سيناريو بدء حرب الـ75 يتكرّر اليوم؟

ربما لا تعرف الأجيال اللبنانية الجديدة حقيقة الحرب الأهلية التي خاضها أهلهم والتدخّل السياسي والعسكري الفلسطيني فيها ثم الاسرائيلي. كما قد لا يعرفون دور "المايسترو" الذي مارسته سوريا منذ عام 1969 والذي تابعه رئيسها الراحل حافظ الاسد بعد توليه السلطة ولمدة 30 سنة. كان الدور التلاعب بكل الشعوب اللبنانية ومعها بالشعب الفلسطيني الذي لجأ بعضه الى لبنان عام 1948، وأتى بعضه من الاردن بعد أحداث عام 1970. أما الهدف فكان وضع اليد على لبنان، ومن خلاله على قضية فلسطين بغية التحوّل لاحقاً الرقم الصعب في المنطقة في السلم كما في الحرب. من أجل ذلك أخلى الأسد لبنان من العرب الآخرين ونجح بدهائه في المحافظة على علاقاته الجيدة بمعظمهم. وبسبب عدم المعرفة المشار اليها تلاحظ أجيال الحرب السابقة اندفاع ابنائها وحماستهم لخوض حرب جديدة كثيرة الشبه بها رغم اختلاف العناوين. علماً ان بعض الأجيال السابقة لا يقل حماسة عن الشباب في هذا المجال.
ما الدافع الى هذا الكلام؟
تعرّض فلسطينيين مقيمين في "مخيم نهر البارد" للجيش اللبناني بعد حادث مع أحد حواجزه قبل ايام. لكن الحادث لم يمر على خير، إذ أعقبته صدامات مع الجيش المقيم في منطقة "البارد" تحولت لاحقاً وفي "مخيم عين الحلوة" الملاصق لصيدا الجنوبية محاولة للسيطرة على الحواجز العسكرية اللبنانية الثابتة على مداخله. وإذا كان الحادث الأول عفوياً فإن الشكوك في عفويته كثيرة وكبيرة. طبعاً نحن لا نريد صب الزيت على النار. وكنا دائماً مع قضية فلسطين شرط ان لا تكون على حساب لبنان وسيادته والعيش المشترك فيه، وكنا مع إعطاء "فلسطينيين" حقوقهم الانسانية كي يستطيعوا أن يصمدوا بكرامة ريثما يحين أوان عودتهم الى بلادهم المغتصبة. لكن ما جرى وفي ظل التداعيات اللبنانية للثورة السورية على نظام الاسد وخصوصاً في لبنان الشمالي، لا نستطيع، ومعنا كثيرون، إلا أن نطرح تساؤلات بكل صدق وشفافية تتناول الفلسطينيين كما اللبنانيين الموزعين على شعوب متناحرة ومتحاقدة ومتخابثة عملياً رغم جهرها بما يخالف ذلك. أما أبرز التساؤلات فهو الآتي:
1- هل صحيح ما يقوله الفلسطينيون "اللبنانيون" منذ إخراج اسرائيل "منظمة تحريرهم" من لبنان عام 1982، ومنذ انتهاء "عزّهم" العسكري فيه وتحكّمهم بأقسام واسعة منه على يد سوريا حافظ الاسد وهو: إننا ارتكبنا أخطاء في لبنان… ونحن الآن ضيوف… ولا نتدخل في شؤون لبنان… ولن نكون مع طرف ضد آخر في محنة لبنان الراهنة التي قد تتحوّل في وقت غير بعيد ربما حرباً مذهبية؟
2 – هل يقع اللبنانيون وخصوصاً السنّة منهم في الخطأ نفسه الذي وقعوا فيه منذ بدء تحوّل المخيمات الفلسطينية في لبنان قلاعاً مسلحة عام 1969؟ أي هل يتعمدون إغراء الفلسطينيين للوقوف معهم في معركة "حقوقهم" مع الداخل، تماماً مثلما أغرى الفلسطينيون السنة اللبنانيين بمساندتهم عام 1975 في معركة تحصيل حقوقهم من المسيحيين؟ علماً ان المسلمين كلهم صاروا لاحقاً رعايا باعتبار ان الكلمة النهائية انتقلت الى الفلسطينيين! والسنّة اليوم يشعرون بغبن وخوف في آن واحدة من إخوتهم الشيعة بسبب سلاحهم وارتباطهم بأجندة ايرانية وأسدية؟
3 – طبعاً لا يشعر الشيعة اللبنانيون بالخوف من الداخل جراء قوتهم الديموغرافية والعسكرية، لكنهم قد يقلقون من "سنّية" "الربيع العربي" وخصوصاً اذا نجح في النهاية رغم الدماء التي تسيل يومياً في سوريا وقد تسيل في دول أخرى. فهل يدفعهم كل ذلك الى التصرف على طريقة اخوتهم المسيحيين عام 1975؟ طبعاً لا يبدو هؤلاء مضطرين اليوم للجوء الى "الشيطان"، لأن عندهم "شيطانهم" في نظر السنّة ومسيحيين آخرين. فضلاً عن ان ايديولوجيتهم الدينية – السياسية حيال اسرائيل ثابتة وغير قابلة للتعديل. لكن ماذا لو ضُرِب "شيطانهم"، وأُعيد الى العصر الحجري كما يُقال غرباء؟ وماذا لو جرّهم السنّة والفلسطينيون والأسد من اسلاميين وغير اسلاميين الى حرب داخلية تفقدهم هالتهم الاسلامية والعربية واللبنانية جراء مواجهتهم العسكرية الناجحة لاسرائيل؟
4 – هل يشعر مسيحيو 14 آذار بالاطمئنان بعد بدء "الانتشار المنظم" لأصوليي السنّة على الساحة اللبنانية، وبعد بروز احتمال سيطرتهم على الساحة السنية؟ وهل يشعر مسيحيو 8 آذار انهم شركاء فعلا لـ 8 آذار الذي يقوده الشيعة، ولا ينتابهم قلق من طموحاتها وشعبها في ظل الخلل في ميزان العدد والسلاح؟ 
 

السابق
دو فريج: المرحلة المقبلة صعبة جدا على لبنان
التالي
وهبي: الحكومة لوعت اللبنانيين ولا بد من رحيلها