هل قرر حزب الله تغيير قواعد اللعبة؟

أظهرت مجموعة من المعطيات في الآونة الأخيرة أن هناك تغييرات واضحة في طريقة عمل حزب الله، وفي الأداء السياسي لحلفائه في لبنان تجاه الملفات الحساسة منها الأمنية ومنها ما يتعلق بمجريات الأحداث الحاصلة في المنطقة، وعلى وجه الخصوص تطورات الثورة السورية ضد النظام.

لم يكن خافيا على احد، ان مواقف قيادات حزب الله، ومعظم حلفائه، كانت خلال الخمسة أشهر الماضية، أقرب الى الهدوء والعقلانية، وكان منسوب التوتر فيها منخفضا الى حد معقول بالرغم من محاولات استدراجه الى شيء من المنازلة في أكثر من مناسبة، وصدرت عن عدة مسؤولين من الحزب مواقف معلنة، وفي الحلقات المغلقة، تشير الى تفهمهم للاختلاف في تشخيص المشكلة في سورية، من حيث أسبابها ونتائجها، ومجريات تطوراتها المأساوية، وقد أبلغوا موقفهم هذا الى بعض شركائهم في التشكيلة الحكومية.

المراقبون لمواقف حزب الله سجلوا مجموعة من المؤشرات تبين ان الحزب ربما يكون أمام نسق جديد في تعاطيه مع المرحلة القادمة، قد تختلف عن الكيفية التي تعاطى فيها إبان المرحلة الماضية، وبالتالي قد تكون لديه الرغبة في تغيير قواعد الاشتباك في اللعبة الداخلية اللبنانية ترتكز على تضييق الهوامش امام شركائه والانتقال من سياسة الصمت او التبرير الى اعتماد الهجوم وسيلة للدفاع عن سياسته الداخلية والاقليمية.

ما أهم المؤشرات على التغيير في مواقف حزب الله؟

أولا: حديث السيد حسن نصرالله الأخير عن «ذهاب البعض بعيدا في المواقف مما يجري في سورية» وكلامه عن محاولة الاتصال بالمعارضة السورية التي لم تستجب للحوار، وهذا يعني تبريرا مسبقا لمواقف قد يتخذها ضد هذه المعارضة، خاصة ان أحدا من هذه المعارضة لم يؤكد هذه المحاولة.

ثانيا: يبدو ان الحزب لم يعد على ذات الحماسة في وتيرة التنسيق التي اعتمدها لتهدئة التشنج الذي حصل بعد أحداث مايو 2008، بين القواعد الشعبية خصوصا في الساحة الإسلامية.

ثالثا: الخطابات شبه النارية التي أطلقها نوابه، والحلفاء في جلسات المناقشة العامة في مجلس النواب والتي وصلت الى حد التجريح الشخصي الذي يحمل شيئا من التهديد خاصة النواب علي فياض وحسن فضل الله، برغم خطوة التهدئة المهمة التي حصلت بلقاء الرئيس فؤاد السنيورة مع النائب نواف الموسوي.

وترافقت هذه المؤشرات، مع تطورات لا يستطيع أحد اخفاء ترابطها، خصوصا اعلان النظام السوري عن «انحسار المؤامرة» ويقصد بذلك تدمير المراكز المدنية التي تشهد أوسع مقاومة في المدن السورية، وهذا ما روج له حلفاؤه اللبنانيون أيضا، كذلك تصاعد اللهجة الايرانية ضد داعمي الثورة السورية، والزيارة الاستفزازية التي قام بها الرئيس احمدي نجاد الى جزيرة أبوموسى الاماراتية، كما ان محاولة اغتيال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ليست بعيدة عن هذه التطورات، والتي يأتي في سياقها أيضا استهداف الصحافة اللبنانية المؤيدة لمطالب الشعب السوري، وكان آخر ضحايا هذا الاستهداف، استشهاد مندوب تلفزيون الجديد علي شعبان برصاص الجيش السوري في وادي خالد شمال لبنان الاسبوع الماضي.

يرى متابعون لتطور مواقف حزب الله ان تغييرا ما قد يكون استجد على أدائه، ولكان بقاء أولويته في استمرار الحكومة الحالية تعوق حركته، وبالتالي تلزمه بضبط اندفاعته تجاه مندرجات متطرفة، يعرف تماما انه قد يكون الخاسر الأول من جرائها، نظرا لأن معطيات العام 2008 مختلفة تماما عن معطيات العام 2012، وبالتالي فإن أي مغامرة غير محسوبة، ناتجة عن تغيير قواعد المراعاة الوطنية المتبادلة، يمكن ان تشكل شرارة لتوترات قد لا يكون متيسرا ضبطها، وبالتالي تدخل البلاد في فوضى يخسر من جرائها الجميع.

السابق
مجهول يهدد 3 قضاة لبنانيين بالقتل
التالي
الانباء: كرنفال البرلمان اللبناني انتهى: الضاهر يطالب نصرالله بالاعتذار وبري: أنا قرفت!