بلغاريا: أين ايران في القصة؟

 حتى قبل أن يكون واضحا مع حصل في بورغاس ومن نفذ العملية، وجه في القدس اصبع الاتهام الى ايران. ومع أن حزب الله ذكر أيضا في الموضوع، وبالاساس لان المنظمة تبحث عن الثأر على مقتل قائدها العسكري عماد مغنية، ولكن رئيس الوزراء سارع الى ان يقرر بان كل العلائم تبين أن ايران تقف خلفها.
دون ان نعرف في هذه المرحلة ما هي تلك العلائم، ثمة قدر من المبرر في هذا القول. فمنذ 1984، وايران تصنف في كل سنة في وثيقة رسمية تصدرها الادارة الامريكية كالدولة الاكثر ضلوعا في الارهاب في العالم. وقد نالت ايران عن جدارة هذا اللقب لسبب مزدوج. اولا، في ايران يوجد جهاز كبير ومرتب لتنفيذ العمليات الارهابية، يتبع في طرفه الزعيم الروحي خمينئي الذي يتخذ القرارات في تنفيذ العمليات الهامة. الذراع التنفيذي لهذا الجهاز هو منظمة القدس، التابعة للحرس الثوري والتي تستعين بأجهزة الاستخبارات الايرانية. ثانيا، حجم أهداف الارهاب التي تعمل ضدها ايران واسع جدا. وتتضمن هذه الاهداف تلك التي تعتبر اعداء للنظام، ولا سيما من أوساط قدامى نظام الشاه ومحافل المعارضة التي تعمل في ايران نفسها وخارجها، اهداف في الدول العربية والاسلامية التي يوجد لايران مصلحة بالمس بها، اهداف في دول غربية واهداف اسرائيلية ويهودية.
في منتصف التسعينيات طرأ انخفاض ما في حجم الانشغال الايراني بالارهاب لعدة اسباب، بينها: عدد خصوم النظام من أوساط رجال الشاه قل كون الكثيرين منهم صفوا أو فروا؛ في العام 1988 انتهت الحرب العراقية الايرانية؛ في 1992 انفجرت قضية تصفية رجال معارضة أكراد على ايدي الاستخبارات الايرانية في مطعم ميكونوس في برلين. في هذه المرة القي القبض على المنفذين الايرانيين وفي اثناء محاكمتهم كشفت أجهزة الامن الالمانية النقاب عن مواد واسعة عن النشاط الارهابي الايراني، مما أحرج الايرانيين. كل هذا، والعملية في البرجين التوأمين في 2001 ألزم الايرانيين بالوقوف في الظل. ولكن تقليص الدور الايراني في الارهاب لم يطرأ بالنسبة لاسرائيل.
بالعكس، لايران مصلحة متزايدة للمس باسرائيل، لعدة اسباب. أولا، اسرائيل تساعد حزب الله بالسلاح والوسائل القتالية، بالتخطيط، باستغلال شبكات الارهاب واستخدام السفارات الايرانية في العالم لغرض نقل الوسائل، الحماية والفرار. ومثلما كانت ايران جهة مركزية، بتعاون وثيق مع حزب الله، في تنفيذ العمليتين الارهابيتين ضد اهداف اسرائيلية ويهودية في الارجنتين في التسعينيات كانتقام على مقتل زعيم حزب الله في حينه، فان لها اليوم مصلحة في مساعدة المنظمة على الانتقام على مقتل مغنية. ثانيا، يوجد لايران اليوم مصلحة خاصة بها لتنفيذ العمليات ضد اسرائيل. فايران قلقة من تصفية علمائها النوويين ومن تشويش منظومات الحواسيب في البرنامج النووي، والتي تنسب الى اسرائيل، وهي تبحث عن السبل لردعها. فضلا عن ذلك تسعى ايران الى أن تجسد لاسرائيل بان أعمالا ارهابية بحجم واسع ستكون جزء من ردها، اذا ما هاجمت اسرائيل منشآتها النووية.
رغم وعد زعماء اسرائيل بان يدهم ستنال منفذي العملية في بلغاريا، فان الامر ليس بسيطا. فحتى معاقبة حزب الله تتطلب الحذر من مغبة رد فعل زائد، فما بالك بان الحديث يدور عن ايران. كقاعدة، اسرائيل، ومثلها دول اخرى، لم تعاقب ايران ابدا ردا على دورها في الارهاب وذلك لان اسرائيل ايضا قابلة للاصابة في هذا المجال، وليس لها مصلحة في أن تفتح حرب ارهاب ضد ايران. رد اسرائيل على ايران، اذا ما جاء، يتعين ان ينظر فيه في السياق الواسع للصراع ضد الايرانيين، ولا سيما ضد برنامجهم النووي. 
 

السابق
ملابس تصنع من الحليب!
التالي
رمضان: برمجة ضخمة عبر الشاشات اللبنانية