تفاصيل الجريمة المروعة في صيدا

 أفاد مندوبنا  بأن جريمة مروّعة استفاقت عليها المدينة أمس، أما أبناؤها، فهالهم المشهد، مواطن سوري، أقدم على قتل الصيرفي الصيداوي محمد الناتوت «أبو مازن» البالغ من العمر 66 عاماً في محلّه للاتصالات والصيرفة عند مستديرة الياس إيليا في المدينة، أما الهدف فكان السرقة.
الجريمة كانت محل استنكار واسع من مختلف القوى السياسية والهيئات الاقتصادية والاجتماعية. فيما كان الحزن والحداد يخيم على المدينة التي تشهد في الآونة الأخيرة أعمالاً تخريبية متفرقة. المحال التجارية أقفلت أبوابها. وعمد المواطنون الغاضبون فوراً إلى إقفال الطريق الرئيسية قرب محل المغدور وسط المدينة بالاطارات المشتعلة، لكن ذلك لم يهدّئ من روع المواطنين أو يخمد نار غضبهم، إلى أن أتى الخبر اليقين ومفاده أن مخابرات الجيش اللبناني ألقت القبض على القاتل، فسارع الأهالي إلى المطالبة بإنزال عقوبة الإعدام بالجاني في المكان ذاته.

وفي تفاصيل الجريمة، أن مجهولاً هاجم فجر أمس محل محمد الناتوت – 66 عاماً المعدّ لبيع أجهزة الخلوي والبطاقات مسبقة الدفع وملحقاتها في محلة مستديرة إيليا، وعاجَلَ صاحبه بطعناتٍِ عديدة وقوية، كانت كفيلة بوضع حدّ لحياته، وسرق مبلغاً من المال قبل أن يلوذ بالفرار.
وفور معرفة القوى الأمنية بالحادث، سارعت إلى المكان حيث بدأت على الفور بمعاينة الكاميرات المثبتة بعد نقل جثة الضحية إلى المستشفى، ما مكّنها من معرفة تفاصيل تنفيذ عملية القتل المتعمد بقصد السرقة، وقامت بمطاردته بعد توزيع معلومات عنه، حيث تمكنت من توقيفه ويدعى ناصر الفارس (من مواليد عام 1990) سوري، وضبطت بحوزته مبلغ 5000 دولار أميركي تبين أنه سرقها من المحل.
وأوقف الجاني بناءً على اشارة القضاء المختص للتوسّع في التحقيق معه ومعرفة ما إذا كان من ذوي الأسبقيات الجرمية ليبنى على الشيء مقتضاه.
وبحسب مصادر صيداوية، فإن هذه الجريمة كشفت عن الأمن المفقود في المدينة، على رغم من تمكّن القوى الأمنية إلقاء القبض على الجاني. إلا أن المدينة تشهد منذ فترة أعمالاً خارجة عن القانون، منها السرقات وإحراق سيارات، إضافة إلى تفشي ظاهرة المخدرات من دون رادع.
وتضيف المصادر أن الاجراءات التي تجريها الجهات الأمنية في المدينة لم تشكّل أي نوع من الحماية للمواطنين، على الرغم من الجهود التي تبذلها من أجل ذلك.
وكان قائد منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد ديب الطبيلي استقبل في مكتبه في سراي صيدا الحكومية المواطن فصيح كعوش سائق سيارة الأجرة الذي كان له دور أساسي في كشف الجريمة، وإلقاء القبض على القاتل. وبناءً على تكليف من مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، قام العميد طبيلي بتسليم السائق كعوش مكافأة مالية من المديرية تقديراًَ لجهوده وأمانته في الإبلاغ عن مكان الجاني، وصولاً إلى القاء القبض عليه.
وعصراً، شيّع المغدور، واخترق موكب التشييع شارع رياض الصلح في مدينة صيدا باتجاه مسجد بهاء الدين الحريري، حيث صلّي على جثمانه وأقيمت مراسم الدفن في مقبرة صيدا الجديدة. وأطلق عدد كبير من المشيعين صيحات التكبير والمطالبة بإعدام القاتل مرتكب الجريمة.
وكان مواطنون غاضبون قطعوا عدداً من الطرق الرئيسية في المدينة، وتحديداً تقاطع إيليا ومستديرة جمال عبد الناصر «النجمة»، تنديداً بالجريمة. وفي وقت رفع فيه المواطنوان نصباً لمقصلة، في إشارة إلى مطالبتهم بإعدام القاتل.
استنكارات
رئيس التنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد عبّر عن بالغ الحزن والأسى لسقوط محمد الناتوت ضحية جريمة بشعة مستنكرة. وتقدّم بخالص التعازي القلبية الصادقة من عائلة الفقيد، ومن أصدقائه ومحبيه وسكان مدينة صيدا عموماً الذين عرفوه إنساناً خلوقاً وطيب المعشر.
وقال سعد: «إن الجريمة البشعة تستحق من الجميع كل الشجب والاستنكار. ونحن نطالب القوى الأمنية التي قامت بواجباتها في إلقاء القبض على المجرم، نطالبها باتخاذ إجراءات حماية فعالة من شأنها أن تحدّ من إمكانية حصول جريمة مماثلة في المستقبل. كما نطالب بلدية صيدا بإعادة تفعيل الحرس البلدي لكي يقوم بدوره في أعمال الحراسة في المدينة. ونطالب القضاء بالإسراع في محاكمة المجرم، وإنزال القصاص العادل به لكي يكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه الاعتداء على المواطنين الآمنين».
ولهذه الغاية، أجرى سعد سلسلة اتصالات شملت المفتي الشيخ سليم سوسان، ورئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب محمد حسن صالح، ورئيس جمعية تجار صيدا علي الشريف. وجرى التشاور خلال الاتصالات في أسلوب التعبير عن موقف صيدا الشاجب للجريمة، والمطالب بتوفير الحماية الأمنية لسكانها.
من جهتها، تقدّمت بلدية المدينة في بيان أصدرته أمس من عائلة المغدور ومن أهالي صيدا بالتعازي، مطالبة بالاقتصاص من المجرم وكل متورط يكشفه التحقيق.
كما اعتبرت الهيئات الاقتصادية في صيدا والجنوب، وجمعية تجار صيدا وضواحيها، وتجمع صناعيي صيدا والجنوب في بيان صدر أمس، أن «الجريمة النكراء التي نالت من حياة ابن المدينة، نالت معها أيضاً مما تبقى من أمن واستقرار وأمان ينشده المواطن»، لافتة إلى أن مقتل الناتوت بهذه الطريقة أثناء وجوده في مكان عمله، أصاب المدينة وهيئاتها الاقتصادية والتجارية في الصميم.
بدوره، استنكر المسؤول السياسي في «الجماعة الاسلامية» ـ الجنوب بسام حمود الجريمة النكراء، وأثنى على الجهود السريعة للقوى الامنية التي مكّنتها من معرفة القاتل وإلقاء القبض عليه، مقدّماً التعازي إلى ذوي المغدور.
كما استنكر مجلس محافظة الجنوب في حركة «الناصريين المستقلين – المرابطون» جريمة القتل، وأثنى المجلس على «جهود مديرية المخابرات في الجيش اللبناني لاعتقالها المجرم»، ودعا إلى «تطبيق حكم الإعدام بحقه ليكون عبرة لمن اعتبر».
من جهة أخرى، عقد في دار الافتاء في صيدا، بدعوة من مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، اجتماع حضره النائب فؤاد السنيورة وممثلون عن الطوائف الروحية وعلماء دين وفاعليات سياسية واجتماعية وحزبية، وقضاة، وقادة الأجهزة الأمنية ورؤساء بلديات ومختارون.
وافتتح المفتي سوسان اللقاء، بكلمة أكّد فيها على ضرورة الحفاظ على أمن المدينة من العابثين والمجرمين، داعياً إلى انزال القصاص العادل بحق كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن المدينة وارتكاب الجرائم.
وفي الختام، أصدر المجتمون بياناً جاء فيه: «إن هول الجريمة النكراء التي ارتكبت بقتل المواطن الصيداوي المرحوم محمد الناتوت، جاءت تتويجا لسلسلة من الارتكابات الامنية والسرقات التي عانت منها مدينة صيدا في الآونة الأخيرة. لقد أتت هذه الجريمة في ظروف يتوق فيها المواطن إلى الامن والاستقرار، ويكفيه ما يعانيه من صعوبات الحياة. فالأمن والاستقرار في الحياة الانسانية يساوي الرغيف. ولا يمكن لأي مواطن أن يعيش في ظل سرقات واضطرابات وجرائم».
وتابع: «من هنا يتوجّه المجتمعون إلى الدولة اللبنانية بكل أجهزتها الأمنية والقضائية، بأن تضرب بيد من حديد على أيدي المجرمين وتنزل بهم أشدّ العقوبات ليكونوا عبرة لأمثالهم، ويستتب الامن في هذه المدينة الطاهرة».
وختم: «نهيب بكلّ الأجهزة الأمنية والقضائية، وفي هذه الظروف الدقيقة من تاريخ هذا الوطن، بأن تقوم بمسؤولياتها، فتفرض الأمن كاملاً».   

السابق
الى الخليج..
التالي
النهار: صحافي بريطاني جريح من بابا عمرو إلى لبنان وكلينتون: يمكن اعتبار الأسد مجرم حرب، ولكن