النهار: السعودية تحذّر من الحرب وتعطي دفعاً للحوار

بعيداً من الواقع الامني المأزوم، والذي اكمل مشهده الميداني أمس، اقدام مجموعات من الضاحية الجنوبية على اقفال طرق وحرق اطارات، رداً على خطف 11 لبنانيا في مدينة حلب السورية، بدا الوضع السياسي اكثر حرجاً في ظل انكفاء اضافي لاجهزة الدولة، وتسخير المسؤولين امكاناتهم لتعزيز واقع شارعي.
لكن القلق الابرز اثاره تحذير العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، من "حدوث فتنة طائفية" داعيا الى عدم خدمة مصالح اطراف خارجيين "لا يريدون الخير للبنان". وإذ ناشد كل الاطراف "تغليب مصلحة الوطن اللبناني" مبديا قلقه من "استهداف احدى الطوائف الرئيسية التي يتكون منها النسيج الاجتماعي اللبناني"، دعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى "التدخل، نظرا الى خطورة الازمة وإمكان تشعبها لاحداث فتنة طائفية في لبنان، واعادته لا قدر الله الى شبح الحرب الاهلية، وضمن الاطار العام لمبادرتكم ورعايتكم للحوار الوطني وحرصكم على النأي بالساحة اللبنانية عن الصراعات الخارخية، وخصوصا الازمة السورية المجاورة لها".
ورأت مصادر في قوى 14 آذار في قراءتها رسالة الملك عبدالله الى الرئيس سليمان، ما يتجاوز حدود الدعوة الى الحوار، انها بمثابة تبليغ عربي ان استمرار الوضع على ما هو في ظل الحكومة الحالية غير ممكن. اما الدعوة الى الحوار في رعاية رئيس الجمهورية فتختلف في الظروف لأنها تؤكد دور رأس الدولة في حوار وطني حقيقي لا يقف عند حدود طرابلس كما اراده البعض، كأنما المشكلة محصورة في منطقة محددة ولدى فئة معينة.
اما الرئيس نبيه بري، فرأى في رسالة العاهل السعودي "دعوة صريحة ومباشرة الى معاودة الحوار بين الافرقاء اللبنانيين، وخصوصا في هذه الظروف والاوضاع التي تمر بها البلاد. وهي تأييد واضح لسياسة النأي بالنفس عما يحصل في سوريا".
وعن مهمة رئيس الجمهورية حاليا قال: "اذا دعيت سألبي وهذا هو رأيي وطموحي الى حوار مفتوح بين الافرقاء حفاظاً على لبنان وتجنبا للعواصف التي تهدده".

الحكومة
وفي مقابل تأكيد الرئيس نجيب ميقاتي، الذي انتقل الى طرابلس لاستقبال شادي المولوي عقب اطلاقه، انه لن يستقيل، علمت "النهار" ان قوى 14 آذار انتقلت من مرحلة الدعوة الى اسقاط الحكومة، الى العمل الجدي لذلك، وان لقاء سيعقد في معراب في الايام القريبة، لتحديد روزنامة تحركات ميدانية "من دون سلاح" واعلان "موقف يتجاوز الاساليب الانشائية السابقة في مخاطبة الرأي العام".

"المستقبل"
وقالت مصادر في كتلة "المستقبل" النيابية لـ"النهار" ان مطالبتها أمس الرئيس ميقاتي بـ"الاستقالة فورا" مرده الى امرين: سحب الاحتقان من الشارع والنقمة على الجيش والامن العام اللذين لا يتحملان مسؤولية ما جرى واعادته الى الاطار السياسي باعتبار ان السلطة السياسية هي المسؤولية. والامر الثاني هو ان الحكومة لم تلجأ الى اي خطوة جدية للرد على الرسالة الملفقة التي وجهها النظام السوري الى الامين العام للامم المتحدة اذ حاول تصوير لبنان ارضا ولإيواء الارهابيين.

ميقاتي
في المقابل، ابلغت اوساط الرئيس ميقاتي "النهار" تعليقا على موقف "المستقبل" انه "كما كان الموقف بالامس هو ذاته اليوم ولن يتغير ومطلب الاستقالة مزمن لانهم لا يستطيعون ان يتحملوا وجود غيرهم في سدة المسؤولية. اما الرئيس ميقاتي، فانه لا يزال على موقفه من ان تحمل المسؤولية ترتبه الظروف وهو لن يتخلى عن مسؤولياته، وتاليا فان الاستقالة موضوع غير مطروح ويدخل البلد في مجهول قد يتمناه البعض".

المخطوفون
واذا كانت جبهة الشمال هدأت نسبيا أمس بتخلية المولوي بكفالة مالية ومنعه من السفر، ونقله في سيارة للوزير محمد الصفدي، فان الانفلات في الشارع انتقل الى الضاحية الجنوبية أمس، ولم تنفع في قمعه رسالة مسجلة للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله دعا فيها الى تهدئة الخواطر، واعدا بالعمل مع الرئيس بري وأجهزة الدولة لضمان اطلاق المخطوفين الشيعة الـ11، فعمدت مجموعات الى اقفال الطرق في بئر العبد والشياح والطيونة ومار مخايل وسليم سلام. لكن الاتصالات حدت من تطورها وامتدادها.
وفي الحدث الامني تناقضت الروايتان بين الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" الرسمية، ومصادر "الجيش السوري الحر". فقد أعلن محافظ حلب "أن مجموعة ارهابية مسلحة اختطفت 11 لبنانيا وسائق الحافلة السوري من بين 52 شخصا كانوا في حافلتين عائدتين من ايران عبر تركيا في بلدة السلامة في ريف حلب". وأضاف "أن عناصر المجموعة الارهابية اطلقت النساء في الحافلتين وهن الآن في حلب وتعمل الجهات المعنية لنقلهن الى لبنان".
أما "الجيش السوري الحر" فنفى كل علاقة له بعملية الخطف واتهم الجيش النظامي بها.
وقالت جماعة معارضة ان القوات السورية شنت هجمات بالدبابات وعربات مدرعة أخرى في منطقة بمحافظة حلب الشمالية قرب مكان خطف فيه شيعة لبنانيون في وقت سابق.
وقال رامي عبد الرحمن رئيس "المرصد السوري لحقوق الانسان" ومقره لندن ان أناسا في بلدة أعزاز في حلب أبلغوه ان القوات السورية تمشط بعض الاحياء.
وفيما عادت النساء الساعة 12،30 ليلا على متن طائرة الى مطار بيروت، واستقبلهن وفدان من نواب "حزب الله" وحركة "أمل"، نشطت حركة الاتصالات السياسية في الداخل والخارج، وخصوصا مع تركيا. واذ تحدث رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد عن معطيات توحي بقرب الافراج عن الرجال المخطوفين، قال وزير الخارجية عدنان منصور ان الاتصالات مع جهة عربية اثمرت ايجابا، وانه ابلغ بقرب الافراج عن الرجال في ساعات الصباح اليوم، واضاف ان احدى فصائل المعارضة السورية المسلحة نفذت عملية الخطف.
وقد أعادت الحادثة وصل الخط بين الرئيس بري والرئيس سعد الحريري الذي أعرب عن استنكاره الشديد لعملية الخطف أيا تكن الجهة التي تقف وراءها وعبر عن تضامنه الكامل مع عائلات وذوي المخطوفين، مؤكدا وجوب بذل كل الجهود الممكنة والعمل يدا واحدة من أجل الافراج عنهم وعودتهم سالمين الى عائلاتهم ووطنهم. وقد تمنى عليه بري بذل جهوده في هذا المجال.
وأوضح بري لـ"النهار" انه "لا يستغرب اتصال الرئيس الحريري وهو مبادرة ايجابية".
وسئل هل يؤدي الاتصال الى كسر الجليد بينكما، فأجاب: "عند وقوع الازمات والملمات التي تهدد اللبنانيين على القادة وجميع المسؤولين في أي موقع كانوا ان يلتقوا والمسألة ليس كسر جليد وليس المطلوب هو قطع قنوات الحوار في ما بيننا".
وتلقى بري بترحاب استنكار الرئيس فؤاد السنيورة. ثم تلقى اتصالا من رئيس الجمهورية ميشال سليمان. وقبل أن ينتهي من الاستماع الى رسالة السيد نصر الله، كان الرئيس الحريري على الخط فقال له بري: "والله بعد استماعي الى استنكارك أنت والسنيورة كنت سأتصل بك. شكرا على اتصالك وعلى كل الجهود التي يمكنك القيام بها للمساعدة في اطلاق المخطوفين".
وكان رئيس مجلس النواب اعطى تعليماته لقيادة حركة "أمل" بالعمل على منع المواطنين في الضاحية الجنوبية ومناطق أخرى من قطع الطرق وحرق الاطارات او التعرض للمواطنين السوريين. وكان على تنسيق مع قيادة "حزب الله". وقبل أن يوجه السيد نصر الله رسالته بعشر دقائق كان بري أبلغه عبر قيادي في الحزب "أن في امكانه أن يتحدث باسمه لاننا نعمل معا على معالجة هذه القضية". وفي هذه الاثناء كان بري على اتصال مع وزير الخارجية عدنان منصور الذي طلب منه اجراء اتصال بنظيره التركي أحمد داود أوغلو للتدخل والعمل على تحرير المخطوفين. ودعاه الى اجراء اتصالات مع عدد من وزراء الخارجية بينهم وزير خارجية الكويت.
وقد أجرى الرئيسان سليمان وميقاتي اتصالات لمتابعة الملف.
وليل أمس أصدرت "هيئة العلماء المسلمين في لبنان" بيانا استنكرت فيه خطف المدنيين اللبنانيين في سوريا، وأهابت بالجميع التعقل وعدم الانجرار وراء الفتن.

السابق
السفير: مجموعة سورية مسلحة تخطف 11 لبنانياً قرب الحدود التركية .. وإجماع وطني على الإدانة
التالي
النأي بالنفس.. وإحراق لبنان!