النهار: الجيش يرفض تخفيف إجراءاته تحت الضغط وفد من مسيحيي 14 آذار يزور بكركي غداً

مع أن مشهد الاطارات المشتعلة والطرق المقطوعة في معظم مناطق لبنان في "ثورة" الاحتجاجات على أزمة الكهرباء المستفحلة يكاد يختصر وحده الواقع الداخلي، برزت أمس ملامح تقدم في احتواء توترات المخيمات الفلسطينية بفعل معالجات موضعية وميدانية كانت محور مفاوضات كثيفة بين الجيش والفصائل الفلسطينية في كل من مخيمي نهر البارد وعين الحلوة.

وإذا كانت كارثة انقطاع التيار الكهربائي تنذر بعاصفة سياسية يقول مطلعون إنها ستحط رحالها في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء في 27 حزيران الجاري، وخصوصاً في ظل غياب رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ووفد وزاري من اعضائه وزير الطاقة والمياه جبران باسيل عن البلاد، فإن مجمل هذه التعقيدات لم تحجب حركة ديبلوماسية غربية حيال لبنان هدفها دعم الخطوات الآيلة الى تخفيف انعكاسات الأزمة السورية عليه.
وتأتي في هذا السياق الزيارة التي يقوم بها اليوم لبيروت وزراء خارجية كل من بلغاريا نيكولاي ملادينوف وبولونيا رادوسلاف سيكورسكي وأسوج كارل بيلت. وأوضح مصدر ديبلوماسي أوروبي في بيروت لـ"النهار" أن الزيارة تهدف الى تأكيد الدعم الأوروبي لجهود السلطات اللبنانية في الحفاظ على استقرار لبنان، خشية تمدد انعكاسات الأزمة السورية عليه، وكذلك دعم الحوار الوطني الذي أطلقه رئيس الجمهورية ميشال سليمان.

وفي السياق نفسه علمنا ان اتصالات تجري بين بيروت وباريس تمهيداً لزيارة يقوم بها الرئيس سليمان للعاصمة الفرنسية في نهاية حزيران الجاري أو مطلع تموز المقبل، مع العلم أن تحديد الموعد رهن بأجندة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المرتبط بمواعيد دولية وبزيارة سيقوم بها للجزائر في الأسبوع الأول من تموز.
وأفادت المعلومات المتوافرة أن زيارة سليمان ستكون مناسبة لتهنئة نظيره الفرنسي بانتخابه، في ضوء رغبة هولاند في انطلاقة جديدة للعلاقات الثنائية بين فرنسا ولبنان. وكان الرئيسان تبادلا وجهات النظر في مكالمة أجريت بينهما أخيراً وقدم خلالها الرئيس الفرنسي تعازيه الحارة بوفاة عميد "النهار" غسان تويني الى الرئيس سليمان. وعلم أن الرئيسين بحثا في تدهور الوضع في سوريا وتأثيره المقلق على لبنان وباقي المنطقة. وأكد هولاند لسليمان أن فرنسا وحلفاءها في الأسرة الدولية يرفضون انتهاك سيادة الدول المجاورة لسوريا، وأشاد باستقبال لبنان السوريين اللاجئين اليه هرباً من القمع، وذكر بأن المجموعة الأوروبية وضعت في تصرف لبنان مساعدات بقيمة 10 ملايين أورو. كما نوّه بدعوة الرئيس سليمان الى الحوار الذي وصفه بأنه ضروري أكثر من أي وقت مضى. ويتوقع أن يدعو الرئيس سليمان خلال زيارته لباريس الرئيس الفرنسي الى زيارة لبنان.

وقبل أيام من الموعد المحدد لجلسة الحوار في 25 حزيران، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون بمعاودة الحوار في لبنان. وصرح الناطق الرسمي باسم الأمم المتحدة مارتن نيسيركي بأن "الأمين العام يرحب بمبادرة الرئيس ميشال سليمان الى اعادة اطلاق الحوار الوطني ويشجع القيادات السياسية في لبنان على مواصلة عملها في هذه العملية المهمة ويتطلع الى الجولة المقبلة المقررة في 25 حزيران". وأضاف أن بان رحب أيضاً بالاعلان المشترك الذي صدر عقب اجتماع الحوار الوطني الذي انعقد في 11 حزيران. وقال: "ان الأمم المتحدة تعتقد أن الحوار الوطني يمكن أن يلعب دوراً مهماً في نشر الاستقرار وبسط سلطة الدولة"، مشدداً على أن "التزام الزعماء السياسيين في لبنان صون البلاد من اثر التوترات الاقليمية في هذا الوقت العصيب يكتسب أهمية خاصة".

الجيش والمخيمات

في غضون ذلك، أبلغتنا مصادر عسكرية أن المخيمات شهدت أمس هدوءاً في موازاة اتصالات التهدئة التي تجري متابعتها من اجل اعادة الأوضاع الى طبيعتها، خصوصاً أن لا مصلحة لأحد في توتيرها أول في اراقة الدماء. وأوضحت "أن اجراءات الجيش وتعليماته هي هي، أما المطالبة بتخفيف الاجراءات فلا يمكن أن يتم تحت الضغط ويحتاج الى مناخ ثقة، علماً أن الجميع شاهدوا كيف اقتحم مركز للجيش في مخيم نهر البارد وجرح ثلاثة من عناصره واحرقت سيارة عسكرية". وأضافت ان "افتعال المشاكل مع الجيش التي لا تخدم أحداً جعل من الصعب تخفيف الاجراءات بل فرض اتخاذ اجراءات وتشديدها". لكنها أكدت ان "مراعاة الظروف الانسانية تؤخذ في الاعتبار وتحتاج الى مناخ ثقة".
وقالت: "إن الجيش يتصرف على أنه أم الصبي ويحاول بالتي هي أحسن أن يحافظ على وجوده وهيبته وعلى الوضع الامني، خصوصا ان الساحة اللبنانية مفتوحة على كثير من عوامل التفجير المحلية والخارجية. وصحيح ان الجيش مغطى سياسيا من رئيس الجمهورية والحكومة والمجلس الاعلى للدفاع، لكن أحدا لم يرفع صوتا ضد ما تعرض له من اعتداء وهو يواجه اليوم وحيدا وكأن ثمة استقالة جماعية للمسؤولين في البلد".
ويشار في هذا السياق الى ان محطة "الجديد" التلفزيونية نقلت عن مصدر عسكري مساء أمس ان 40 جنديا جرحوا في مخيم عين الحلوة نتيجة الاعتداءات عليه و18 جنديا جرحوا في مخيم نهر البارد.

الحريري و14 آذار

وسط هذه الاجواء بدا ان الملفات الامنية وأزمة الكهرباء ستثقل على الحكومة في المرحلة المقبلة وخصوصا في ظل استفحال ظاهرة قطع الطرق التي شهدت أمس موجة أخرى في أكثر المناطق.
وعلمنا ان وفد 14 آذار برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، الذي زار السعودية للتعزية بولي العهد الامير نايف بن عبد العزيز، عقد اجتماعا موسعا مع الرئيس سعد الحريري مع عشاء عمل تخلله بحث في الاوضاع الداخلية من كل جوانبها مع التركيز على الازمات المعيشية المتردية "والآفاق غير المشجعة للحوار في مقاربة تنفيذ القرارات السابقة والتطرق الى السلاح غير الشرعي".
وصرح النائب مروان حماده لـنا بأن "مستلزمات الاستقرار الامني تسقط أمام المشاهد التي تظهر من المخيمات الى الطرق الى اندثار الدولة بكل مرافقها مما يطرح السؤال: هل يركز اللبنانيون اليوم على الحوار ومواضيعه أم على وجوب معالجة حياتهم اليومية بأصغر تفاصيلها والتي تتعرض لعدوان حكومي غاشم حيث لم يبق من الخدمات شيء ولا من السياحة شيء ولا من فرص العمل فرصة ولا من الوضع المالي بارقة أمل".
وعلى خط آخر، وانطلاقا من اعلان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع اخيرا ان ثمة جديدا على صعيد العلاقة مع البطريركية المارونية، علمنا ان وفدا من مسيحيي قوى 14 آذار سيزور بكركي غدا لمناقشة الاوضاع مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وابداء وجهة نظر هذه القوى فيها. وعلم ان عضو كتلة "القوات" النائب ايلي كيروز تولى اتصالات مع الصرح البطريركي تمهيدا للقاء.

الطرق والكهرباء

أما في موضوع قطع الطرق وأزمة الكهرباء، فبرزت امس ملامح موقف مشترك لرئيس مجلس النواب نبيه بري و"حزب الله" من موضوع قطع طريق المطار، اذ أكد بري "العمل للحؤول دون قطع هذه الطريق الحيوية تحت أي مسمى"، مشيرا الى ان اتصالات بالجهات المعنية جرت وتجري لهذه الغاية.
وأفادت مصادر مواكبة لهذا الموضوع أن حركة"أمل" و"حزب الله" شعرا بخطورة استمرار قطع الطرق ولا سيما منها طريق المطار، واصدرت مرجعيات دينية فتوى بتحريم هذه الظاهرة عممتها الحركة والحزب على الهيئات المدنية والبلديات لالتزامها. وقالت ان هذه الخطوة بدأت تعطي مفاعيلها منذ بعد ظهر أمس.
غير أن قطع الطرق احتجاجا على انقطاع الكهرباء لم يتراجع حتى ساعات الليل في مناطق عدة من الشمال الى الجنوب. وشهدت مؤسسة كهرباء لبنان امس اعتصاما لنقابة العمال والمستخدمين في المؤسسة احتجاجا على تصرفات المياومين وتضامنا مع المدير العام للمؤسسة كمال الحايك.
 

السابق
السفير: الحكومة تتكهرب: جنبلاط يهاجم داماد عون
التالي
عكس السير