انكسار القيم

ما نكتبه اليوم، رغم قساوته، فإنّه ابن الواقع الفعلي الذي نحيا فيه. وهو نتيجة تراكم طويل من الاحباطات المستمرة لدى معظم الناس بلا أي انقطاع.
ما نتحدث عنه، هو باختصار انكسار القيم في مجتمعنا، أي أن القيم جميعها صارت عندنا بلا أي قيمة تذكر، حتى صار يُنظر إلى كل واحد، سواء أكان من أصحاب المسؤوليات السياسية أو المهن أو الوظائف بعين الريبة، إن لم نقل الازدراء أيضا.

صار اللبنانيون يقسون على بعضهم البعض بلا رحمة؛ فلا يرون خيراً في أحد أو ينتظرونه من أحد. لا أحد بات يصدّق حتى نفسه، كي يمكنه أن يصدّق غيره من الناس المحيطين به أو البعيدين عنه. عمّت ثقافة الحذر والشك والحسد والطعن في كل شيء سامٍ، من أجل إنزاله إلى رتبة متدنية. فالمشهد أصبح مُظلماً في عيون الناس؛ الأسود اللون الوحيد الذي يصبغ الأفعال والأقوال بينما غاب الأبيض تماماً، صار لوناً يدل على الغباء والمثالية المضحكة بل وعلى العجز المطلق!

ما قيمة السياسي اليوم في عيون الناس سواء أكان نائباً في البرلمان أو وزيراً في الحكومة أو رئيس حزب ما أو زعيماً؟ هل يكون أكثر من تابع أو متملّق أو متسلّق أو مأجور… أو أي صفة أخرى من أمثال هذه الصفات السلبية؟ وما قيمة القاضي بنظر الغالبية من المواطنين إنْ لم يكن محسوباً على جهة سياسية ما؟ والمحامي إذا لم يكن بهلوناً يلعب على أكثر من حبل؟ والطبيب إذا لم يكن جلاداً للجيوب؟ والمهندس إذا لم يكن متلاعباً بمعايير البناء؟ والمعلم إذا لم يكن محبطاً من التهميش ومستسلماً لرتابة يومه؟ والموظف إذا لم يكن عاطلاً عن العمل؟ والشرطي إذا لم يكن متهرّباً من مسؤولياته؟
وما قيمة المواطن في مرآة نفسه حين يكون بلا دولة؟

السابق
اللواء: دعوات للتظاهر اليوم تحت شعار جمعة ثورة لكل السوريين في أول اختبار لنوايا النظام
التالي
السفير: اختباران أمـام سوريـا: صمـود الهدوء واحتـواء التظاهر