إيران.. وهم الدولة العظمى!!

إيران لا تزال تتطلع أن تكون اللاعب الإقليمي العسكري في المنطقة العربية وآسيا الوسطى، وهذا الطموح ليس جديداً، إذ تكرر مع الشاه، وتجدد مع الخميني وتكرس مع المرشد الأعلى، لكن الفارق بمن يريد قطباً أن يتحرك ضمن دائرة التعاون السلمي، وقد شهدنا كيف تحولت اليابان من أداة حرب وتهديد على محيطها، وهي نفس الطموحات الإيرانية، أن قلبت سياستها لتكون النموذج الاقتصادي المتطور الذي نقل دول جنوب شرق آسيا من البؤس والفقر والتخلف! لتقليد نموذجها السائد والمنافس لقلاع الدول المتقدمة..

إيران على العكس أخذت باتجاه تصدير ثورتها، وقد فشل السوفييت على خلق شيوعية أممية بقوة السلاح أو الأيديولوجيا، وعبدالناصر، رغم الفرصة الزمنية التي منحته ظروف تلك المرحلة، أراد أن يغير المنطقة العربية بالانقلابات وإشاعة الحروب، بدلاً من ربط العرب باستراتيجية تنموية وتعليمية، ثم سياسية تجعلها قوة محورية، فكانت الصدمات الكبرى من الهزائم العسكرية والاقتصادية ثم الفشل الحاد في كل مشروعه..

حكومة نجاد، وبوعد اسطوري، ما زال يخلط الخرافة بحلم تحقيق الامبراطورية الفارسية، كان الاتجاه الأول تحالف مع سوريا التي تعهدت أن تكون ذراع حزب الله، وألحت حماس بهما لتكون النقيض والمواجه للسلطة الفلسطينية، واتجهت إلى خلق حرب مع المملكة السعودية بواسطة الحوثيين، وأنزلت حزب الله ليسيطر على وسط بيروت ويلحقه بالضاحية، وقبض على عينات بالمغرب وتونس، ودول عربية أخرى يبشرون بالمذهب الشيعي، ووجد يمنيون في قرى مصرية يدربهم إيرانيون على استخدام السلاح، ووظفت مجموعة صحافيين عرب وصحفهم الممولة منها ليكونوا صوتها في الشارع العربي، وبعد ثورة الشعب السوري على سلطته أسر مجموعات من حزب الله، وعراقيين من جماعة الصدر، عدا المتغلغلين من الحرس الثوري والتجهيزات العسكرية والمادية التي يدعم بها النظام، ليؤكد أن أهداف إيران عسكرية أولاً وأخيراً..

هذه مجرد صور موجزة عن التحرك الإيراني، ولم تكتف بتلك النماذج من التدخل المباشر بشؤون الدول، فالبحرين ضمن الهدف الأهم في خلق فوضى داخلها، ويستمر الأمر مع المملكة والكويت، ونجاد في جزر الإمارات يتفقد قواعده العسكرية بها، وفي هذه التصرفات سوف تدفع الدول الخليجية وغيرها على سباق تسلح طويل، قد يصل إلى امتلاك كل الأطراف أسلحة نووية..

خلافها مع أمريكا وأوروبا على التسلح النووي، وضربة متوقعة من إسرائيل، مشهد سياسي أكثر من وجود نوايا ضرابات مدمرة لمقار مشروعها، لكن اتباع سياسة التسلح، وإعلان التحديات، كلها تقع ضمن لعبة تحركها للابتزاز، غير أن واقعها الداخلي لا يوفر لها الاطمئنان على وحدة وطنية وسط تعلية القومية الإيرانية على غيرها، وهذا مصدر ضعفها الذي يريد استغلاله الخصوم جميعاً..  

السابق
نحتاج إلى وقفة التقاط أنفاس لتعويض ما فاتنا
التالي
إيران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي