اللواء: سليمان يعارض التدخّل العسكري في سوريا … وعون يتّهمه بجهل تاريخ الرؤساء جنبلاط يرحّب بالخليلين على طريقته: يكفي أن تستهدفني النسبية لأرفضها!

تمحور الحراك الداخلي حول موضوعين: مالي وسياسي مترابطين، هما قانون الانتخاب وصيغته، والانفاق المالي والشكل الدستوري لتغطيته، في وقت نفذ فيه قطاع النقل البري اضراباً لم يكن "حزب الله" جزءاً منه في مناطق نفوذه، من دون اية اشكالات او ملامح حلحلة لازمة المحروقات، بانتظار عودة الرئيس نجيب ميقاتي المتوقعة اليوم من زيارة رسمية الى قصر المفوضية الاوروبية في بروكسل، حاصلاً على مساعدة اوروبية بمقدار 62 مليون يورو لدعم برنامج الشراكة والاصلاحات والنمو الكامن بين لبنان والاتحاد الاوروبي، وفقاً لما اعلنه رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروزو.
اما في الشأن الاقليمي، فكان اللافت ما اعلنه الرئيس ميشال سليمان، بعد المحادثات التي اجراها مع نظيره النمساوي هانز فيشر الذي وصل الى بيروت للمشاركة في المنتدى الاقتصادي اللبناني – النمساوي اليوم، وزيارة كتيبة بلاده العاملة في اطار قوات "اليونيفل" من رفض اي تدخل اجنبي عسكري في الشأن السوري، مشدداً على ان اي معالجة يجب ان تحصل بالتنسيق مع سوريا وليس مع خارجها.
وتزامن هذا الموقف مع حملة شنها على الرئيس سليمان النائب ميشال عون، اذ اتهمه بجهل تاريخ الجمهورية ورؤساء الجمهورية، لانه لم يوقع على مرسوم 8900 مليار ليرة، معتبراً ان التوقيع ليس سابقة، وان فقط استخدام الرئيس لصلاحيات اعطاها اياه الدستور، رابطاً بين استخدام هذه الصلاحيات وبين لقمة المواطن، ولا سيما اولئك الذين يعملون في القطاع العام، من ان تصبح اسيرة الاهواء والمصالح السياسية الضيقة.

وكان الابرز على الصعيد السياسي لقاء النائب وليد جنبلاط مع المعاونين السياسيين لكل من الرئيس نبيه بري والامين العام لحزب الله الوزير علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، الذي كرس الطلاق السياسي مع جنبلاط حول مشروع النسبية الذي يقوده الرئيس بري ويدعمه حزب الله، ويتفاهم حوله مع الرئيس سليمان، واتفاق خجول حول تفعيل عمل الحكومة، بعدما بدا للمجتمعين ان لا امكانية للذهاب الى حكومة حيادية اقله في هذه المرحلة.

وحرص جنبلاط على استباق اللقاء برسالة لضيفيه الوافدين ان النسبية تستهدفني، وانا لا اريدها مهما كان الطرح او الشكل، وبعبارة لا اكثر ولا اقل كشف ان زيارته للسعودية جاءت تلبية لدعوة صديقه منذ 35 عاماً وزير الخارجية الامير سعود الفيصل، ناعياً خطة كوفي انان ومعلناً عن رأيه ان الحل فقط في سوريا في سقوط الرئيس بشار الاسد، ومؤكداً انه لم يلتق الرئيس سعد الحريري في السعودية، وهو الامر الذي اكده ايضاً رئيس تيار "المستقبل" الذي عاود الظهور على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، عازياً السبب الى ان جنبلاط كان في جدة بينما كان هو في الرياض، لكنه كشف بأنه سيلتقيه قريباً، من دون تحديد الزمان والمكان، مشيراً الى ان "الوقت هو الذي سيجيب ما اذا كان زعيم المختارة سيعود الى التحالف مع قوى 14 آذار".

لقاء جنبلاط والخليلين
اما في شأن لقاء جنبلاط والخليلين في كليمنصو، فقد اوضح مصدر مطلع لـ?"اللواء" أن اللقاء كان لقاء تواصل وتشاور طرح خلاله الخليلان على جنبلاط النسبية كعنوان من دون أية تفاصيل، لا للآلية ولا للدوائر، وقد رفض جنبلاط هذا الطرح واكد أن النسبية لا تناسبه ولا يمكننا القبول بها.
وأشار المصدر إلى انه تمّ التطرق، في سياق الحديث إلى الموضوع السوري وخطة انان، حيث كان هناك تباين في وجهات النظر في شأنه، لافتاً ضمن هذا الإطار إلى ان مواقف الطرفين معروفة في هذا الشأن.
اما في ما خص الوضع الحكومي، فأفاد المصدر أن جنبلاط شدد على ضرورة تفعيل العمل الحكومي معرباً عن رفضه للطريقة التي يتعاطى بها البعض داخل الحكومة (في إشارة الى النائب عون) معتبراً انه لا يمكن إدارة البلد بهذه الطريقة، ولا يمكن الاستمرار في هذا الجو السائد اليوم.
وهنا ردّ الوزير الخليل على جنبلاط مؤكداً أن تعاطي هذا البعض اختلف في الفترة الحالية عمّا كان عليه سابقاً، وبات أكثر هدوءاً.
ولفت المصدر إلى أن المجتمعين لم يتطرقوا إلى مسألة الحكومة الانتقالية أو الحكومة الحيادية، بل كان التركيز على ضرورة تفعيل عمل الحكومة الراهنة.
وفي موضوع الـ8900 مليار، فقد جدد جنبلاط موقفه بضرورة إيجاد حل شامل لهذا الموضوع، وفي ذلك إشارة إلى انه ما زال يحافظ على ضرورة العودة إلى الحل الذي سبق أن اقترحه الرئيس بري وسارت عليه الحكومة، بتزامن تشريع إنفاق حكومات الرئيسين الحريري والسنيورة مع الإنفاق الذي تطلبه حكومة الرئيس ميقاتي، قبل أن تعود الأكثرية التي تقبض على زمام الأمور في الحكومة عن هذا التوجه، بحسب ما ظهر في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، من خلاف بين الرئيس سليمان ووزراء هذه الأكثرية، أي ممثلي حزب الله و"أمل" والتيار العوني.

دفاع 14 آذار
وفي هذا السياق، لاحظت مصادر قيادية في قوى 14 آذار لـ "اللواء" بأن هذا الخلاف هو محاولة من جانب الأكثرية لاستكمال إحكام قبضتها على ما تبقى في البلد، وتأمين التغطية السياسية المطلوبة لإقرار عملية الإنفاق من خارج الموازنة مقابل إبقاء قضية الـ11 مليار دولار معلّقة دون حل، في إطار الخطة الموضوعة لتحميل مسؤولية إنفاق هذا المبلغ إلى قوى المعارضة، وهو الأمر الذي يدركه رئيس الجمهورية جيداً، ولهذا فهو يرفض أن يوقّع على المرسوم المتعلق بـ8900 مليار ليرة، لمعرفته المسبقة أنه سيكون عرضة للطعن، ولأن هكذا خطوة لن تكون في مصلحة البلد، وبالتالي فإن تكليف وزير المالية محمد الصفدي إعداد مشروع جديد قد يمثل مخرجاً للأزمة القائمة التي تعكس حالة الشلل التي تعانيها هذه الحكومة الغارقة في بحر أزماتها، دون أن يكون لديها القدرة على انتشال نفسها من خلال انتهاج سياسة عملية أكثر شفافية ووضوحاً، وبعيداً من أساليب الكيدية والتشفي التي تجيدها أطراف فاعلة داخلها".
وتؤكد المصادر أن قوى "8 آذار" تسير في الاتجاه المعاكس من خلال محاولتها فرض خيارات غير واقعية على اللبنانيين وسعيها لتسخير مؤسسات الدولة وأجهزتها لخدمة أجندتها السياسية والاقتصادية التي وضعتها عندما قامت بانقلابه الشهير بعد عراضة القمصان السود، فهي وبعد أن فشلت في إمرار الـ8900 مليار ليرة عبر مجلس النواب، لوقوف المعارضة ضدها بالمرصاد، وتأكيدها على أن تكون تسوية الإنفاق المالي من خارج الموازنة متكاملة وليست مجتزأة، اتجهت للتصويب على الرئيس سليمان في محاولة منها لممارسة الضغوطات عليه، علّها تنجح في دفعه إلى التوقيع على مرسوم مخالف للقانون، عدا عن أنه سيدخل لبنان في أزمة سياسية ستزيد حدة الانقسام بين اللبنانيين ولن تكون في مصلحة أحد.
سليمان – فيشر
وكان الرئيس سليمان ونظيره النمساوي فيشر قد توافقا في خلال محادثات القمة التي جرت بينهما، أمس، على أهمية تطوير العلاقات الثنائية بين لبنان والنمسا، وعلى تعزيز وتيرة الزيارات على مستوى كبار المسؤولين فيهما وتوسيع آفاق التعاون في الميادين الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية.
وأمل الرئيس سليمان في "ألا يحصل أي تدخل أجنبي عسكري في الشأن السوري"، مشيرا إلى أن "أي معالجة تحصل يجب أن تكون بالتنسيق مع سوريا وليس من خارجها"، وقال: "إن العلاقة بين لبنان وسوريا هي من دولة إلى دولة، ولبنان لا يتعاطى مع أشخاص، بل من منطلق إرادة الشعب السوري وحرية خياراته في اختيار سلطاته".
وشدد على "ضرورة استمرار السعي لإيجاد حل عادل وشامل لكل أوجه الصراع العربي – الإسرائيلي، على قاعدة قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد والمبادرة العربية للسلام"، مجددا "رفض لبنان أي شكل من أشكال توطين الفلسطينيين على أراضيه".
من جهته، أكد الرئيس فيشر أن ل"اسرائيل الحق في الوجود والعيش بأمان، وللفلسطينيين الحق ايضا في ذلك وبناء دولة والعيش ضمن حدود آمنة"، لافتا إلى أن "النمسا تضغط في هذا الاتجاه، ولكن الامور تتقدم ببطء شديد".
وإذ أيد "مبادرة كوفي أنان بالنسبة إلى الوضع في سوريا"، وعارض "أي تدخل عسكري فيها"، أعرب عن تفهمه "موقف لبنان بالنأي بالنفس"، مشيرا إلى أن "لبنان بلد مجاور لسوريا، ولو كنت سياسيا لبنانيا فكنت سأبذل جهدي لتفادي انتقال الصراع الى بلدي".
وفي خلال مأدبة العشاء التي أقامها رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، أكد سليمان على سعي ا لدولة نشر سيادتها على كامل أراضيها، ووضعها نصب أعينها الحاجة الى تحقيق الاستقرار والإنماء المتوازن، وتعزيز نهج الاعتدال والحوار، مشيرا الى تطلع لبنان الى نجاح مشروع الإصلاح والديموقراطيّة في محيطه العربي، بعيداً من مخاطر العنف أو التشرذم أو الأحاديّة.
واذ شدد على اهمية البحث الجدّي عن السلام القائم على العدالة والمشاركة، فانه اعتبر ان ما يعرقل التقدم في الحوار بين الحضارات والأديان والثقافات هو بقاء إسرائيل على تعنّتها وعدم تبلور عزم فعليّ لدى المجتمع الدولي على توفير الشروط الضاغطة اللازمة لإنجاح عمليّة السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط، لافتا الى ما يمكن للنمسا أن تقوم به على هذا الصعيد.
بدوره، اعرب فيشرعن اعجابه بالطريقة التي يدير بها المسؤولون الاوضاع في لبنان بعيداً عن الاضطرابات التي تصيب الدول المجاورة.

ميقاتي في بروكسل
على أن التفهم الذي أبداه الرئيس النمساوي لموقف لبنان حيال الأزمة السورية، لمسه أيضاً الرئيس ميقاتي في محادثاته مع المسؤولين الأوروبيين في بروكسل، وبينهم على وجه التحديد رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل روزو الذي أعلن أن الاتحاد الأوروبي يعي أن المسألة السورية مسألة حساسة جداً بالنسبة للبنان، مقدّراً استقبال لبنان للنازحين والأشخاص الذين لا يستطيعون البقاء في بلدهم، مبدياً استعداد المنظمات الدولية كالمفوضية العليا للاجئين تعزيز المساعدات الانسانية للاجئين في المنطقة.
أما الرئيس ميقاتي الذي شدد على ضرورة السعي للمحافظة على الاستقرار في لبنان، فقد أكد من جهته أن قرار النأي بالنفس عما يحصل في سوريا واضح، وبسبب خصوصية العلاقة مع سوريا والعلاقات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى أن 80 في المائة من الحدود هي مع سوريا، لافتاً النظر إلى الانقسام الحاصل في لبنان بين مؤيدي النظام السوري والمعارضين له، ولهذا السبب نحن لا نريد جلب المزيد من المشاكل إلى مجتمعنا.
وكان الرئيس ميقاتي قد زار أمس البرلمان البلجيكي وعقد اجتماع عمل مع رئيسه أندريه فلاهو، كما عقد اجتماعاً ثانياً مع رئيسة مجلس الشيوخ سابين دو بيتون، والتقى مساء رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هيرمن فون ران رامبوي، وتقيم السفارة اللبنانية في بلجيكا حفل استقبال تكريماً له.

السابق
ساركوزي يستدعي وحش الإسلام
التالي
الشرق: التزام متفاوت بإضراب إتحادات ونقابات النقل البري وتظاهرتان للسائقين العموميين