هل ينجح الرئيس السنيورة في فتح قنوات الحوار؟

أكدت قيادات «قوى 14 آذار» و«تيار المستقبل» ان الرئيس سعد الحريري لن يشارك شخصياً في الاحتفال الذي يقام في 14 شباط في الذكرى السنوية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في قاعة البيال، وأن المشاركة ستكون عبر كلمة متلفزة إضافة إلى كلمات أخرى لقيادات 14 آذار، لكن هذه القيادات لم تحسم القرار بشأن الاحتفال في 14 آذار، سواء على صعيد الشكل أو المضمون.
وبموازاة ذلك، تحدثت مصادر مطلعة في «تيار المستقبل» عن بدء الرئيس فؤاد السنيورة سلسلة تحركات من أجل التحضير لإطلاق مبادرة حوارية جديدة وخصوصاً باتجاه الرئيس نبيه بري وقيادة حزب الله.
وأوضحت المصادر «ان السنيورة عقد قبل عدة أيام اجتماعاً موسعاً هو الأول من نوعه، مع عدد من الكوادر والعاملين في المؤسسات الإعلامية «لتيار المستقبل» حيث شرح لهم رؤيته للأوضاع الداخلية والخارجية والتأكيد على ضرورة العمل لدعم المبادرات الحوارية مع كافة الأطراف».
وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد أشاد في تصريحات إعلامية بالمبادرات التي يقوم بها الرئيس السنيورة تجاه القيادات الشيعية اللبنانية، وخصوصاً زيارته لنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وللعلامة السيد علي فضل الله، والتي تركزت على ضرورة تعزيز الوحدة الإسلامية والوطنية وملاقاة المتغيرات والتطورات التي تحصل في الوطن العربي وخصوصاً الدور الجديد للأزهر الشريف في مصر وما يطلقه من مبادرات ووثائق إسلامية.
ويستعد «تيار المستقبل» لإطلاق وثائق سياسية وفكرية جديدة حول المتغيرات في المنطقة، وقد شكِّلت لجنة مصغرة لإعداد هذه الوثائق ضمت الوزير السابق حسن منيمنة، والنائب نهاد المشنوق والدكتور رضوان السيد والأستاذ نصير الأسعد وشخصيات أخرى.
فما هي أهداف وأبعاد المبادرات والتحركات الحوارية التي يشرف عليها الرئيس فؤاد السنيورة؟ وهل سينجح الرئيس السنيورة في فتح قنوات الحوار مع قيادات قوى 8 آذار؟
أهداف المبادرات الحوارية
تقول مصادر مطلعة في تيار المستقبل «إن الرئيس السنيورة يعتبر أن لبنان والمنطقة العربية يشهدان تغيرات سريعة، والمطلوب العمل لملاقاة هذه المتغيرات من خلال تحصين الوضع اللبناني والعمل لمنع حصول أية ارتدادات سلبية لما يجري في سوريا على لبنان». وتضيف: رغم وجود بعض الخلافات مع عدد من القيادات اللبنانية، وخصوصاً الرئيس نبيه بري وقيادة حزب الله حول النظرة لما يجري في سوريا، فإن ذلك يجب ان لا يكون عائقاً أمام التواصل معهما، وخصوصاً أن بري كان قد اطلق عدة رسائل ايجابية تجاه قوى 14 آذار وتيار المستقبل.
وتتابع المصادر: «كما لا بد من الاشارة الى وجود بعض التباين بين بري والعماد ميشال عون بشأن التعاطي مع الملفات الداخلية، ما يعني أن قوى 8 آذار لا تشكل تكتلاً سياسياً متماسكاً وأنّ بالإمكان العمل لفتح قنوات الحوار مع بعض هذه القيادات، ما قد يساهم في رسم خريطة سياسية جديدة في لبنان بعيداً عن الانقسام العمودي القائم حالياً بين 8 و14 آذار».
وتؤكد المصادر «ان الرئيس السنيورة يعتبر أن المطلوب عدم انتظار نتائج الأوضاع في سوريا، بل لا بدّ من العمل لتحصين الوضع اللبناني وطنياً واسلامياً ليكون لبنان مستعداً لملاقاة المتغيرات أو التطورات في حال عدم حسم الأوضاع واتجهت الأمور في سوريا نحو حرب مفتوحة أو اذا حصل تغيير في النظام السوري».
هل ينجح الحوار؟
لكن السؤال الأهم الذي يمكن ان يطرح اليوم: هل ستنجح المبادرات الحوارية التي قد يطلقها الرئيس فؤاد السنيورة سواء في ذكرى 14 شباط أو خلال الاحتفال الذي سيشارك فيه في صيدا بمناسبة ذكرى تحرير المدينة من الاحتلال الاسرائيلي أو عبر تبني الوثائق التي يُعدّها تيار المستقبل؟
مصادر مطلعة تواكب العمل لاطلاق بعض هذه المبادرات الحوارية تقول «ان أي جهد حواري على الصعيد اللبناني ستكون له نتائج ايجابية حتى لو لم يحقق نتائج كاملة، لأن المطلوب اليوم تنفيس حالة الاحتقان السياسية والمذهبية والطائفية، وإن القيادات والقوى الشيعية بمختلف اتجاهاتها لم تقفل باب الحوار، بل هي أبدت استعدادها للمشاركة في أي جهد حواري لبحث مستقبل لبنان والمنطقة ومنع اتجاه الأوضاع نحو صراع مذهبي أو طائفي».
وأوضحت المصادر «ان اللقاءات التي عقدها السنيورة مع الشيخ عبد الأمير قبلان والسيد علي فضل الله تركت أصداءً ايجابية، وهناك بحث جدي في الأوساط الشيعية في كيفية التعاطي مع المتغيرات الحاصلة في المنطقة، ولا سيما ما يجري في سوريا، وانه رغم حرص هذه الأطراف على حماية الاستقرار في سوريا في اطار النظام القائم مع دعم التغيير والاصلاح فإنها في الوقت نفسه تنظر بقلق وخوف لاتجاه الأوضاع نحو حرب مذهبية أو أهلية، ما يتطلب دراسة ما يجري والبحث عن حلول سياسية للأزمة القائمة والعمل لوقف سفك المزيد من الدماء».
واضافة إلى الأجواء الحوارية لدى الرئيس فؤاد السنيورة والقيادات الشيعية، فإن العديد من القيادات السياسية اللبنانية ترحب بدعوات الحوار وخصوصاً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والجماعة الإسلامية وقيادات دينية أخرى، وقد بذلت شخصيات دينية وسياسية خلال الأسابيع الماضية جهوداً مكثفة لفتح قنوات الحوار وللبحث جدياً في مستقبل الوضع اللبناني في ظل المتغيرات والتطورات الحاصلة في سوريا والوطن العربي.
لكن مصادر مقربة من حركة أمل وحزب الله تعتبر «ان أية مبادرة حوارية يجب ان تكون شاملة وتضم جميع الأفرقاء اللبنانيين وأن لا تنطلق من شروط أو حسابات سياسية محددة أو لتحقيق أهداف جزئية، فالمرحلة تحتاج اليوم لحوار جدي وصادق يعالج مستقبل لبنان على ضوء المتغيرات، وان على الجميع ان يدركوا ان هذا البلد لا يمكن ان يُحكم من طرف ضد طرف، وان الاستقواء بالخارج أو بالمتغيرات الخارجية لن يفيد أحداً».
فهل سنشهد في الأفق القريب مبادرات حوارية جديدة أم مجرد خطوات سياسية تكتيكية لتقطيع الوقت بانتظار المجهول الآتي من الشرق».
  

السابق
ميقاتي: لا يمكن استعمال لبنان كممر للتآمر
التالي
على عتبة عاصمة الثقافة الإسلامية السلطة اولاً