المستقبل : الحريري ناشدت أهل المدينة “رفض كل أشكال العنف والاقتتال”

من صيدا جنوباً إلى طرابلس شمالاً توالت الشواهد الميدانية على غياب الحكومة عن اللبنانيين وهمومهم ومشاكلهم، وتركهم لحال سبيلهم المزري. لكن وإن كانت الاشتباكات التي جرت في عاصمة الشمال مساء محدودة ولُجمت بتدخّل من الجيش، فإنّ معالجة أوضاع عاصمة الجنوب ستبقى في خانة المجهول رغم تداعي فعاليات المدينة إلى رفع الصوت في وجه محاولات الفتنة والخراب.
وكانت التطوّرات الخطيرة التي شهدتها صيدا أمس وليل الخميس الجمعة استدعت تحركاً سريعاً واستثنائياً من قِبَل النائب السيدة بهيّة الحريري شمل لقاءات مع فعاليات المدينة السياسية والدينية والاقتصادية وانتهى إلى توجيهها نداءً إلى الصيداويين والرأي العام اللبناني شدّدت فيه على غياب الحكومة عن ما يحصل فيها وعدم انتدابها أحداً "للوقوف على مطالب المعتصمين كما جرى في مدن أخرى من حوارات ولقاءات مع كل المعتصمين"، وأكدت أنّ الأيام القليلة الماضية شهدت تطوّراً للأمور باتجاه "لا نقبله أبداً، من اشتباكات واعتداءات على صيدا وأهلها، ما ينذر بكارثة كبيرة لا تزال الحكومة تنأى بنفسها عنها". وناشدت الجميع "التزام الحرص على أبناء البيت الواحد والعائلة الواحدة والمدينة الواحدة" داعية أهل صيدا إلى "رفض كل أشكال العنف والاقتتال والتعدّي واحترام حق التعبير السلمي لكل المكوّنات السياسية من دون أن يتعارض ذلك مع مصالح المدينة وسلامتها".
وأسفرت حركة التشاور الواسعة التي جرت عن توافق على عقد لقاء موسع في دار البلدية غداً الأحد من أجل إصدار موقف موحّد باسم المدينة في مواجهة استمرار اعتصام وتحرّكات الشيخ أحمد الأسير، على أن يلي ذلك إعلان الاضراب العام يوم الاثنين.
سعد
واثر استقباله النائب السيدة الحريري، قال رئيس "التنظيم الشعبي الناصري" أسامة سعد "إنّ اعتصام جماعة الأسير شكّل ضرراً كبيراً على مدينة صيدا على كل الصعد"، مشيراً إلى أنّ النقاش مع السيدة الحريري "كان حول الوسائل والسبل التي يمكن أن تتخذها صيدا لحماية أمنها واستقرارها ومنع الفوضى"، مؤكداً أن الرأي العام كله في صيدا "يعترض على استفزازات الأسير".
ويُشار إلى أنه وبعد ليل حافل بحوادث الاعتداء والتخريب، استفاقت المدينة أمس على سلسلة تحرّكات لشباب من "التنظيم الشعبي الناصري" ومن بعض القوى اليسارية ضدّ اعتصام الأسير، ونفذ عشرات الشبان اعتصاماً عند "مستديرة المرجان" قطعوا خلاله طريق البولفار الشرقي بالاتجاهين بالأطر المشتعلة، وأطلقوا هتافات مناهضة للأسير ومستنكرة تلكؤ الحكومة عن إنهاء اعتصامه المفتوح عند مدخل صيدا الشمالي منذ أكثر من شهر. وانتقلت عدوى التحرّكات تباعاً إلى عدد من شوارع وساحات المدينة فأغلقت طريق القناية وساحة النجمة والقياعة بالأطر المشتعلة. قبل أن يُعاد فتحها لاحقاً من قِبَل الجيش اللبناني الذي نفذت وحدات منه انتشاراً واسعاً في المدينة.
وترافق ذلك مع اتخاذ مجلس الأمن الفرعي قراراً بمنع المسيرات والاعتصامات والتحرّكات على الطريق البحرية "منعاً لحصول إشكالات أو أحداث أمنية من شأنها أن تؤثّر على السلم الأهلي والاستقرار العام وتكليف القوى الأمنية المختصة مؤازرة الجيش وسائر القوى الأمنية تنفيذ مضمون هذا القرار على أن يتم إبلاغه من قِبَل قوى الأمن إلى الجهات المعنية".
وعلمت "المستقبل" أنّ المجلس أوفد أحد ضباط قوى الأمن الداخلي إلى الأسير برسالة واضحة بأنّه يحظر عليه التظاهر أو قطع الطريق على البولفار البحري لكن ردّ الأسير على هذا القرار لم يتأخّر كثيراً، حيث توجّه بعد أدائه صلاة الجمعة في ساحة الاعتصام الدائم عند مدخل صيدا الشمالي في تظاهرة لمناصريه إلى الطريق البحرية، مفاجئاً القوى الأمنية التي سبقته إلى المكان لتنفيذ قرار مجلس الأمن الفرعي.
طرابلس
وفي طرابلس، سُجلت مساء اشتباكات متفرّقة وصفتها مصادر أمنية بأنها "إشكال بين أولاد في حارة البقار" امتدت لاحقاً إلى مناوشات بين باب التبانة وجبل محسن عمل الجيش على لجمها والرد على مصادر النيران.
مناشير
وفي سياق متصل، أثار وضع مناشير في منطقة القبيات في عكار تتضمّن تهديدات وعبارات مستهجنة، استياءً عارماً وعاماً في كل المنطقة، التي تستعد لاستقبال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الشهر المقبل.
وقلل النائب هادي حبيش من أهمية الحادثة مشيراً إلى "أنّ الذي كتب هذه المناشير ليس له علاقة بالدين الإسلامي"، ولفت إلى أنه "عمل مدسوس ومحاولة تصيب أموراً عدة: أولاً للتأثير على احتفالات عيد السيدة التي يتم تحضيرها في بلدة القبيات، وثانياً توجيه رسالة لزيارة البطريرك الراعي، وثالثاً لضرب العيش المشترك والوحدة الوطنية في عكار".
واستنكرت "القوّات اللبنانية" في عكار أيضاً "الأعمال المدسوسة من خلال رمي بعض البيانات المجهولة المصدر في بلدة القبيات والتي لم تعد أهدافها خافية على أحد، وهي بالتالي لم ولن تُرهب أحداً"، واعتبرت "أنّ اللعب على وتر العيش المشترك والواحد في عكار لم يعد ينطلي على أحد، وأنّ كل الأحداث التي مرّت بها المنطقة ولبنان لم تنل من هذا العيش المشترك قيد أنملة".
"الداتا"
وفي ملف "داتا" الاتصالات، أكدت مصادر وزارة الداخلية لـ"المستقبل" أنّ الوزير مروان شربل وقّع على 4 طلبات متعلقة بـ"الداتا" بما فيها الـ"Imsi". وأنه يعتبر "أنّ الأهم هو منع الاغتيالات، لأنّ أي اغتيال يعرّض البلد لفتنة، وأمن البلد عبر قياداته أهم من كل الأمور المتصلة باعتراض المخابرات الشخصية".
ولفتت المصادر إلى أنّ الوزير شربل طلب من مجلس الوزراء الموافقة على تركيب أجهزة جديدة في غرفة اعتراض المكالمات في الطابقين الثاني والثالث من مبنى وزارة الاتصالات بحيث تخوّل تلك الأجهزة الأمنية الحصول على الـ"داتا" من دون مراجعة أي طرف.  

السابق
الديار: صيدا تغلي.. والجيش فصل بين الاعتصامين
التالي
الأنوار : اشتباكات مسلحة في طرابلس واقفال طرق في صيدا