اللواء: الحكومة اليوم أمام خيارين: إحالة قضية عبد الواحد إلى العدلي أو دفع عكار للعصيان

يواجه مجلس الوزراء تحدياً اليوم، لا يتعلق بمشاركة وزراء التكتل العوني في الجلسة، بل في قدرة المجلس الذي ينعقد عند الخامسة من بعد الظهر في القصر الجمهوري في بعبدا، على اتخاذ قرارات لا تسمح بعودة التجاذب إلى داخل قاعة الجلسات، عند كل مفصل أو قضية تُطرح على جدول الأعمال.
وإذا كانت قضية "داتا" الاتصالات وجدت طريقاً الى المعالجة مع تحقيق تقدّم في التحقيقات في محاولة اغتيال النائب بطرس حرب، وحذف مشروع الموازنة عن النقاش القاطع في الجلسة، فإن موضوع إحالة مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد ورفيقه الشيخ محمد حسين مرعب، في المطالبة العكارية والشمال، إلى المجلس العدلي، قد تشكّل نقطة تجاذب بين وزراء الرئيس نجيب ميقاتي المتحمّس للإحالة ووزراء عون الرافضين لقرار من هذا النوع.
ولم يُعرف موقف الكتل الأخرى، إلا أن مصادر مطلعة توقّعت أن يتعاطف وزراء جبهة "النضال الوطني" مع مطلب الإحالة، من دون أن يُعرف ما سيكون عليه موقف وزراء الثنائي الشيعي "أمل" و"حزب الله"، وإن كانت قناة "المنار" استبقت الجلسة بنقل موقف وصفته بالقانوني لوزير العمل سليم جريصاتي لم يرَ فيه شروطاً متوافرة لإحالة قضية الشيخين إلى المجلس العدلي، على اعتبار أن القضية تمسّ المؤسسة العسكرية، وليس الأمن القومي.

ومهما تكن نتائج المداولات في الجلسة، فإن المهرجان الشعبي الذي نُظّم في بلدة البيرة العكارية، مسقط رأس الشيخ عبد الواحد، حمل إنذاراً واضحاً لجهة تصعيد التحرّك، أو حصول ما هو غير متوقّع كما قال النائب خالد الضاهر إذا لم تسحب القضية من يد المحكمة العسكرية وتُحال إلى المجلس العدلي قد يصل إلى حدّ العصيان المدني، والاعتصام أمام منزل الرئيس ميقاتي، وأمام السراي الحكومي.
وأكد مصدر حكومي أن الجلسة قائمة في موعدها في بعبدا، سواء حضر وزراء تكتل عون أو لا، حيث أن جميع الوزراء حرصوا على العودة من سفرهم لتأمين النصاب، لكي لا تتكرر الحالة التي حصلت الثلاثاء الماضي مع الوزير علاء ترّو الذي تسبّب سفره في عدم اكتمال النصاب، إلا أن المعلومات المتوافرة لدى السراي تُفيد بأن وزراء التكتل يتجهون إلى المشاركة، رغم أن الكلمة الأخيرة في هذا المجال تبقى للنائب ميشال عون الذي سيترك إعلان موقفه للربع الساعة الأخير.

وحرص هؤلاء الوزراء أمس على إشاعة أجواء تميل إلى الإيجابية، وإلى أن المقاطعة ليست أبدية ولا مشروطة، وأتت لتسجيل موقف على ما حصل في مجلس النواب، وأنهم يفصلون بين أزمة مجلس النواب حول قانون المياومين والمشاركة في الجلسات الحكومية.
وأوضح المصدر الحكومي أن البند الأمني سيُطرح من خلال ثلاثة عناوين هي: الوضع على الحدود في ضوء الحادث الذي حصل ليل الجمعة والسبت وأدى إلى سقوط ثلاثة قتلى في وادي خالد من جراء قصف مدفعي سوري تجاوز الحدود، والوضع في عكار في ضوء تداعيات إخلاء سبيل العسكريين المتورطين بقتل الشيخين، وأخيراً إيجاد حل لمسألة "داتا"الاتصالات في ضوء محاولة اغتيال النائب حرب.
ولاحظ المصدر أن الجو العام داخل الحكومة يميل إلى رفض إحالة قضية الشيخين إلى المجلس العدلي، على اعتبار أن أكثرية الوزراء ضد الإحالة، لكنه كشف بأن العمل يجري حالياً على إيجاد مخرج قانوني يتم التداول فيه بين رئيس الحكومة ووزير العدل، من خلال استئناف القرار الذي أصدره قاضي التحقيق العسكري بإخلاء سبيل العسكريين، من قبل النيابة العامة الاستئنافية.
وكان النائب ميشال عون قد أعلن في العشاء السنوي الذي اقامته هيئة الشوف في "التيار الوطني الحر"، رفضه لاحالة قضية الشيخين على المجلس العدلي، معتبراً أن العدالة لا تكون في الشارع، ولان ما يحصل غير مقبول لأنه يهدف إلى المس بمعنويات الجيش، لافتاً الى أن هناك محكمة عسكرية مخولة احقاق العدالة في هذه القضية.

لكن مصادر نيابية في تيّار "المستقبل" لفتت النظر إلى انه إذا كانت قضية مقتل الشيخين، مثلما حدثت لا تمس الأمن القومي، بحسب قانون المجلس العدلي، فان التداعيات التي أعقبت الجريمة، وما يمكن أن يحصل في عكار من تطورات باتت تمس أمن الدولة، وتستوجب بالتالي معالجات على مستوى رفيع قبل ان يحصل ما لا يحمد عقباه، خصوصاً وأن اللقاء الوطني الإسلامي الذي اجتمع ليل الجمعة في منزل النائب معين المرعبي في طرابلس، ولجنة ورثة الشيخين التي انعقدت السبت في فندق "كوالتي إن" واجتماع "هيئة العلماء المسلمين" مع اللقاء التشاوري المستقل وأشقاء الشيخ عبدالواحد في دائرة أوقاف عكار في حلبا امس الأحد، اجمعوا على امهال الحكومة إلى اليوم لاحالة القضية على المجلس، وبالتالي فإن عدم اتخاذ قرار الاحالة اليوم سيشكل صدمة كبيرة للمعنيين، عبّر عنها النائب ضاهر في لقاء البيرة، الذي تخوف من فتنة بين اهل عكار والجيش اللبناني لمصلحة النظام السوري، مشيراً الى ان "الجيش بني بدموع امهاتنا في عكار فلا يزايدن علينا احد في محبة الجيش"، لافتاً إلى انه بين العسكريين الموقوفين من لم يستعمل السلاح في حادثة مقتل الشيخ عبدالواحد ودافع عن الموكب، مؤكداً اننا "لن نسيء إلى امن أحد ولن نقطع الطرقات بل سنعبّر بسلمية وهدوء وبحزم وعزم، وغداً (اليوم) وعدنا بأن القضية ستطرح على مجلس الوزراء، وننتظر قيام عدالة وفق القانون وتحت الدستور لينال المجرم عقابه".

قصف وادي خالد
وعلى خط عكاري آخر هدأ الوضع في منطقة وادي خالد امس بعد القصف الذي تعرضت له البلدات والقرى اللبنانية من الجيش السوري وادى إلى وقوع ثلاث قتيلات و10 جرحى ودمار كبير في مساكن اللبنانيين ومراكز النازحين السوريين في خرق متواصل للسيادة الوطنية اللبنانية".
ونددت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون "بشدة" في بيان بـ "سقوط قذائف مدفعية سورية (امس الاول) السبت على الجانب اللبناني من الحدود مع البلدين الذي تسبب بسقوط قتلى وجرحى"، ورأت ان عمليات "التوغل هذه يجب ان تتوقف فوراً".
ودعت اشتون "النظام السوري إلى احترام وحدة وسلامة أراضي جيران وسيادتهم؛، مشددة على ان "وحشية النظام كانت لها عواقب مأساوية في سوريا انما ايضا تداعيات خطيرة في الدول المحاذية ومنها لبنان".
وقال الرئيس سعد الحريري أن قتل مواطنين لبنانيين وجرح عشرة آخرين على يد قوات النظام السوري في شمال لبنان هو أمر لا يمكن القبول به.
واضاف الحريري عن هذا الأمر هو أمر مرفوض أكثر، فهو يظهر عدم احترام كامل لحياة مواطنينا ولسيادتنا على أراضينا.
واعتبر الحريري أن أقل ما يفترض من أي حكومة أن تفعله هو أن تسجل شكوى لدى سفير النظام السوري في لبنان، إن لم يكن لدى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
وكان أحصي سقوط ما يزيد على العشرين قذيفة تباعاً من الساعة الواحدة وحتى الثالثة من فجر السبت، أدت إلى مقتل الشابة ناديا العويشي 19 سنة في حي المحطة ومقتل الطفلة انتصار أحمد شحادة (8 سنوات) وإصابة طفلين هما أحمد ومصطفى المكحل.
كما سقطت قذيفة على منزل بري شحادة في قرية العوادة أدت إلى اصابة ابنتيه، وجرح الطفلة عبير علي المكحل بشظية قذيفة سقطت في قرية الكلخة التي استهدفت بأكثر من 7 قذائف، كما سقطت قذيفة هاون بالقرب من مسجد رجم عيسى، وتم نقل القتيلتين والجرحى وعددهم ستة إلى مستشفى سيدة السلام في القبيات. 

السابق
عكار: ساحة حرب عالمية معقدة
التالي
الشرق الأوسط: حزب الله: سنحمي حلفاءنا بكل طريقة ممكنة وتوجه لمشاركة الوطني الحر بجلسة مجلس الوزراء