لماذا لم ينشق الديبلوماسيون السوريون بعد?

إن عدم إنشقاق أي ديبلوماسي من داخل وخارج سورية عن نظام الأسد, يعد قرينة على وجود تواطؤ دولي معه, فالعاملون بالسلك الديبلوماسي يعلمون أكثر من غيرهم, ما وراء الكواليس من علاقات ومصالح سرية بين الدول العظمى والنظام السوري. ولو علم هؤلاء أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الاوروبي باستثناء العدوين الروسي والصيني, جديون في التخلص من نظام بشار, فإنهم لن يغامروا في البقاء بمركبه الغارق, ولكن عدم انشقاقهم حتى الآن, وتراخي المجتمع الدولي أو بمعنى أصح مجلس الأمن عن حماية الشعب السوري, يحملنا على القول بوجود تآمر دولي, محاوره طهران والعواصم الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي, محمولا على قرينة عدم انشقاق الديبلوماسيين السوريين, فالعالم لم ينس بعد صمت المجتمع الدولي عن قمع الخامنئي للثورة الخضراء في إيران.
إلى أن تثبت الدول الخمس الدائمة العكس من ذلك, بأن تدعم تسليح الجيش السوري الحر, وهو ما حذرت واشنطن السعودية وقطر منه, والجدية في تحذير الروس والصينيين من تسليح نظام دمشق, وتوفير المناطق الآمنة لتمكين الراغبين بالإنشقاق من الانضمام للمنشقين, والعمل على منع ميليشيات المالكي ومقتدى من التدفق على سورية, كما أن الروس والصينيين يحسبون لغضبة الاميركيين ألف حساب, وهو ما لم يحسبوه لها في الشأن السوري, فهذه أدلة على جدية العالم المفترض بأنه متحضر, تجاه الشعوب الملتزمة معهم بإتفاقات حضارية, لم تصنها الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن.
إما ارسال السفير الفرنسي أو الأميركي لدرعا أو حماة, وسحب سفير وطرد سفير النظام السوري من هنا أو هناك, وتوسل موسكو وبكين الموافقة على إدانة حليفهم السوري, لم يعد مقنعا لأحد, فيوغوسلافيا أكبر صلة من دمشق في روسيا, ومع ذلك مسحت واشنطن بكرامتهم الأرض, وإن ارسال كوفي عنان لن يحل مشكلة, فهو أي عنان وحين كان أمينا عاما, لم يحل مشكلة لكي يحل مشكلة سورية, وهو مبعوث لبان كي مون, والقول بحزمة عقوبات اقتصادية, والليرة السورية لا تزال متماسكة إلى حد ما, كلها تثير من هلع الشعوب من نوايا الدول دائمة العضوية, والدول العربية منها تحديدا.
فمن قتل نظام الاسد وحسن نصر اللات ابنه وأهله, لن يمانع أن ينظم إلى أي تنظيم تكفيري, وأعرف سوريا من درعا قتل أبنه, وأسمع أنه لم يعد لبيته حتى الآن, لأن الصمت الدولي قد كفر الأفراد بكل القيم, فلا تلوموا "القاعدة" وأي فكر تكفيري, إن انتشر بين أهل سورية والعراق وغيرهما, فقتل الأحبة بطرق شنيعة, وبلا ذنب جنوه إلا مطالبتهم بحقهم بالحياة الكريمة, سيؤدي إلى خروج أعزائهم, لطلب من يعينهم على الثأر لضحاياهم, وهنا الحواضن الإرهابية جاهزة, فلا فائدة من توعية الناس من مخاطر الإرهابيين, فالجهود تكمل بعضها بعضا, فما لم يتم حماية القيم والمثل العليا من تصحر المصالح الذاتية, لن ينتصر المجتمع الدولي على الإرهاب, لأن إرهاب الحكومات هو من أنتج إرهاب الجماعات.
ولما تقدم لن نراهن على إنشقاق السلك الديبلوماسي السوري, ما لم تتبدل المواقف الدولية, وهي التي بدأنا نحسها, مع تبدل الخطاب الروسي بعد مجزرة الحولة, ورغبة بكين بفتح مكتب للمجلس الوطني, والمشجع أكثر مناورات "الأسد المتأهب" على الحدود الأردنية -السورية, ودخول دمشق على خط الإضرابات بعد حلب, والله نسأل أن يعجل في بلوغ الثورة السورية غايتها.
ذاكرا ً لكم رؤية منامية رأيتها ودونتها في الثامن من مايو الماضي, رأيت فيها لوحة عليها 26/ 6 باللون الأصفر وسط سواد, فسألت عن معناه في المنام, فسمعت من يقول آخر يوم لبشار الأسد في الحكم, وعاشت سورية ويسقط نظام أسد وليس الأسد.   

السابق
ربيع ولو في الصين
التالي
واشنطن تسعى لإعادة الوضع السوري إلى «المربع العسكري»