مأتمهم خال … من النواب والوزراء

 حتى الموت خاضوا في بحره النواب والوزراء ..
حتى الموت نال نصيبه من التمييز السياسي, فطافت المصالح على جثث الأبرياء, ودُفع ثمن الدعاية من أعمار الضحايا,
جميعهم بشر … اُختطفوا من أعمارهم بسبب واحد فقط, " الإهمال ".

جميعهم قضوا تحت أنقاض مبنى الأشرفية المنهار, فكان مصيرهم مشترك الا أن نواب هذه الأمة ووزرائها رفضوا فكرة الشراكة تماما كرفضهم مبدأ الشراكة في الوطن وتعاملوا مع الكارثة وفقا لما تقتضي مصالحهم الحزبية والشخصية. فقسّموا المصاب الأليم الذي أصاب الوطن الى أقسام كثيرة .. وأفرغوا بهذا التقسيم كل مسؤولين الدولة من المسؤولية, ثم رموا بها على كتف المواطن سواء كان مالك أو مستأجر, ثم ضربوا بقوة حتى فصلوا بين الأرواح التي ارتفعت الى السماء الى قسمين درجة أولى ودرجة ثالثة. وإن ورد على بالك سؤال "أين هي الدرجة الثانية؟" .. أتمنى عليك محاولة نسيان السؤال.. لأنهم أفرغونا من المعنى الوسطي تماما,.. فقط نجح المجتمع السياسي في لبنان بتقسيم البلد الى طبقتين … لا ثالثة لهما الى فقير معدوم أو غني متخوم.

الضحايا اللبنانيين كانوا هذه المرة في الدرجة الاولى.. مرحى يا وطن, اللبناني لأول مرة في الدرجة الاولى في عين المسؤول," لكن بعد شو؟" " وكرمال شو؟".

الضحايا السودايين جاؤوا بالدرجة الثالثة, مغتربون لا فائدة أو مصلحة سياسية منهم, ولا ذو أهمية.

النواب والوزراء سمعوا الخبر على شاشات التلفزة .. أحسوا بالمسؤولية " بعد فوات الآوان" وقفوا أمام المرآة .. ينظرون ويفكرون كيف سيظهرون على شاشات التلفزة بعد قليل ؟!, أو كان بعضهم خارج المنزل في سهرة خاصة .. فقطعوا سهراتهم وذهبوا الى مكان الحدث.

صرّحوا وأطلقوا الشعارات, وخططوا ولاموا "الدولة" ونسوا أنهم الدولة, ثم عادوا من جديد كل الى مكانه قبل الحادث, يتحضرون لليوم التالي … يوم العزاء والتصوير.
فامتلأت الكنائس بالنواب والوزراء كما امتلأت بالضحايا وأهلهم وأحبابهم, قاموا بواجب العزاء ولم يبخلوا بمد يد المساعدة الى أهالي الضحايا .. " شو النفع اذا كان الاهمال هو الطابع الغالب ؟" حتى كادت أن تصل الأمور الى حد الأزمة السياسية فتدارك الوضع بعض المسؤولين وحملوا راية تقسيم المساعدات حتى لا تُحسب في زمن "الإنتخابات على أحد" دون الآخر. إذاً عُرف السبب .. سبب إحتلال الضحايا اللبنانيين المرتبة الأولى, لقد كانت الكارثة بمثابة إطلاق الشرارة لبدء المنافسة الإنتخابية.

بات من الواضح لماذا كانوا السودانيين الضحايا في الدرجة الثالثة, حيث لا قيمة لأصواتهم في الإنتخابات.. فكان مأتمهم خالٍ … من النواب والوزراء, فلم يعير أحداً منهم إهتماماً يُذكر غير سحبهم من تحت الأنقاض … " أقل الواجب".

فذكرت الصحف أن أحداً من المسؤولين لم يحضر مراسم دفن الضحايا السودانيين, ولا حتى بتصريح يواسي فيه مصاب أهلهم في بلدهم الأم.

هؤلاء هم نواب أمتنا … لا يراهم أهلنا الإ في مآتمنا

السابق
بري: سياسة النأي بالنفس والحياد الإيجابي تحفظ مصلحة لبنان
التالي
ايالون: يجب وضع حد للمشروع النووي الإيراني بطريقة أو بأخرى