وداعــــا… علي شعبان

هي سنفونية الموت، وحدها عزفت رحلة عودة الزميل علي شعبان الاخيرة على جناح الصورة، فكان في قلب الحدث، بل هو الحدث بعينه، في ميفذون رقد ومعه رقدت عشرات التساؤلات حول من أطلق النار، وحده الحزن تحدث…وحده الصمت الذي لف القرية كان يتكلم، لم يجد احد أي كلمة يقولها ربما هي الصدمة، هناك كان العرس قائما زغاريد وأرز وورود رُشقت على ذاك النعش الصامت… فالكلمات ضلت مسارها في تشييع علي إلى مثواه الأخير ، حيث رقد في صورته الأخيرة التي إكتملت بالشهادة حين كان يؤدي واجبه بل رسالته على الحدود اللبنانية الشمالية عند معبر "شهيرة"، هناك نطق علي بصورته الاخير وصمتت كاميرته، ليتحول هو مصدر الصورة والحدث بعد أن كان هو الذي يجلب الحدث.

على جناح الموت عاد الى بلدته ميفذون التي احب، ومعه كاميرته التي رصدت رحيله في "مهتمها الاخيرة". لقد سرق الموت "فرحة علي"، وزفه الى "المثوى" بدل من أن يزفه الى فاطمة "عروسه" التي وقفت على شرفة الدار ترمقه بدمعة وتتمتم بحزن "بكير رحت يا علي… والعرس لمين تركته ولمين تركتني".


اشرقت شمس الصباح كئيبة اليوم على لبنان والصحافة، خرج الجميع لإستقبال "البطل" العائد من أرض "المعركة" التي هزمته هذه المرة، عاد محمولا على وقع عزف "سنفونية" الموت "المجاني" في سبيل الواجب الإعلامي.
الجميع بكاه… حتى عدسات الكاميرات التي رافقته خطوة بخطوة الى منزله الجديد. في هذه الرحلة المفاجئة لم يظهر سوى الصمت والحزن فعند مدخل البلدة حيث وقف الأهالي يستقبلون العريس ليزفوه الى عرسه الاخير، إستقبلته امه والحرقة في عيونها بادية، رقصت له في عرسه وزغردت له وهي تبكيه تشكو حسرتها له عله يواسيها "يا نور عيوني بكير رحت، يا وحيدي مين بدون يبرد قلبي". وأيضا رفاق العمل حضروا وتسابقوا لحمل نعشه، عيونهم ودموعهم كانت تتكلم عن لوعة الفراق، واخته فاطمة تحدث نفسها، حاملة صورته وتربت عليها تحاكيها وتسأله "لوين رحت وعرسك الأحد"، تخنقها الكلمات مستسلمة للصمت مجددا، تكمل مسيرها وراء نعش أخيها تتعقبه بعيونها الباكية.

هي الريح التي هبت فجأة على المكان لفحت وجه والدته الثكلى، وكأنها روح علي اتت لتودعها، بقرب النعش جلست تخاطبه "أريد أن أبرد قلبي، قلبي نار ومشتعل يا علي"، تقولها وهي تتأبطه ثم تكمل "لقد فتح علي عينه وإبتسم لي ما إن تحسس دمعي على وجه، دعيت الله يحصل شي معجزة ويرجعلي هوي"، تتهاوى كلماتها على جسده الذي لف بالعلم اللبناني وخرج في رحلة زفافه الاخيرة، وعبارة "الله معك يا علي" تصدح في المكان.

بمزيد من الأسى والحزن إننا في مجلة (شؤون جنوبية) وفي موقع (جنوبية) إذ ندين اغتيال زميل ومواطن لبناني، نهيب بالسلطات المختصة عدم التهاون في متابعة قضية بهذا الحجم تمس السيادة اللبنانية والإعلام وأرواح الناس وكراماتهم

إن "شؤون جنوبية" وموقع "جنوبية" والعاملين يتقدمون بالتعازي للجسم الإعلامي وقناة الجديد بالتحديد، وإلى عائلة الشهيد شعبان نتقدم بأحر التعازي ونشاركهم مشاعر الحزن والفقد.
وفي الوقت نفسه نحمد الله على سلامة زملاء الشهيد الزميلان حسين خريس وعبد خياط.
دامت محطة الجديد منبراً للحقيقة والرأي الحر.

السابق
وليام هيغ: سوريا لا تنوي على ما يبدو الوفاء بالتزاماتها
التالي
المجلس الوطني السوري يعتبر شروط نظام الاسد على خطة أنان غير مقبولة