هل سيستيقظ اللبنانيون؟

حجم الجرائم التي أصبحنا نسمع بها كل يوم يُنذِر بأخطار جسيمة تُهدِّد أمن المجتمع اللبناني واستقراره، خصوصاً في ظل الوضع السياسي الاستثنائي الذي تخوض غماره المنطقة. وليس ما نشاهده ونراه من اعتداءات متواصلة على المواطنين وأملاكهم في كل أنحاء البلد إلا مقدّمة لهزّات أمنية وسياسية قد تعصف بلبنان في أي وقت، وذلك في ظل غياب شبه تام للدولة ومؤسساتها.

في كل مرة يتأكد للجميع عجز الدولة وأجهزتها الأمنية عن الإمساك بالوضع وحماية الناس سواء في الطرقات أو في متاجرهم أو حتى في بيوتهم.
فلم يَعُدْ مستغرباً أنْ يُقتل المواطن في الشوارع أو يُعتدى على امرأة ولو كانت برفقة زوجها أو تُسلب سيارات الناس من قِبل عصابات مسلحة وقطاع طرق، فهذه أشياء صارت بمثابة اليومي في حياتنا والعادي وربما الطبيعي أيضاً.
بالمقابل لا نسمع أبداً عن عصابة تم توقيفها أو مجموعة إجرامية ضُبِطَ أفرادها أو مجرم أخذ عقابه الذي يستحقه بعد تقديمه للمحاكمة.

هذا الاختلال في الميزان يجعل المجرمين يتمادون في أعمالهم الإجرامية ما دام الحسيب والرقيب غائباً تماماً ومشغولاً عن مسؤولياته في أمور أخرى لا تمت إلى مصالح الناس بأي صلة، ومَنْ يدري بماذا سنتفاجأ غداً أو بعده إنْ كان للمفاجأة مكان بعد في قاموسنا.
إنّ تقصير الدولة عن واجباتها فاق كل الحدود التي يمكن تصوّرها وأصبح أوضح من أنْ يُشار إليه بالبنان، فكل شيء يدل على غياب هذه الدولة وعلى قصر يدها وضعف حيلتها في تأمين حياة الناس وطمأنتهم على مستقبلهم وأرزاقهم.
ويا ليت الدولة عندنا ظلّت في موقع المتفرّج المحايد، لكان الأمر أهون بكثير مما هو عليه الآن حيث تلعب في كثير من الأحيان دور المتواطئ والمشارك في عمليات الاحتيال والتزوير وتعريض حياة المواطنين للخطر.
فهل سيستيقظ اللبنانيون قبل أن يفوتهم «الربيع العربي»؟   

السابق
مقدمات نظرية للمجزرة
التالي
محبة الناس للحسيني