يُخْفِ البعضُ امتعاضَهُ من مقال كتبتهُ ونشر في «الراي» بتاريخ 8/4/2010م تحت عنوان: (من تركيا… شاورما وأرجيلة!) ويمكن الرجوع اليه، واعتبر آخرون أنني هاجمتُ آنذاك الصفحةَ الجديدة التي فتحتها سورية مع تركيا فكانت نواةً سياسيةً بين العرب وأنقرة، ولوناً اجتماعياً رائجاً قدَّمت فيه سورية الأتراكَ عبر دبلجةٍ درامية وعلاقات ثنائية سهَّلتْ للعثمانيين الجدد الدخولَ عبر سورية لكل بيت عربي، وأصبحت بذلك تركيا قِبلة السائحين العرب.

ولو افترضنا أن سورية تدفع اليوم ثمن انفتاحها على أنقرة في ولاية أردوغان فانه ليس غريباً أن تكون سورية في الخط الأول للمواجهة أمام أي خطر يهدد العرب، ولسنا في معرض الترويج لسورية فشهادتي فيها مجروحة، ولكن كانت سورية ومازالت محضن كل نهضة للعرب وصدق أحمد شوقي بقوله: (وعزُّ الشرقِ أوَّلُهُ دمشقُ)، أما تركيا في عُهدةِ أردوغان لم تستحقَّ دخولها الاتحاد الأوروبي بسبب فشلها قبل سنوات قليلة في اقناع سورية أن تقبل تسوية تصبُّ في صالح اسرائيل والتخلي عن شروطٍ سوريةٍ منها ضمان حق العودة للفلسطينيين مع الرجوع الى حدود 1967م، ولو نجحت تركيا بتلك الوساطة لصارت الابنَ المدللَ لأميركا طبعاً بعد اسرائيل، ولكن خرجت تركيا الى اخفاق آخر حين خسرت ولاءَ العرب لها مع أنها عزفتْ على وتر القضية الفلسطينية في حادثة أسطول الحرية وكلُّنا يذكر كيف تغنّى أردوغان بأجداده العثمانيين بعد العدوان على غزة، بذلك تكون تركيا قد أكَّدت فشلها التام في استعادة سلطتها التاريخية على العرب؛ ليس لأن العرب يرفضون الوصاية التركية من جديد ولكن لأنهم لا يرون في تركيا الاّ نور ولميس أبو شعر! تركيا ليس أمامها من سبيل لتبيض أوراقها لدى الغرب سوى تمرير ما يُطلب منها في ملف الأزمة السورية، والاّ.. تركيا أنتِ مُعاقبة: لا عضوية لكِ في الاتحاد الأوروبي، والعقوبة الأسوأ: أيها المقاتلون المرابطون في تركيا على الحدود السورية: للخلْف دُرْ، هيّا قاتلوا (الكفرة) العلمانيين أحفاد أتاتورك! والموضوع ولا أسهل عند عمَّتِكَ كلينتون، والفتوى للجهاد في تركيا أصلاً جاهزة، لذلك تركيا تحشد قواتٍ لها على الحدود مع سورية لتوفير منطقة لاستقبال المقاتلين العائدين من سورية الى تركيا بِخُفَّيْ حُنين وعدم السماح لهم بالتجوال في تركيا، والحشد الأمني والعسكري التركي من أجل ذلك فقط وليس لشيء آخر.

هناك وعلى الجانب الآخر من وطننا العربي الجريح، كيف يمكن حل مشكلة الأنفاق التي يتم تهريب كل شيء من خلالها من مصر الى غزة كي ترتاح سِت الكلّ اسرائيل؟ بسيطة تهاجم اسرائيل عبر أذنابها في سيناءَ التي لا يقاسِمُها أحدٌ الهيمنةَ عليها كما تنص معاهدة كامب ديفيد، تهاجم وتقتل حرساً من الجيش المصري ساعةَ الافطار في الشهر الكريم، وتم تنفيذ عملية العدوان على الجنود المصريين وأُشيرَ على الرئيس محمد مرسي بالتنسيق مع المجلس العسكري بأن الحل هو اقامة منطقة أشبه بالحرة ليمرَّ منها كل شيء مسموحٌ به بضبط مكتوب لضمان الحدود المصرية وفرصة لتصحيح الأوضاع الاقتصادية في غزة، وأهل غزة ومعهم حماس لن يتعاونوا بشأن محاولة اغلاق الأنفاق الاّ بذريعة كبيرة كقتل الجنود المصريين واثارة القضية وتكبيرها لضمان حلٍ جذري لمشكلة تهريب السلاح الى غزة، وهي خطة أشبه بمحاولة نزح سلاح حزب الله في لبنان، وحتى يبقى الرئيس المصري الجديد مقبولاً في الداخل المصري وحتى في غزة وأنَّ ما سيتخذه مستقبلاً هو ليس بأمر العسكر وهو خارج عباءةِ الجيش المصري بل قائدٌ للجميع، واتُّخِذَ قرارُ احالة المشير طنطاوي ونائبه الى التقاعد ليظهر الرئيس المصري بكامل صلاحياته مع بقاء القائديْن مستشاريْن للرئيس، وكلنا نذكر حين نزل الناس الى ميدان التحرير وتأخَّر خروج الرئيس مبارك باطلالته على المصريين كان المشير طنطاوي يومها في أميركا!! والأهم مما يحدث الآن هو ما بعد اغلاق الأنفاق! ورحم الله الشهداء.
أما المسلمون الجدد الذين وصلوا الى الحكم؛ ففي تونس مثلاً بعضهم مشغول بالمطالبة بتخصيص جارية لكل مواطن! وآخرون وقعوا في حيرة حول السماح للمرأة بارتداء المايوه على البحر أو منعها، وربما يتوصلون الى حلٍّ وسط: بأن تحافظ المرأة على مشاعر الآخرين، وتلبس المايوه بس… شوي شوي. اللهم إني صائم.  

السابق
الخارجية التركية: جهود كثيفة تبذل للإفراج عن تركي خطف في لبنان
التالي
معادلة سورية جديدة: سام مقابل ستينغر!