المستقبل وحده يريد إسقاط الحكومة

تيّار المستقبل مصر على إسقاط الحكومة. ورغم تحفظ حلفائه، فإن النشوة التي أصابته نتيجة ما فعله جمهوره الخارج عن سيطرته في الشمال وبيروت، تدفعه إلى السعي للإطاحة بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي. إصرار التيار الأزرق ربما يستند إلى «فورة» الجمهور، أو الى رسالة الملك السعودي، أو الى زيارة جيفري فيلتمان الأخيرة

اتخذ تيار المستقبل قراراً حاسماً بالمضيّ في موضوع إسقاط الحكومة، فيما يتروّى كل من القوات اللبنانية والكتائب والأطراف الأخرى في 14 آذار. ستعقد هذه القوى اجتماعاً لها عند الثالثة من بعد ظهر اليوم «بهدف توحيد خطابها السيّاسي، بعدما غاب التجانس عنه في الآونة الأخيرة»، بحسب تأكيد مصادر قيادية بارزة في هذا الفريق. يأتي هذا اللقاء في وقت تظهر قوى 14 آذار مرتبكة ومنقسمة إزاء التطورّات السياسية والأمنية الأخيرة، لمحاولة الخروج بموقف موّحد من ملفين: الحكومة والسلاح غير الشرعي. هذا في العلن، أمّا في المضمون فيبدو أن هناك غياباً للتنسيق، حيث عكست المواقف تبايناً، لا سيما بين المستقبل وحليفيه، القوات والكتائب.

حتّى يوم أمس، تضاربت المعلومات حول حقيقة المواقف. صحيحٌ أن قرار إسقاط الحكومة من قبل المعارضة، بحسب المستقبل، كان قد «اتُخذ منذ اللحظات الأولى لتشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تحت سقف المؤسسات»، إلا أن هذا القرار ما لبث أن تراجع التوافق حوله بين التيّار الأزرق وحلفائه.
التّوافق حول حضور الإجتماع اليوم بات مؤمناً. إلا أن التوحّد في وجه الحكومة لم يتوفّر بعد.
المستقبل ماض في قراره إسقاط الحكومة التي حمّلها مصدر قيادي بارز فيه «مسؤولية كلّ ما حصل في الأيام الأخيرة» مؤكداً أن «موضوع الإطاحة بها سيُطرح بقوة على طاولة الإجتماع الذي سيبحث التطورات الأمنية والسّياسية الراهنة، ويستشرف المرحلة المقبلة». وأكدت المصادر المستقبلية أن الظروف الدولية والإقليمية باتت مؤاتية للإطاحة بالحكومة، لافتة إلى ان «ما كان يُطرح سابقاً عن تأليف حكومة تكنوقراط برئاسة ميقاتي، لم يعد مقبولاً من قبلنا اليوم، ونحن نريد حكومة حيادية». ونفت المصادر أن يكون «أمر عمليات» هذا التوجه قد صدر في برقية الملك السعودي التي بعث بها إلى رئيس الجمهورية، أو في اللقاء الأخير الذي عقد مع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية مطلع الشهر الجاري. التوقيت، بحسب المصادر نفسها، مرتبط حصراً بـ«المد الشعبي الذي شهدته منطق الشمال».
ولفتت المصادر المستقبلية إلى «أننا لا نطلب تأليف حكومة قوى 14 آذار، بل حكومة محايدة تشرف على الانتخابات، رئيسها وأعضاؤها غير مرشحين». وعلمت «الأخبار» أن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري كان قد وضع النائب وليد جنبلاط في أجواء التحضير لهذا التوجه خلال اتصالهما الأخير، إلا أن جنبلاط لم يبدُ حاضراً لخطوة كهذه. إلا ان مصادر المستقبل قالت إن «جنبلاط سيقتنع بالنهاية، وكذلك حزب الله الذي ربما سيوافق على إسقاط الحكومة مقابل حصوله على طاولة الحوار».
بدوره أكّد نائب المستقبل محمّد الحجار لـ«الأخبار» أن «هناك إصراراً على المُضي في إسقاط الحكومة، حيث ستكون للمعارضة خطوات ديمقراطية في البرلمان والشارع لتحقيق هذا الهدف».
وفي المقابل، أكّد نائب القوات اللبنانية أنطوان زهرا أن «إجتماعاً سيحصل عمّا قريب»، لكنه «سيكون إستكمالاً للإجتماع الأخير الذي عقدتهُ قوى 14 آذار في معراب لإعادة إطلاق ورشة تنظيمية لفريقها، وتوحيد الموقف بعد درس الوضع القائم لا سيما أداء الحكومة والإضطرابات الأمنية».
وفي الموازاة، تقاطَع موقف الكتائب مع القوات. سيلبّي الحزب الدعوة التي وُجّهت إليه لحضور اللقاء في منزل الرئيس سعد الحريري في وادي أبو جميل، كما أنه كان سيُلبّيها لو كانت في معراب. لكن الموقف من الحكومة «لا يُمكن حسمه قبل عقد اللقاء»، بحسب ما أكد نائب رئيس الحزب سجعان القزي لـ «الأخبار». فالكتائب، أيضاً، «ينتظر ما ستؤول إليه النقاشات الموّسعة لمواجهة المرحلة المقبلة المليئة بالتحديات في ضوء ما تعكسه الساحتان الأمنية والسياسية». يرفض القزّي إعلان موقف أخير من إسقاط الحكومة «بانتظار القرار الموحّد الذي سيخرج به البيان بعد الإجتماع».
يبدو واضحاً، من المواقف غير المتوائمة، أن التطورات الأمنية الأخيرة فرملت سياسة الجناح المسيحي في 14 آذار، خصوصاً بعدما حُشر هذا الجناح في موقع المحرج أمام جمهوره. في وقت إرتفعت فيه حنجرة جنرال الرابية ميشال عون دفاعاً عن المؤسسة العسكرية التي ينظر إليها هذا الجمهور على أنها الضامن الوحيد لاستقرار البلاد. يجِد المستقبل نفسه اليوم في موضع إعادة «تلميع» صورته أمام حلفائه، فرُغم المواقف المكثفة التي خرج بها دفاعاً عن المؤسسات الأمنية والعسكرية، إلا أن الصورة الأخيرة لطرابلس وعكار، حيث معقل المستقبل، كانت أشد تأثيراً. الأمر الذي سيضع التيار الأزرق موضع تساؤل عن المواقف التي خرج بها بعضُ نوابه، لا سيما تلك المتعلّقة بالجيش وإنتشار السلاح في أيدي العناصر التابعة لهم. وإذ يحاول المستقبل محو آثار التطورات الأخيرة عن علاقته بحلفائه، يتبيّن اليوم أنه ثمّة تمايزات مهمة بدأت تطلّ برأسها. هذه التمايزات التي، بحسب قيادي بارز سيشارك في الإجتماع اليوم، «ستُظهر إنقساماً واضحاً»، خصوصاً أن «قوى في 14 آذار تبلّغت من نواب المستقبل مضيّهم في قرارهم على اعتبار أن بقاء الحكومة سيودي بالبلاد إلى الحرب الأهلية». وفي وقت عكس نواب المستقبل تخوّفهم من تطوّر الأمور نحو الأسوأ نتيجة ممارسات الحكومة ومحاولتهم إقناع القوى الباقية بأن ما حصل في الشمال مؤامرة هدفت الى إشعال فتنة سنّية ــــ سنّية، وزرع الإنشقاق في 14 آذار، جاء الرّد بأن «للقوى المسيحية هواجس كثيرة ستطرحها خلال اللّقاء وأنّ الموقف من إسقاط الحكومة يحتاج إلى مزيد من النقاش، إذ لا يحتمل البلد في ظل الصراع المتصاعد أي نوع من الفراغ».  

السابق
مسؤول عسكري: الشمال يتعافى..
التالي
منصور: التحقيق في خطف اللبنانيين يسير بشكل سري والامر يحتاج الى وقت