جمهورية الموز

تمر الأرقام والمعطيات والمعلومات الكوارثية في لبنان مرور الكرام، يسمع اللبنانيون بأنّهم يأكلون طعاما في معظمه فاسد أو على الأقل لا تتوافر فيه شروط السلامة.
وتنكشف قضية فساد هي الأخطر والأكبر في تاريخ لبنان الحديث ويظل الأمر وكأن شيئا لم يكن.
يُعلن وزير الصحة عن أنّ 85 في المئة من مياه الشرب الموجودة في الأسواق غير مرخّصة ولا تخضع أيضا لجهات رقابية رسمية، واللبنانيون يعرفون بأنّهم لا يشربون مياهاً نظيفة منذ سنوات، ولا يتحرّك لأحد منهم ساكناً أو حمية.
ماذا يجب أنْ يحدث حتى يخرج اللبنانيون من سُباتهم المذهبي والطائفي ويضغطوا على الدولة وحكوماتها حتى تكون أكثر احتراماً لهم في أبسط الأمور الحياتية والمعيشية كالمأكل والمشرب.
ما هي الكارثة أو الجريمة الجماعية المطلوبة أو المتوقّعة حتى يشعر الشعب اللبناني بأنّ التقوقع المذهبي والاستقطابات الطائفية لا تحمي أمنهم الاجتماعي والغذائي بل تهدده؟ وهل هذا الاستسلام والخنوع والسكوت عن كل هذه الفضائح هو اطمئنان أم موت أو غيبوبة جماعية؟ وهل يظل الزعيم زعيماً وحامياً للحمى حتى لو كان فاسداً مُفسِداً وغطاءً سياسياً لكل المجرمين الذين يعبثون بغذاء الناس وشرابهم ويجرّعونهم الغش ليس في السياسة فحسب بل في كل ما يتّصل بكينونتهم وحياتهم وصحتهم؟؟ واللائحة تطول.
لقد أصبح الأمر أشبه بجمهوريات الموز حيث لا حسيب ولا رقيب ولا دولة ولا شعب ولا مَنْ يحاسبون. حتى الضجة التي أُثيرت حول اللحوم الفاسدة لم تمنع بعض الحمايات السياسية والجميع يعرف هذا الأمر، هل ينتظر الشعب اللبناني أنْ يضرب البلد إعصار «كاترينا» حتى يستفيق من هذه الغيبوبة القاتلة؟ الأمر لم يعد بعيداً عنكم فلقد أصبح في أمعائكم فماذا تنتظرون؟!
  

السابق
ما الذي يجعل الموقف الروسي يتغير؟
التالي
سؤال للإسلاميّين ومن يتعدّاهم