“سوا سوا” مسيرة لسماع صوت المرأة

لم تلب النائبات والوزيرات الحاليات والسابقات اللواتي انخرطن في المعترك المحلي، دعوة منتدى المرأة العربية والمستقبل "NAWF" الى المسيرة النسائية "سوا سوا" للمطالبة بحقوق المرأة على رغم مشاركة بعضهن في جلسة افتتاح المنتدى وبعض جلسات عملها.
وتغيّبت زوجات أرباب القرار الوطني أيضا، وحتى ممثلة من الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وكل من يدور في فلك الهيئات الداعمة للمرأة اللبنانية، عن المسيرة وعن تثبيت وجودها في النشاط. أما خليط المشاركين والمشاركات فشمل "معتنقين" للحرية من لبنان وبعض البلدان العربية كمصر، الامارات، المملكة العربية السعودية، أفغانستان، البحرين، اليمن، تونس، وليبيا.
أما السبب المباشر لهذا الغياب فهو ما تناوله البعض من معلومات جرى تناقلها على موقع " تويتر" أول من أمس، وفيها أن هذه التظاهرة بورجوازية ولا علاقة لنا بها. وشكّل هذا التعليق إثباتاً قاطعاً أن الموالين لبعض المؤسسات النسائية يميلون إلى العمل الأحادي في قضيتهم مع إغفال متعمد للتنسيق مع "أخواتها" من الجمعيات.
من جهة أخرى، عمل البعض خلال المسيرة الى سوق تبرير غير منطقي لتغيب الحضور النقابي النسائي، والحجة أن المنتدى يطرح واقع المرأة والربيع العربي. لكن الحقيقة أن الممثل دريد لحام اعتبر أن وطنه الأم هو رحم أمه، كما قال في حديثه في المنتدى، ما يجعل الفرصة متاحة لطرح أكثر من موضوع شائك في قضايا المرأة.
أما العلامة الفارقة التي طبعت هذه المسيرة التي اختتمت أعمال منتدى المرأة العربية والمستقبل "NAWF"، فهي مشاركة رجال يؤمنون بهدف المسيرة وأهمية الشركة "سوا سوا" لمجتمع أكثر تكاملاً. في الثانية والنصف بعد الظهر، تجمع المشاركون أمام الباحة الرئيسية لفندق الفورسيزنز ينتظرون اكتمال نصاب المجموعة النسائية والذكورية التي لم تتعد 150 "ملتزماً" بمبدأ التشريع والمساواة والتكامل بين الجنسين.

 صوت المرأة ونداؤها
رفعت المجموعة لافتات مطلبية تدعو الرجل مثلاً إلى أن "ينفس غضبه على حالو". ولا شك في أن معظم الحاضرين كانوا أصحاب قضية، منهم مجموعة إعلاميين وإعلاميات لم يأتوا للتغطية بل لمواكبة المسيرة التي توجهت إلى مجلس النواب والسرايا الحكومية لتسليم مذكرة مطلبية لأصحاب الشأن "علّ الصوت يودي".
بدا الحماس لافتاً على وجه إحدى مقدمات برنامج "كلام نواعم" على شبكة "MBC 1" الإعلامية فوزية سلامة. هي تعدّ نفسها بدينامية لافتة للسير قدماً في المسيرة لأنها تؤمن كما قالت لنا، بالتضامن مع المرأة في كل قضاياها. ابتسمت وقالت: "أنا لست هنا لأنني مصرية. أنا هنا لأنني عربية". وأكملت بحسم لافت: "على المرأة أن تصل إلى سدة القرار لتكون الأمور على ما يرام". وعن شرارة الثورة في مصر تقول سلامة إنها "مبسوطة أن شرارة التغيير في مصر بدأت مع بنت اسمها أسماء محفوظ وهي التي قامت بدعوة النساء إلى التحرك من أجل التغيير". لكنها لم تخف خوفها من أن تهب "العواصف والأمطار في وجه هذا الربيع للحد منه، وهذا من مصلحة النظام السابق ومن مصلحة رجال الأعمال ومن مصلحة القوى العظمى…". تبتسم "الست" فوزية وتوقف كلامها عند رؤية الممثلة فاطمة مرتضى تدخل علينا في بهو الفندق وهي تحولت إلى إمرأة عنكبوت تكبلها الخيوط وفمها مكبوت… تبادرها بالسؤال، فتقول بلغتها الخاصة إنها ستقدم عرضاً مشهدياً لواقع المرأة، ويبقى لكل واحد حرية فهم ما تراه العين ولا تسمعه الأذن…
ولا شك في أن عدسات الكاميرات الصحافية والتلفزيونية كانت تمارس الجاذبية على الحضور. فالمذياع كان المبادر الأول للاستيضاح عن أسباب المسيرة. قطعت القوى الأمنية الطريق لتمر المسيرة نحو السرايا الحكومية. بدأت الأحاديث الجانبية بين الناس. حاولنا معرفة أسباب مشاركة المخرج المصري خالد يوسف في المسيرة الذي بادر مبتسماً: "إن الرجال حكموا في القرن الماضي وأنتجوا مجموعة من الهزائم. أما اليوم فنحن نريد المرأة أن تحكم لنتفادى الكوارث التي لحقت بنا في القرن الماضي". وعما إذا كان يؤيد إقرار قانون العنف الأسري في لبنان يقول يوسف إنه يدعم كل قانون من هذا النوع، مذكراً أن الأديان تناهض العنف مهما يكن حجمه".
بعد كلامه، بدت الإعلامية مهى سلمى معنية بما قاله يوسف، فهي تطالب بتطبيق القانون، لأنها "رح تموت" من عدم تطبيقه، لنكون متساوين في الحقوق والواجبات… واستمرت المسيرة إلى أن وصلنا إلى السرايا. كانت قوات حفظ الشغب في استقبالنا وهذا ما بدا مستغرباً بعض الشىء. أما محيط القوى الأمنية فكانوا في غاية الانضباط على رغم أن بعضاً منهم لم يخف ابتسامة عريضة لمضمون المسيرة وأهدافها والتي لا تتلاءم مع العقلية الذكورية السائدة في بلادنا.
لحظات قليلة، وجاءنا شاب من السرايا الحكومية لمرافقة وفد تمثيلي من المسيرة لتسليم مذكرة مطلبية الى الرئيس نجيب ميقاتي تسلمها رئيس دائرة الشؤون القانونية في السرايا عثمان دلول. أما في ما خص مجلس النواب فالموعد لم يحدد مع أي جهة، فضلاً عن أن الموظفين هم في أغلبيتهم خارج الدوام. فما كان على منظمي المسيرة إلا أن طالبوا أحد الضباط بتسليم المذكرة اليوم يدأً بيد الى الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر على أمل متابعتها مع الرئيس نبيه بري. أما المضمون، فهو التأكيد على أن لا ربيع من دون المرأة وأن على المرجعيات المعنية سماع صوت المرأة والاستجابة لندائها…  

السابق
المدونون العرب
التالي
كنعان: لماذا الإصرار على التعاطي مع المسيحيين وكأنهم غير موجودين؟