اللواء: التفاهم على معالجة أزمة الإنفاق الإضافي يمهّد لتعيين رئيس مجلس القضاء ميقاتي يُعِدّ لقطع الحساب والمستقبل يرحب بانتظار الصيغة النهائية

رحبت كتلة "المستقبل" بتفويض الرئيس نجيب ميقاتي اعداد صيغة لقطع حساب انفاق السنوات الماضية، واصفة قرار مجلس الوزراء في هذا الصدد بأنه "جيد" واعتبرت مصادرها بأنه "يدل على احساس بالمسؤولية لدى الحكومة"، إلا انها استدركت بالقول بأن قوى 14 آذار تنتظر مسودة ما سيصل اليه الرئيس ميقاتي لتبني على الشيء مقتضاه".
وجاء تفويض الرئيس ميقاتي في جلسة مجلس الوزراء في بعبدا، امس، حيث احتل مشروع القانون المتعلق بالنفقات العامة عن الاعوام من 2006 الى 2010، البند الاكثر اهمية في ماقشات الجلسة، فضلاً عن مشروع اعطاء سلفة خزينة بقيمة 8900 مليار ليرة لبنانية لتغطية نفقات الادارات العامة عن العام 2012.
وكشفت المعلومات ان المناقشات حسمت بسرعة بعدالتفاهمات السياسية التي جرت في الساعات الماضية بين المكونات السياسية والنيابية للحكومة من اجل ايجاد تسوية الاشكاليات الانفاقات المالية المتراكمة والتي بلغت ارقامها من خارج الموازنة باتت معروفة للجميع.
وبإنتظار الاربعاء المقبل، الموعد المحدد ليرفع الرئيس ميقاتي مشروع الصيغة التي يفترض ان يكون قد توصل اليها، في وقت بدأت فيه شركة "برايس ووترز هاوس كوبرز" اعمال التدقيق وانجاز حساب المهمة وقطع حساب الموازنة العامة من العام 1993 لغاية العام 2010، بحسب اتفاق التراضي الموقع مع وزارة المال، تمضي الاتصالات على قدم وساق لايجاد تفاهمات مماثلة حول التعيينات المقبلة الاقل خلافاً: مثل تعيين عمداء كليات الجامعة اللبنانية، ورؤساء واعضاء مجلس الوزراء، او ترفيعات وتعيينات يعدها مجلس الخدمة المدنية.
وقال مصدر وزاري مطلع انه اذا بقيت الامور تسير في هذا الاتجاه، فإن احتمالات التفاهم على رئيس مجلس القضاء الاعلى تتزايد، لافتاً الانتباه الى البيان الذي صدر عن نقابة المحامين وتضمن تهديداً بالاضراب ما لم يعين رئيس مجلس القضاء الاعلى، مما يعني وفقاً للمصدر، ان "طبخة" التفاهم على هذا المركز اصبحت قاب قوسين او أدنى.
وأكدت هذا الاحتمال معلومات لاوساط رئيس مجلس النواب التي قالت ان تقدماً كبيراً حصل بملف التعيينات، خصوصاً لجهة تعيين رئيس مجلس القضاء واعضاء هيئة التأديب العليا وبعض المواقع في هيئات الرقابة.
مجلس الوزراء
وكانت الاتصالات التي توزعت أمس الأوّل بين المعنيين، ولا سيما الغداء الذي جمع الرئيس ميقاتي وممثلي كتل النائب ميشال عون وحزب الله وحركة أمل من الوزراء، قد نجحت في تجنيب مجلس الوزراء "خضة المليارات"، فكان التوافق سريعاً على دمج الاقتراحات والأفكار، والملاحظات المختلفة لمشروع قانون وزير المال محمد الصفدي، في "صيغة مبكلة" يعدها رئيس الحكومة لحل الحسابات من العام 2006 ولغاية العام 2010، على أن تتضمن تعابير دقيقة وواضحة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء في جلسته المقبلة التي تقرر انعقادها الأربعاء المقبل في قصر بعبدا، وهو موعد يصادف احتفال قوى 14 اذار بانطلاق "انتفاضة الاستقلال" في "البيال".
وأفادت مصادر وزارية أن المجلس لم يشأ احداث أي شرخ بين أعضاء الحكومة، ودخل الوزراء إلى قاعة الاجتماع وهم يُدركون مسبقاً أن ثمة توجهاً رئاسياً لتعديل مشروع الصفدي.
وفهم من هذه المصادر أن الرئيس ميقاتي كان قد استمزج خلال الغداء أمس الأوّل، وبعده، آراء عدد من الوزراء والخبراء لكيفية مقاربة هذا الملف، بهدف الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، خصوصاً وأن رئيس الجمهورية ميشال سليمان بارك هذا الحل.
وكشفت المصادر أن موضوع الانفاق المالي نوقش سريعاً، في ظل القرار المتخذ للسير بصيغة توافقية غير تصادمية، وجرى تثبيت هذا الأمر عبر الصيغة التي سيتقدم بها الرئيس ميقاتي، مشيرة إلى أن هناك اتفاقاً على ضرورة أن تكون أرقام الواردات والنفقات واضحة، مع منح دور لديوان المحاسبة في عملية التدقيق.

وأكّد مصدر وزاري لـنا أن مناقشات الجلسة تمت في أجواء هادئة، بعيداً عن اي انفعال أو ردّات فعل، ولم يشب النقاش أي مناخ سلبي، حيث أدلى عدد من الوزراء بدلوهم حول الانفاق المالي، وكان ابرزهم وزير الصحة علي حسن خليل، مع التشديد على أن مقاربة الملف تمت بشكل موضوعي وعلمي، من دون أي خلفية كيدية أو منهج تسووي، بل من خلال تطبيق القانون والدستور، ووضع قطع حساب شاف حول النفقات والواردات، وبناء عليه كلف مجلس الوزراء الرئيس ميقاتي اعداد صيغة لمشروع قطع حساب لمناقشتها الأربعاء المقبل، قبل إحالة المشروع الى ديوان المحاسبة، ومن ثم الى مجلس النواب.
ورأى المصدر انه من الممكن طي هذا الملف في حال تمكن رئيس الحكومة من اعداد صيغة يوافق عليها المجلس في جلسته المقبلة.
وقالت معلومات أن مسودة الصيغة الجديدة لمشروع القانون حول قطع الحساب التي سيعمل عليها الرئيس ميقاتي، هي "شبه جاهزة" وإن طرأت عليها تعديلات فستطال الشكل وليس المضمون.
وبحسب المعلومات، فإن المشروع هو من ثلاثة بنود، كل بند هو بمثابة مشروع قانون لقطع الحساب عن كل سنة من 2006 وحتى 2010، وكل بند يتضمّن الإيرادات والنفقات للسنة الفعلية، على أن ترسل مع المستندات ومواد القانون إلى مجلس الوزراء أولاً، ثم إلى ديوان المحاسبة ولجنة المال والموازنة النيابية، وتؤكد إحدى المواد في المسودة على دور ديوان المحاسبة في التدقيق وإصدار القرارات القضائية المناسبة. وفي المادة الأخيرة، تأكيد على عدم إعفاء وزارة المال من موجب إعداد حساب المهمة منذ العام 2003.
وأوضحت المصادر الوزارية أن الموافقة على خطة المياه المقدمة من الوزير جبران باسيل جاءت مشروطة بحيث أن أي مشروع يعدّه الوزير بهذا الخصوص عليه أن يعود به إلى مجلس الوزراء قبل تنفيذه.
الحدود
ولفتت المصادر إلى أن الوزير علي قانصو أثار موضوع إفراج لبنان عن بعض السوريين الذين دخلوا عبر الحدود، داعياً إلى الالتزام بالإتفاقيات المبرمة بين البلدين، وبالمعاهدة القضائية الموقّعة في العام 1951 بين لبنان وسوريا، معتبراً أن ما جرى يشجّع دخول المسلحين السوريين إلى لبنان، متسائلاً لماذا نزج بأنفسنا بهذه الأزمة؟، داعياً الى معالجة دخول السوريين وفق الشروط القانونية، وعدم ترك هؤلاء يسرحون ويمرحون وكأن البلد "سائب".
ووفق هذه المصادر فقد ردّ الرئيس سليمان بشيء من الحدة بالتأكيد على مقررات مجلس الدفاع الأعلى لجهة ضبط الحدود ومنع التهريب للسلاح والمسلحين، وضرورة توفير كل الشروط القانونية لإقامة شخص غير لبناني على الأراضي اللبنانية.
واشار الرئيس سليمان إلى ان المجلس الاعلى للدفاع استمع من القادة الامنيين للتدابير المتخذة على الحدود، مؤكدا ان القوى العسكرية حاصلة على التغطية السياسية اللازمة، بموجب قرار مجلس الوزراء رقم واحد الصادر بعد اتفاق الطائف، ولا حاجة لتكرار هذا الامر مجددا، مبديا ارتياح المجلس الاعلى للدفاع للاوضاع في البلاد، وعدم الحاجة إلى تضخيم الامور واخافة المواطنين، مثنيا على عمل القوى الامنية ودورها في حفظ الامن في البلاد وجهودها للمحافظة على الاستقرار.
تعميم قيادة الجيش
وسط هذه الاجواء، وبينما كان حلفاء سوريا يصعدون اللهجة ضد السفيرة الاميركية في بيروت مورا كونيللي على خلفية ما نسب اليها من معلومات عن مطالب قدمتها إلى الحكومة اللبنانية بشأن النازحين السوريين الذين تزايد عددهم بعد اقتحام بابا عمرو في حمص، توقفت الاوساط المراقبة عند التعميم التوجيهي غير المسبوق الذي اصدرته قيادة الجيش إلى العسكريين، والذي تضمن قراءة سياسية لما يجري في المنطقة وسوريا، وامتداداتها على لبنان، وكان لافتاً للانتباه اشارة التعميم إلى ان "الجيش سيقوم بالخطوات الاستباقية منها، وسيضرب بيد من حديد اي محاولة لاختراقه او للنيل من تماسك جنوده وولائهم"(…) وانه "سيلاحق العابثين بالامن وبصيغة العيش المشترك بين اللبنانيين، اينما وجدوا والى اي جهة انتموا".
كذلك توقف المراقبون عند مضمون التعميم الذي حمل عنوان: "الحفاظ على السلم الاهلي وتحصين الوطن من الاخطار" ولا سيما ما جاء فيه بالنص، حيث قال موجهاً حديثه إلى العسكريين: "في أكثر من منطقة كانت تواجهكم تحديات وضغوطات لثنيكم عن متابعة أداء رسالتكم، مرة من خلال الحملات السياسية التي حاولت التقليل من حجم اصراركم على حماية ساحتكم الداخلية من ارتدادات الخارج، ومرة من خلال محاولة الايقاع بالعسكريين والنيل من مناعتهم الوطنية عن طريق اثارة الغرائز الدينية والمذهبية لدى بعضهم لحمله على سلوك خيارات فئوية لا تخدم مصلحة الجيش واللبنانيين جميعا، وهذه المحاولات البائسة مهما بلغت نتائجها فهي ساقطة حتما الى غير رجعة، كما ضحاياها ويبقى الجيش الذي لن يتهاون في حماية بنيانه حفاظا على ارواح الشهداء وآمال المواطنين".

السابق
الانوار: مجلس الوزراء ينأى بنفسه عن قضية المليارات ويحيلها الى ميقاتي
التالي
الشرق الأوسط: الجيش اللبناني يتحدث عن محاولة لاختراقه مذهبيا وطائفيا قال إن التحديات تنذر بعواقب وخيمة