روسيا تلعب في الوقت الضائع

لروسيا الحق في الدفاع عن مصالحها ولكن ليس من حقها الدفاع عن من يقتل الابرياء وطريقها عبر الشرق لا يمر فقط عبر نظام معين .

يذكرنا موقف روسيا اليوم المستيقظة على اعادة أمجاد القياصرة باحدى مباريات كرة القدم عندما ينتفض الفريق الخاسر في الوقت البدل عن ضائع من اجل تحقيق النصر فيكون قد فات الاوان .
وان كان بوتين يستميت في الدفاع عن النظام السوري تحت شعار حملته الانتخابية الرئاسية الدفاع عن المصالح الروسية واعادة تسليح روسيا بما يتناسب مع ضرورة التنافس العالمي واعادتها الى زمن الثنائية القطبية ظنا منه بأن بث روح الامجاد الغابرة في نفس المواطن الروسي سوف تمكنه من الفوز بالانتخابات .

صورة القائد المنتظر التي يريد بوتين ان يرسمها في مخيلة شعبه ليس من الضرورة ان تأتي على حساب دماء شعب أعزل فكان يمكن أن تأتي في زمن حرب الناتو على صربيا أو تدخل الناتو في ليبيا بغض النظر عن اجرام النظام الليبي حيث المصالح الروسية في ليبيا أكبر بكثير من سوريا أو في زمن احتلال العراق.

ليس صحيحا ان استماتة روسيا بالدفاع عن النظام السوري هو من أجل الحفاظ على مصالحها فقط، وبأن خسارتها لسوريا بشار الاسد سوف تكون خروج روسيا من الشرق، فإيران ما زالت موجودة وهي على حدود تركيا والعراق وافغانستان، الروس كانوا يستطيعون ان يعوضوا هذه المصالح من خلال فتح خطوط تواصل مع المعارضة السورية ومن خلال عقد صفقات واتفاقيات مع دول الخليج والتي عرضت عليهم ولكان في ذلك مصلحة اكبر لروسيا، ولكن هنالك سببين اساسيين للتعنت الروسي الاول:"اقتراب الانتخابات الرئاسية والتي يريد ان يلعب قبلها بوتين دور القائد الحامي للمصالح الروسية بوجه الغرب"، اما السبب الثاني والاهم فهو شعور الروس بخطر الربيع السّني يدق أبواب دول القوقاز الاسلامية على حدود روسيا القيصرية، فروسيا تعلم علم اليقين بأن ما يحصل هو ربيع سّني وليس ربيع عربي، ربيع بدأ مع ثورة بيضاء ديمقراطية في تركيا وامتدت الى الدول العربية وان أخذت في بعض الدول اشكال مختلفة ولكن التغيير نتائجه واحدة وصول الاسلام السياسي الى سّدة الحكم وسقوط انظمة استبدادية ديكتاتورية تسير على نهج القمع وكم الافواه وقطع الاعناق.

فالانظمة التي سقطت والتي تسقط شبيهة كل الشبه بأنظمة دول القوقاز الاسلامية وفي هذه الدول القوقازية بدأت بعض التحركات وان كانت خجولة ولكن من المرجح ان منطقة الثورات القادمة هي هذه الدول وعندما تتحول الانظمة في هذه الدول بما يتماشى مع تطلعات شعوبها وافكارهم فبالتأكيد لن تصب في مصلحة روسيا بل انها سوف تكون خطرا جديا على ابوابها يدق ركائز نظامها وامنها فاذا الشيشان وداغستان تقلق وترهق روسيا فكيف بدول القوقاز مجتمعة؟
فخطر الثورات ربما هو حقيقي ويهدد المصالح الروسية ولكن يبقى هناك طرق اخرى غير طريق محاربتها لحفاظ روسيا على مصالحها فيمكنها ان تمد جسور الحوار مع هذا الربيع القادم وتجد مكانا لها في هذا الشرق الجديد فالشرق الاسلامي اصبح واقعا وانبثق من ارادة شعبية وبتضحيات احراره وهو سيل جارف لا يستطيع ان يوقفه احد فعصر النهضة في الشرق بدأ وان أتى متأخرا، وعلى روسيا ان تحذو حذو الغرب الذي تماشى وسلم بالامر الواقع ادراكا منه بأن الواقعة وقعت وان كان على مضض.

السابق
دورة تدريبية عن البرمجة في حقوق الطفل
التالي
جنبلاط_حزب الله: الصدام مؤجّل؟