هل اتفقت واشنطن وموسكو على حلّ سيُظهّره أنان؟

بعدما غاب المبعوث الأممي كوفي أنان عن مؤتمر «اصدقاء سوريا» الباريسي، انسجاماً منه مع دوره كوسيط لا يريد ان يظهر في معسكر من دون آخر، عاد الرجل ليسرق الاضواء مجدداً، حين زار دمشق والتقى الرئيس بشار الاسد، واعلن عن خطة لوقف العنف «خطوة خطوة» اتفق عليها مع الرئيس السوري.

ولم يكتف أنان بزيارته دمشق، بل حرص على زيارة طهران ايضاً ليُترجم عملياً رأيه بضرورة إشراك ايران في أي مسعى لحلّ الازمة السورية، وكان لافتاً اختياره بغداد محطة ثالثة في زيارته المشرقية، ما جعل بعض الظرفاء يعلقون على جولته بالقول: "يبدو ان أنان قد انضمّ الى جبهة الممانعة والمقاومة، ولم يكن ينقص جولته الّا زيارة لمارون الراس وإلقاء خطاب في بنت جبيل".

لكن المطّلعين يدركون أن أنان لا يفعل ذلك عبثاً، فهو على علاقة وثيقة بالإدارة الاميركية، ولا يخطو بعيدا من دون الرجوع اليها. ويبدو ان ادارة الرئيس باراك اوباما ذاتها، التي تواجه حرباً شرسة بسبب موقفها من الازمة السورية، تدرك أن خصومها الانتخابيين، وغير الانتخابيين، يريدون لها ان تتخذ موقفاً عملياً واضحاً في الأزمة السورية، فإمّا ان تتورط في تدخل عسكري في سوريا يُنهي فرَص اوباما في الفوز بولاية ثانية، وإمّا ان يُبقي موقفه من النظام السوري في إطار المواقف السياسية والعقوبات الاقتصادية.

ولذلك، تنبري أصوات "جمهوريّين"، كمنافسه ميت رومني والسيناتورين جون ماكين وجوزف ليبرمن، لتدعو الى محاسبة اوباما بسبب تخلّيه عمّا سمّوه "القيم والمثل الاميركية".

فإدارة اوباما المرتبكة، حسبما يقول سياسيون، قد تكون اتفقت مع روسيا الاتحادية على حلّ في سوريا يتولّى أنان تظهيره، فإذا نجح استفاد اوباما من نجاحه، وإذا فشل يكون بريئا منه.

لكن سياسيين آخرين يخشون من ان يكون وراء اندفاعة أنان في اتجاه سوريا وحلفائها، مجرّد فخ جديد يسعى من خلاله المبعوث الاممي الى ان يربح بعض الوقت من أجل تمرير مساعدات للمعارضة السورية المسلحة التي، على ما يبدو، تواجه أوضاعاً صعبة في مناطق سورية عدة، خصوصا بعدما فشلت في ما كان يسمّى "معركة دمشق" التي كانت تعدّ لها، وجهّزت لها اكثر من 30 الف مقاتل موزّعين بين احياء العاصمة السورية وريفها.

ولذلك، فإنّ هؤلاء السياسيين يدعون الى الحذر من خطوات أنان المقبلة، وينتظرون، بحذر ايضاً، كلمته في الأمم المتحدة على رغم ان معظم المراقبين لا يعتقدون ان المبعوث الاممي سيقول امام مجلس الامن شيئا لم يقله في مناسبات عدة.

ويلاحظ المراقبون انّ "الإيقاع مضبوط" بين انان والقيادة الروسية ومعها الصين، وهما الدولتان الكبيرتان اللتان ما زالتا تدعمان مهمته في سوريا، في وقت ترتفع فيه اصوات التشكيك بهذا الرجل ومهمته ودوره في محاولة للابتزاز واضحة، فإمّا ان يسير كما يشتهي اصحاب هذه الأصوات ويريدون، واما ان يُعتبر داعما للنظام السوري.

فهل يصمد انان امام الابتزاز كما يتوقع كثيرون، خصوصاً ان له في الموقف الروسي ما يشجّع على هذا السلوك، لا سيما ان خطته ذات النقاط الست تُصرّ على ان يتمّ الحل السياسي في آخر المهمة وليس في أوّلها، وبمشاركة الأسد وليس بعد التنحية؟

ولقد لفت المراقبين تصاعد الحديث عن تسليح المعارضة السورية في اوساط اعلامية غربية، بما في ذلك كلام انان نفسه، الذي لمّح الى ضرورة ان توقف الدول المعنية إرسال سلاح ومال وتحريض اعلامي الى بعض المعارضين في سوريا.

فهل يغيّر أنان المعادلة التي تحاول مؤتمرات "اصدقاء سوريا" المتنقلة ان ترسمها؟ ام انه سيجد نفسه أمام طريق مسدود تنفتح بعده ابواب جهنم على سوريا والمنطقة كلها؟
الجواب عن هذا السؤال سيحمله قابل الأيام…  

السابق
لماذا الحلف الروسي مع الاسلام الشيعي؟
التالي
المعارضة السورية تحاور الأسد