سليمان_حزب الله: ساعة المواجهة تقترب

هناك "حرب باردة" بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان و"حزب الله" على الاستراتيجية الدفاعية والسلاح. لكنّ الحرب قد تصبح ساخنة عندما يتواجهان في جلسة الحوار المقبلة، المرهونة بقرار 14 آذار المشاركة أو المقاطعة. فالمواجهة بين الرئيس و"الحزب" رهن بقرار 14 آذار… إنّها مفارقة نادرة.

لا يتحمَّل "حزب الله" أن يفتح على نفسه جبهة أخرى مع رئيس الجمهورية، في موازاة الجبهة المفتوحة مع 14 آذار. وحتى اليوم، بقي "الحزب" من خلال قيادته وكوادره يتجنّب هذا المنزلق الذي يؤذيه ويستفيد منه خصومه. لكنّ استحقاق الجلوس إلى طاولة الحوار، والنقاش في ملفّات يختلف فيها الطرفان جذريّاً، يؤكّدان أنّ الحرب لا بدّ أنّها ستقع ذات يوم، وربّما اقتربت ساعتها.

سِجال الإفطارات وعيد الجيش بين سليمان والأمين العام لـ"الحزب" السيّد حسن نصرالله لم يكن سوى العلامات الأولى المسموح بظهورها إلى العلن، لكنّها تخفي كثيراً من الاختلافات في العمق. في النهار، يتعمّد سليمان توجيه الرسائل بنحو غير مسبوق حول الاستراتيجية والسلاح ودور الجيش "والدويلات على هامش الدولة".

وعند الغروب، يردُّ نصرالله: "إذا سلَّمْنا سلاح المقاومة للجيش، فأين سيضع الجيش هذا السلاح والصواريخ؟ (…) ومَن يتحدّث عن تسليم سلاح المقاومة للجيش يُضيّع المقاومة ويفرّط بالجيش".

وأكّد ما قاله النائب محمد رعد: "نحتاج إلى استراتيجية دفاع… واستراتيجية تحرير". وهذا التباين سيتحوّل مواجهة في جلسة بيت الدين، في حال انعقادها، لأنّ رئيس الجمهورية سيكون أمام استحقاق التزامه الوعود والتعهّدات التي قطعها لفريق 14 آذار وسواه، بأنّ النقاش في الاستراتيجية والسلاح سيكون جدّياً.

تلقُّف كرة النار… وإطفاؤها!

في الأيّام الأخيرة، بذل سليمان جهوداً استثنائية لإزالة العقبات التي تُعطّل الحوار، وهو نجح في تسليم "داتا" الاتّصالات. وعليه مسؤولية في إثبات جدّيته في التصدّي لملف الاستراتيجية والسلاح. وهنا سيكون الاصطدام مع "حزب الله". وسيحاول "الحزب" تلقُّف كرة النار الرئاسية تمهيداً لإطفائها تدريجاً مثلما فعل حتى اليوم.

فهو لا يريد في أيّ شكل أن يستعدي رئيس الجمهورية في ظرف دقيق داخليّاً وسوريّاً، والأرجح أنّه سيحاول تأجيل النقاش المعمّق في الملفّ، جلسة بعد أخرى، لعلّ ظروفاً تطرأ وتسمح بإقفاله.

وكان "الحزب" نجا من المواجهة مع سليمان في الجلسة التي كانت ستُعقد في 24 تمّوز، والتي تمّ إرجاؤها بسبب تعليق فريق 14 آذار المشاركة. ففي تلك الجلسة، كان مقرّراً أن يطرح رئيس الجمهورية تصوُّراً مكتوباً ومتكاملاً للاستراتيجية الدفاعية. ووفقاً للمعلومات، إنّ تصوُّره يراعي موقفي 14 آذار و8 آذار، لكنّه يؤكّد مرجعية الدولة وجيشها ومؤسّساتها من دون سواها.

وهو يضع الأسس لطريقة التعاطي مع السلاح ودوره ومناطق انتشاره، إضافة إلى سبل إنهاء إشكاليّات السلاح الفلسطيني. وبناءً على القرارات التي خرجت بها الجلسة السابقة، سيكون ملفّ الاستراتيجية هو الوحيد المطروح للبحث، والتصوّر الرئاسي هو المنطلق للنقاش فيه.

إلّا أنّ "الحزب" بادر منذ 25 حزيران، تاريخ انعقاد الجلسة الأخيرة، إلى شنّ حملات وقائية لإقفال الطريق على التصوُّر الذي سيطرحه رئيس الجمهورية. والنائب رعد لم ينتظر انتهاء الجلسة ليدعو إلى "استراتيجية تحرير" بدلاً من "استراتيجية دفاع".

فهل تنعقد جلسة 16 آب، أم يقاطعها فريق 14 آذار فتتعطّل؟

هذه المرّة أيضاً، سيكون التعطيل هديّة لـ"حزب الله"، لأنّه سينقذه من المواجهة المحتومة مع تصوُّر رئيس الجمهورية. وصحيح أنّ سليمان معروف بأنّه ليس شخصاً صِداميّاً، لكنّه بات في مواجهة استحقاق الجدّية في الحوار. ولا يمكنه تبرير الدعوة إلى هذا الحوار ما لم يُظهِر أنّه في حجم المسؤولية. وحتى الشيخ أحمد الأسير، رفَع اعتصامه بناءً على وعود بأن تكون مناقشة ملف السلاح في جلسة الحوار المقبلة جدّية… وإلّا "فسنعود إلى اعتصام ثانٍ وثالث وعاشر".

إذا طار الحوار مجدّداً، فسيكون متعذّراً إثبات الجدّية من جانب الرئيس… والمماطلة من جانب "حزب الله". فهل سيسهّل فريق 14 آذار انعقاد الحوار، "استثنائيّاً ولمرّة واحدة" على الأقلّ؟  

السابق
شراء الأسلحة
التالي
تسوية المياومين تحت سقف بقاء الحكومة