مجلس الأمن لمشروع يلحظ النقاط الروسيّة

أكّد دبلوماسيّون في نيويورك أنّ أعضاء مجلس الأمن الدوليّ يناقشون صيغةً جديدة للمشروع العربي – الغربي في شأن سوريا، يتضمّن تنازلات بناءً على طلب روسيا. وفيما أحيا المعارضون للنظام السوريّ أمس الذكرى السنويّة الثلاثين لمجزرة حماة التي أسفرت في ثمانينيّات القرن الماضي عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، صعّد النظام حملته العسكرية ضدّ معارضيه مكثفاً حملات الدهم، والاقتحامات
في ريف درعا.

وأشارت آخر التقارير الواردة من نيويورك، إلى أنّ الصيغة الجديدة التي وُضِعَت للمشروع إثر مفاوضات أمس الأوّل بين سفراء الدول الـ 15 الأعضاء، لا تتطرّق إلى تفاصيل عمليّة انتقال السُلطة في سوريا، التي تحدّثت عنها جامعة الدول العربيّة في خطّتها لحلّ الأزمة السوريّة وطرحتها في كانون الثاني الفائت.

وأوضح دبلوماسيّون أنّ "المشروع يدعم الخطّة العربيّة، لكنّه لا يُشير إلى تفاصيل عمليّة انتقال السُلطة، وخصوصاً تفويض الرئيس السوريّ بشّار الأسد صلاحيّاته إلى نائبه"، لافتين إلى أنّ "التصويت على قرار لن يتمّ قبل الأسبوع المُقبل".

وقال دبلوماسيّ آخر إنّ "المهمّ هو أن يدعمَ مجلس الأمن الخطّة العربيّة، وأن تتضمّن الصيغة الجديدة للمشروع بنداً يلحظ أنّ المجلس سيُناقش تطوّرات الأزمة السوريّة في الأسابيع الثلاثة التي تلي تبنّي القرار".

ومنذ بداية المفاوضات، شدّدت روسيا خصوصاً على ضرورة ألّا يدعو مجلس الأمن مُسبقاً إلى تنحّي "الأسد".

وأشار دبلوماسي إلى أنّ "موسكو لا تريد عمليّة انتقاليّة مفروضة"، مؤكِّداً أنّ المهمّ في هذا السياق "العثور على الكلمات المُناسبة".

ولم يعد النصّ يُشير أيضاً إلى العقوبات الاقتصاديّة التي فرضتها الجامعة العربيّة على دمشق في تشرين الثاني 2011، أو إلى فقرة أخرى كانت تُبدي قلق المجلس حيال بيع أسلحة إلى سوريا، خصوصاً أنّ موسكو ترغب في مواصلة هذا الأمر.

وفي وقت سابق، أعلن نائب وزير الدفاع الروسيّ أناتولي أنطونوف، أنّ روسيا ستواصل تصدير أسلحة إلى سوريا. وكان وزير الخارجيّة الروسيّة سيرغي لافروف أعلن الثلثاء الفائت للتلفزيون الأستراليّ أنّ موسكو تَفي بـ"التزاماتها بالعقود التجاريّة" مع سوريا، مؤكِّداً أنّ الأسلحة المَبيعة إلى دمشق لم تُستخدم ضدّ المُتظاهرين.

وبحسب سفير إحدى الدول التي وقفت إلى جانب روسيا في الملفّ السوريّ، فإنّ "موسكو ستجد نفسها معزولة إذا ما تصلّبت مجدّداً إزاء الصيغة الجديدة لمشروع القرار، لأنّ الصين لن تقف معها هذه المرّة".

ولم تُعلّق روسيا حتّى الآن على مشروع القرار الجديد الذي لا يزال قيد التشاور، لكنّها كانت هدّدت باللجوء إلى حقّها في النقض (الفيتو)، إذا صوّت المجلس "على نصّ نعتبره خاطئاً".

العربي

في المواقف الدوليّة، أكّد الأمين العام لجامعة الدول العربيّة نبيل العربي أنّ "نظام الرئيس السوريّ بشّار الأسد يرزح حاليّاً تحت ضغوطات دوليّة كبيرة، ولا يُمكن أن يستمرّ إلى الأبد"، مضيفاً "أنّ خروج الناس إلى الشوارع يعني بلا شكّ حتميّة الاستجابة لمطالبهم". وشدّد في مقابلة مع محطة "CNN" الأميركيّة، على أنّ "القرار الدوليّ المُنتظر في شأن سوريا سيضع الضغط على دمشق، لأنّها ستُدرك أنّ موسكو لا تستطيع الوقوف لجانبها إلى الأبد، ذلك أنّ الروس أيضاً يتعرّضون لضغوط كبيرة الآن (…) فالوقت ينفد والناس يموتون في الشوارع".

واستبعد التدخّل العسكري في سوريا، قائلاً: "هذا عام الانتخابات في الولايات المتّحدة وفرنسا، فيما تواجه أوروبا صعوبات اقتصاديّة، ولا أظنّها تدخل في مشروع مُماثل".

الدابي

من جهته، أعلن رئيس بعثة المُراقبين العرب إلى سوريا الفريق أوّل (السودانيّ) محمد مصطفى الدابي أنّه "راضٍ" عن أداء بعثته على رغم استمرار القمع الدامي في هذا البلد، قائلاً للصحافيّين في الخرطوم: "أقسم بالله العظيم بأنّي راضٍ عن نفسي وعن الذين يعملون على الأرض السوريّة معي (…) لكن هناك حملة ضدّنا، لأنّهم لم يفهموا دورنا". ووصف الوضع في سوريا بأنّه "حرب"، مؤكِّداً مُشاهدته "حالات تعذيب"، رافضاً التعليق على المُناقشات في مجلس الأمن في شأن الأزمة السوريّة.

آشتون

تزامناً، دعت المُنسّقة العُليا للسياسة الخارجيّة في الاتّحاد الأوروبّي كاثرين أشتون، روسيا "السماح لمجلس الأمن بالعمل على أساس مشروع القرار العربي الذي تؤيّده أوروبّا".

وأضافت، في جلسة عقدها البرلمان الأوروبّي، أنّ "على موسكو الوفاء بالتزاماتها تجاه السلام والأمن الدوليّين"، مُشدّدة على أنّ "مصير الشعب السوريّ على درجة أهمّ من التحالفات القديمة".

فيسترفيلله

في غضون ذلك، دعا وزير الخارجيّة الألمانيّة غويدو فيسترفيلله الرئيس السوريّ إلى "الاستقالة"، قائلاً بعدَ اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيليّ إيهود باراك في تلّ أيب: "لا مستقبل للأسد، وعليه تمهيد الطريق للانتقال السلميّ من أجل إنهاء العنف والقمع".

غول

وفي تركيا، أعلن الرئيس عبد الله غول، أنّ بلاده قد تُفكّر في منح اللجوء لعائلة الرئيس السوريّ، موضحاً: "لم يطلب أحداً ذلك، لكنّنا إذا ما طُلب منّا منح اللجوء للأسد، فسندرس الأمر بالتأكيد".

بروجردي

من جهة ثانية، أشار رئيس لجنة الأمن القوميّ والسياسة الخارجيّة في مجلس الشورى الإيرانيّ (البرلمان) علاء الدين بروجردي إلى "الفشل الذريع للمُخطّطات الأميركيّة لتغيير نظام سوريا السياسيّ"، مُعتبراً أنّ "مساعي بعض بلدان المنطقة، مثل السعودية وقطر، لإسقاط الأسد تأتي في سياق الضغوط الأميركيّة".

قتلى وتفجيرات واقتحامات

ميدانيّاً، قُتل خمسة مدنيّين، أمس، في مُحافظتَي درعا وإدلب على أيدي القوّات النظاميّة، حسب ناشطين سوريّين. في الموازاة، أفاد "المرصد السوريّ لحقوق الإنسان" أنّ "دبّابات وناقلات جُند مُدرّعة اقتحمت بلدة الجيزة (ريف درعا)، وبدأت إطلاق النيران من رشّاشاتها الثقيلة في اتّجاه المنازل"، مُشيراً إلى أنّ "القوّات السوريّة أحرقت عشرات الدرّاجات الناريّة".

من جهتها، أكّدت لجان التنسيق المحلّية (التي تُشرف على الحركة الاحتجاجيّة ميدانيّاً)، "وقوع العديد من الجرحى في سقوط قذائف على بلدة الجيزة أثناء اقتحامها صباح أمس".

وفي ريف العاصمة، قال المرصد إنّ تفجيرات شديدة هزّت قرية تلفيتا (40 كلم شمال شرق دمشق)، التي تشهد منذ أيّام عمليّات عسكريّة واسعة تسعى السُلطات خلالها إلى القضاء على من تُسمّيهم "جماعات مُسلّحة إرهابيّة"، مُشيراً إلى وصول تعزيزات عسكريّة إليها.

وأفاد أنّ "القوّات الأمنيّة نفذّت صباح أمس مُداهمات واعتقالات في بلدات عين ترما وعربين وزملكا وزبدين ودير العصافير وشارع الجلاء في مدينة دوما".

وقد شهد شرق البلاد عمليّات مماثلة في بلدة القوريّة، حسب المرصد.

"عذراً حماة"

وكانت المعارضة دعت إلى التظاهر أمس واليوم الجمعة في سائر أنحاء البلاد تحت شعار "عذراً حماة"، إحياءً للذكرى السنويّة الثلاثين للمجزرة المُرتكبة بالمدينة في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد.

وصُبِغَت بعض شوارع المدينة وأجزاء من نواعير حماة الأثريّة بالأحمر، وكُتب عليها "حافظ مات وحماة لم تمُت".

وكانت حماة (210 كلم شمال دمشق) قد تعرّضت، ابتداء من الثاني من شباط 1982 وعلى مدى أربعة أسابيع، إلى هجوم مُدمِّر شنّته القوّات السوريّة، ردّاً على تمرّد مُسلّح نفّذته حركة "الإخوان المُسلمين"، ما أسفر عن سقوط 20 ألف قتيل، حسب بعض التقديرات، فيما تقول المعارضة إنّ الرقم تجاوز الأربعين ألفاً.

وسُجِّلَت تظاهرات لطلّاب في دمشق وريفها، حسب ما أظهرت أشرطة مُصَوَّرة بُثّت على موقع "يوتيوب"، وكذلك في حمص (وسط) والقامشلي (شمال) وفق ناشطين.(وكالات)   

السابق
سأكون «بو عَزيزي» لبنان»!
التالي
أبو فاعور: بعض الذهنيات في الحكومة تتصرف معها على انها وسيلة للانتخابات النيابية المقبلة