حزب الله وعبارة: قَدِّم سلاحَك!

يحتاج الهجوم الذي شنّه فريق 14 آذار على سلاح «حزب الله» في جلسات المناقشة، إلى قراءة نفسية وليس فقط سياسية. إنه في مفهوم علم النفس العيادي انفجار لاحتقان مكبوت منذ 7 أعوام، أو 17 عاماً، أو 27…

قالها فريق 14 آذار بعد تردّد: لا نرفض السلاح فقط، بل أيضاً تجلياته السياسية، أي إجراء الانتخابات النيابية في ظلّه. وفي عبارة أخرى، قرّر هذا الفريق أن يقول "لا" لإنتاج هيكلية دستورية، "غشاء البكارة" فيها هو الديموقراطية… التي يمزّقها السلاح!

كيف تلقّى "حزب الله" هذه الإشارة؟

على رغم العنف الكلامي الذي كان طبيعياً أن يردّ به "الحزب" على 14 آذار تحت قبة البرلمان، يقول العارفون بموقفه إنه لم يكن خائفاً من الحملة. وفي رأي هؤلاء أن "الحزب" يعتبر أن 14 آذار لم تستطع إسقاط السلاح ورفض الانتخابات في ظلّه في العام 2005، عندما كانت في ذروة قوتها الشعبية وتتمتع بدعم دولي وعربي نادر. وهي لم تستطع ذلك أيضاً عندما كانت تمتلك الغالبية النيابية والوزارية وتتمتع بسلطة واسعة على كثير من مؤسسات الدولة وأجهزتها. فكيف لها أن تصبح اليوم، بعدما فقدت السلطة والدعم الخارجي، قادرةً على إسقاط السلاح ومنع حصول الانتخابات قبل إيجاد تسوية في شأنه؟.

"حزب الله" وحلفاؤه يرغبون في تصوير الحملة التي يشنّها فريق 14 آذار وكأنها مجرد تنفيس للاحتقان الناتج عن الخروج من السلطة. ويعطيها "الحزب" أبعاداً تتعلّق بإعادة تلميع الصورة شعبياً مع اقتراب الانتخابات. وهو يعتقد بأن هذه الحملة تعيش ثلاثة أيام فقط، أي أنها تنتهي فور اجتياز النواب عتبة المجلس النيابي لمغادرته. وتالياً يكفي الردّ عليها "موضعياً" خلال الجلسات، وبعد ذلك تعود المياه إلى مجاريها.

أكثر من ذلك، يثق "حزب الله" في أن أي طرف داخلي لن يستطيع نزع سلاحه منه، أيّاً تكن الظروف. فالسلاح موجود بإرادة إقليمية، أي سورية وإيرانية، وهو باقٍ ما دام النظام باقياً في سوريا. ويراهن "حزب الله" على أن النظام في دمشق لن يسقط، وأن الوقائع التي سيحاول "الحزب" تكريسها على الأرض ستجعل الأحكام التي يمكن أن تصدرها المحكمة الدولية، بعد سنوات ربما، شبه معدومة المفاعيل سياسياً. وفي اعتقاده أنّ المحكمة ستستغرق وقتاً طويلاً لإنجاز مهمتها، ما يتيح له الوقت الكافي لإنجاز سيطرته على السلطة، مدعوماً بالحليف الإقليمي.

هل هذا الانطباع لدى "حزب الله" في محلّه؟

واقعياً، يجب أن تعترف 14 آذار بأنها منحت "الحزب" فُرَصاً كان في أمسّ الحاجة إليها لالتقاط الأنفاس وإعادة الاعتبار إلى السلاح. وهي بذلك ساهمت في إتاحة المجال له ليستخدم ورقته الأقوى، وبها استطاع استرداد كل "المكتسبات" التي تمتّع بها قبل آذار 2005.

لم تلعب 14 آذار، على مدى سبع سنوات، ورقتها الأهمّ مع "حزب الله". لم تخاطبه حين كانت في ذروة انتصارها: قَدِّم سلاحَك أوّلاً، وقبل الانتخابات، وإذا تعذّر ذلك فلا نريد انتخابات، كما بدأ يتردّد اليوم في بعض أوساطها! بل هي ركّبت "حلفاً رباعياً" مع السلاح في اللحظة الأولى التي كان فيها الحديد حامياً. وبعد ذلك، بدأ السلاح يستردّ حضوره في الانتخابات النيابية والرئاسية والبلدية وتركيب الحكومات. وأظهر حضوره بالعنف حيث يجب. ويوم 7 أيار 2008، لم تكن 14 آذار في مستوى الحدث أو السلاح. ولم تكن التسويات المخالفة للطبيعة التي وافقت عليها 14 آذار، تحت غطاء الـ"س- س" سوى الضربة القاضية.

لم تَقُل 14 آذار، جدّياً وفي وضوح، ما يجب أن تقوله… وتفعله في ما يتعلّق بالسلاح قبل اليوم. لذلك لا يخافها "حزب الله" الآن، ما دام يحتفظ بالغالبية (موعوداً من وليد جنبلاط)، وما دام النظام في سوريا قادراً على خوض المعارك، والمحكمة تتأنّى في قراءة البنود وتفسيرها…

ولو أعلنت 14 آذار موقفها من السلاح والانتخابات قبل 7 سنوات، وواجهته في 7 أيار ومثيلاتها الكثيرات، لربما كانت تغيّرت أشياء عدة في لبنان، ولكان اضطرّ أصحاب السلاح وأصحابهم إلى أن يصدّقوا 14 آذار… ويصدّقوا على مطلبها. لكن ذلك لم يحصل.

فهل تأخّرت 14 آذار إلى حدّ فقدانها المبادرة… أم انّ المتغيّرات المتوقعة إقليمياً ستمنحها حظاً جديداً لتعويض الخسائر؟

السابق
رابطة الأساتذة المتفرغين في اللبنانية: لا إضراب في الجامعة
التالي
شاكيرا أكثر فنانات العالم إثارة