خدعة الأسد الجديدة

ما إن قال النظام الأسدي إنه يوافق على نقاط كوفي أنان الست حتى باركت موسكو تلك الخطوة، وتلقفها الوزراء العرب المشاركون في القمة العربية ببغداد مرحبين بها، ليقولوا إنهم يرفضون التدخل الخارجي، بينما صاحب الطبخة، أو الخطة، السيد كوفي أنان بات يصرخ: «المهم التنفيذ»!
وبالطبع فلن ينفذ الأسد، وكما قلنا قبل يومين هنا فإنه سيان، سواء رد النظام الأسدي بالإيجاب أو لا، فالأسد لن ينفذ خطة أنان، بل من الصعب أن ينفذها، فمجرد تنفيذها سيعجل بسقوطه، نعم سقوطه، فالأنظمة القمعية لا تستطيع القيام بأي «تسويات»، وليست في قاموسها الداخلي «براغماتية»، فمشروعية الأنظمة الديكتاتورية تقوم على القوة والترهيب، فهي تحكم بطريقة فرق تسد، وليس بالتجميع والتقريب، والتفاف الناس حولها. ولذا فإن موافقة نظام الأسد على نقاط أنان واضحة أسبابها، بل واتضحت اليوم أكثر. فقد أعلن الأسد موافقته لعدة أسباب، ومنها أنه فهم رسالة موسكو جيدا عندما قالت إن مهمة أنان هي الفرصة الأخيرة، وبالطبع فإن الأسد الغريق يتمسك بالقشة الروسية، والدليل على غرقه، وضعفه، هو ظهوره في بابا عمرو يوم إعلان نظامه الموافقة على خطة أنان، فهو يريد القول لأتباعه إنه موجود وقوي، فقد كان يحاول رفع الروح المعنوية لمن هم حوله. السبب الآخر لقبول الأسد لخطة أنان هو إرباك أي إجماع في القمة العربية ببغداد، وقطع الطريق على مؤتمر أصدقاء سوريا بتركيا.
فهل نتوقع من النظام الأسدي التنفيذ؟ بالطبع لا، فنقاط أنان واضحة، ومجرد تنفيذها يعني أن الأسد في طريقه للخروج، فالتفاوض مع المعارضة سيكون على رحيله فقط، ولا يمكن تصور أمر آخر. وسحب القوات الأسدية، والسماح بالمظاهرات، يعنيان أن المظاهرات ستعم سوريا كلها، وحينها سيتكرر مشهد ميدان التحرير المصري، وبالتأكيد سيبدأ عندها العد التنازلي للأسد، وفي حال عاد لاستخدام القوة كما يفعل اليوم، وكل يوم، فهذا يعني أنه لا بد من تدخل دولي على اعتبار أن خطة أنان تنص على ضرورة وجود مراقبين دوليين، وليس على غرار وفد الدابي. ومن هنا يتضح أن سبب قبول الأسد لخطة أنان ما هو إلا لشراء الوقت مرة أخرى، وهذه هي اللعبة التي يجيدها الأسد منذ حكم سوريا، ومن أجل لخبطة الأوراق، وتعزيز موقف داعميه، سواء إيران أو روسيا، وبالتالي إرباك تركيا قبل مؤتمر أصدقاء سوريا، على أمل أن يتسنى للأسد الإجهاز على الثورة عسكريا.
هكذا يفكر النظام الأسدي، وهذا ما يفعله تماما، والدليل أنه في اليوم الذي أعلن فيه قبول مبادرة أنان قتل النظام أكثر من ثمانين سوريا، ولا يزال القتل بالطبع مستمرا حتى هذه اللحظة.
وعليه فيجب عدم الانخداع مرة تلو الأخرى بلعبات النظام الأسدي، ولا بد من الشروع في تسليح الثوار وعبر القنوات الصحيحة التي تعرف الأرض، وتعرف القيادات، وعدم الانتظار أكثر، فكل يوم يمر يعني قتل المزيد من الأبرياء السوريين على يد قوات الأسد.
  

السابق
قمة بغداد.. عودة الابن إلى رحمه..
التالي
لغـة الشبـاب: مـن «الشـوفـرة» إلـى «سبـايـكـي»