إيران في قلب الأزمة السورية


كان لافتاً التحرك الإيراني المكثف في المنطقة على مشارف عدد من التطورات الميدانية والسياسية ابرزها إعلان طهران مشاركة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في مؤتمر قمة «التضامن الإسلامي» الذي سيعقد في مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية، وتالياً حادثة خطف الإيرانيين الـ 48 على طريق مطار دمشق الدولي على أيدي إحدى المجموعات المسلحة في سورية، ويأتي هذا التحرك ليشكل دعما ماديا ومعنويا مباشرا للرئيس السوري بشار الأسد لاستكمال معركته التي اعتبرها الإيرانيون معركتهم بشكل مباشر.

ما قاله أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي في زيارته الأخيرة قبل يومين الى سورية، يدل بما لا يدع مجالاً للشك، على أن الجمهورية الإسلامية تقف على أهبة الاستعداد للتدخل مباشرة في الحرب التي تشن على سورية إذا ما دعت الحاجة الى ذلك، في وقت يؤكد الإعلان أن طهران «لن تسمح بكسر محور المقاومة الذي تعتبر سورية ضلعاً اساسياً فيه»، علما أن الأوضاع دخلت مرحلة الحسم الذي على ما يبدو بات عنوانه الأساسي محصوراً في ما ستؤول اليه الأمور في مدينة حلب شمال سورية، التي تستعد «للمنازلة الكبرى»، فيما يستمر الجيش السوري بحشد قواته مع إجراء عمليات «تمهيدية» يضع فيها الكثير من فنون القتال والتخطيط التي يختزنها في عقله العسكري.

ما قالته إيران تزامن مع تحرك «هجومي» باتجاه تركيا، ليس فقط على خلفية قضية المخطوفين الإيرانيين، وإنما في إطار تنسيق المواقف مع سورية حيال التورط التركي في كل ما يجري في سورية واحتضان تركيا كل عمليات التخطيط والتنفيذ للجماعات المسلحة هناك على كل المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية.
التصعيد في الموقف الإيراني جاء مدروساً بعد توافر الكثير من المعلومات حول وقوف تركيا خلف العديد من العمليات الأمنية، وعمل أجهزة مخابراتها على تنسيق عمل غرفة العمليات المركزية التي انشأتها قطر والولايات المتحدة على أراضيها، وصولاً الى دورها المباشر في عملية خطف اللبنانيين الـ 11 منذ نحو ثلاثة اشهر بعد ان كانوا دخلوا من أراضيها الى الأراضي السورية حيث تم الإبلاغ عنهم عقب عبور حافلتهم التي كانوا يستقلونها الحدود مباشرة، وذلك في محاولة لممارسة الضغوط على القيادة السورية وابتزاز قيادات لبنانية من اجل تحصين الوضع المعنوي للمسلحين الذين كانوا بدأوا يسجلون التراجع تلو الآخر بعد انهيار جبهتهم في حمص التي استمرت معركتها طويلا بشكل نسبي.

لقد أعلنت إيران قبل انطلاق مسؤوليها في جولة على المنطقة عن تقديم وديعة مالية بقيمة مليار دولار لسورية في وقت يشتد فيه الحصار الاقتصادي والمالي عليها، لتتكشف الأمور عن عمليات مالية تمت عبر مصرف «ستاندرد تشارترد» لصالح إيران في البنوك الدولية بقيمة 250 مليار دولار دفعة واحدة، ما يعني أن طهران استطاعت اختراق كل الإجراءات التي وضعتها المؤسسات الدولية في محاولة لإبعادها عن دعم سورية أولاً، وقبل التفكير بمسألة ملفها النووي الذي هو عنوان «تضليلي» للهدف الحقيقي من الحصار.

تقول مصادر دبلوماسية إن إيران تعتبر أن الوضع لم يعد يَحتمل ما يحاول التحالف العربي – الغربي فعله في سورية، وتالياً في المنطقة، بعدما كشف بشكل سافر عن نواياه تجاه محور المقاومة التي تشكل سورية العامود الفقري فيه، لذا قررت إيران من موقعها أن اللحظة باتت مناسبة للتحرك في موازاة التحرك الذي اضطلعت به روسيا منذ بداية الأزمة، فيما أعطت موسكو لنفسها «قسطاً من الراحة» في الأيام القليلة الماضية بعد إيصالها رسالة الى المجتمع الدولي والدول المعنية مفادها أن هذه الأخيرة لديها فرصة نهائية لسحب المسلحين وإعطاء التعليمات بوقف العمل المسلح لتجنيب حلب مجزرة ستكون تلك الدول وحدها المسؤولة عنها، لتدخل الأطراف بعد ذلك في حوار لإعادة بناء ما دمرته الحرب سياسياً واقتصادياً.

وتضيف المصادر ان اللهجة التي تستخدمها إيران غير مسبوقة بالتعامل مع كل الملفات التي تتصل بها، لذا فإن الموقف الإيراني الذي سيعلنه أيضا الرئيس نجاد من السعودية، منتصف الشهر الجاري، سيكون مفصلياً في انعطاف الأزمة سلباً أو إيجاباً في ما يبدو التحالف الغربي – العربي على موقفه المتعنت بالدفع نحو الانفجار.  

السابق
نظام الاسد انتهى وساقط لا محالة
التالي
الجيش المصري يُطهّر سيناء.. ورئيس المخابرات يؤكد علمه المسبق بالهجوم!!