يا عدرا اعينينا على أمثال أبو فاضل

قد لا تكفي كلمة "عيب" للدلالة الى المسرحية الهزلية المشينة التي عرضت على شاشة قناة "الجزيرة" مساء الثلثاء في برنامج "الإتجاه المعاكس" بين المحامي اللبناني جوزف أبو فاضل والمعارض السوري محي الدين اللاذقاني. الإختلاف في الرأي أمر مطلوب ومرغوب، لأننا لا نعيش في بلد النظام الواحد والعقيدة الواحدة، وهذا الأمر هو ما سمح لأبو فاضل، وغيره، بإبداء رأيهم بحرية، ولو كنا حتماً لا نتفق معه في دفاعه المستميت عن النظام السوري.
لكن حرية ابداء الرأي ليست فلتاناً ميليشيوياً عبر الهواء المباشر، والنجومية لا تصنعها العضلات المفتولة والكلام البذيء الذي صار معتمداً في الخطاب السياسي اللبناني، الآخذ الى الهبوط بسرعة قياسية، بعدما بلغ الميليشيويون المناصب المتقدمة في هرمية الدولة اللبنانية، وجاؤوا باتباعهم الى المراكز المحيطة، فنصّبوا عدداً منهم مستشارين وآخرين في مواقع ادارية، وجعلوا من بعضهم اعلاميين وكتاباً، ومحللين استراتيجيين خصوصاً!

جوزف أبو فاضل، بما فعله الثلثاء، نموذج لهذا الوضع المتردي وغير المقبول، والذي يسيء الى عوالم الكتاب والإعلاميين والمحللين، وكل اللبنانيين، كأن الفضيحة لا تكفي عبر محطاتنا اللبنانية لنعممها على الفضائيات الواسعة الإنتشار.
فعلى مثال فايز شكر ومصطفى علوش، خطا أبو فاضل، بل تجاوز المستوى الكلامي والعنفي، لكسب علامات اضافية في رصيد متناقص، وان يكن الطرف الآخر لم يقصّر هو أيضاً في الهبوط بالمستوى الحواري والإستفزاز غير المقبول.
انقسم اللبنانيون أمس ما بين مؤيد ومعارض، وهذا أمر لا ينم عن ذكاء وفطنة طبعاً، بل عن انقسام سياسي عميق، لا يخلو من الغباء، اذ انهم يتجاوزون كل القيم والعادات والتقاليد، وخصوصاً المقاييس، ليدافعوا دفاعاً أعمى مستميتاً، سواء عن أبو فاضل وصحبه من المستميتين في الدفاع عن سوريا، أو عن المعارض السوري كأنه من أبناء عمنا أو لنا علاقة قربى به، أو كأننا ضامنون لما ستؤول اليه الأمور مع سلطة سورية جديدة، ربما تحتاج الى كثير وقت كي تستقر رؤيتها وفكرها وأوضاعها الميدانية.

الإنفعال السريع واللجوء الى العنف والضرب لا يليقان بمن نصّب نفسه في موقع السياسي أو الكاتب أوالمحلل، لأنها أمور تحتاج الى هدوء وعمق تفكير لا يتفقان مع ردات الفعل الغرائزية والشارعية.
أما الكلام البذيء فحدث ولا حرج، لانه تجاوز كل حدود المقبول، ولكن ليس من يحاسب على تلك الإساءات الى الناس، والى المشاهدين، والى المحطة وضيوفها، وبخاصة الى الذوق العام لدى العامة والخاصة على السواء.
ولعل أطرف ما نطق به أبو فاضل قوله "وحياة العدرا بقوم بضربه لهالكلب". فيا عذراء اعينينا في ضبط العنف واللسان، ولا تعينيه في ما ذهب اليه من تصرف مهين ومشين، كما اننا لن نحملك عبء اعانة الطرف الآخر في مسرحية تفترض حوار العقل، لا قتال المجانين!
  

السابق
حسين الموسوي: حفظ المقاومة في لبنان وفلسطين واجب على كل المنادين بالحق والعدل
التالي
سوريا اليوم: لحظة السقوط؟!