والد جرجوع : علي ابراهيم مشورب !

كلما زادت قناعاتي بالاسلام, ازدادت قناعتي بالفكر الشيوعي . وبالتالي , كلما ازدادت قناعاتي بالفكر الشيوعي , أصبحت أسلم أكثر بقناعاتي الايمانية غير القابلة للنقاش عندي

لست هنا بوارد الدخول في أصعب نقاش , بل وأعقده, حول علاقة الاسلام بالشيوعية كفكر وممارسة . ولست بوارد الكلام عن موضوع استهلك من أصحاب الفلسفة والفكر أوقاتا" وجهودا"! جل ما أريده, هو نقل, ما أسر لي به ( كبير الرفاق وكبير أهل الايمان في جرجوع – الحاج علي ابراهيم مشورب, أبو حسن- أطال الله عمره الذي قارب التسعين )

أبو حسن, وفي جلسة صغيرة, وكالعادة مفيدة, معه قال لي منذ فترة:

أعرف أنك شيوعيا" صلبا", ولكنني أنصحك بالصلاة والصوم . لقد تجاوزت الأربعين , وأعتقد بأنك قد وصلت الى قناعة لا جدل حولها, وهي أن الاسلام والشيوعية هما من جعل للأخلاق مكانة, بل أولوية لأسس التعامل بين البشر . يا محمد ! عندما تضيع الأخلاق, يضيع كل شيء! عندما تملك الأخلاق وحسن التعامل فانك تزيد الى رصيد فكرك الشيوعي شيئا" اخر, هو انك تصبح مسلما" بامتياز وانسانا" بامتياز !

الشيوعية هي الأخلاق وحسن التعامل , كما الاسلام الحق ! خذ منهما ما يسير بك الى جنة الدنيا وجنة الاخرة ! الشيوعي الحق, عندما يكون شيوعيا" بحق, فهو من أسلم بحق وعرف معنى العدالة الانسانية !

أنا أسمع لأبو حسن وبكل حواسي . نتيجة لعدة أشياء . أولها المامه شبه الكامل بكل ما يتعلق بتاريخ الاسلام وكذلك نتيجة لقراءته لكتب الفلسفة وتاريخ الشعوب وتجاربها وحضاراتها .

ثقافة أبو حسن نبعت من مطالعته, تقريبا", لكل ما كتب ! يملك كما" من المعلومات, أجزم, بأن أحدا" لا يملكه. هو العالم بعالم الشعر والرواية والفن, علمه بكل تفصيل عن كل شجرة أو نبتة أو حجر ! يناقش الاخر بمستوى الاخر, والشاعر بمستوى الشاعر, والقائد بمستوى القائد, والمزارع في الزراعه والفلاح في ما يجب فعله .

أبو حسن يملك في مكتبته رسائل خصه بها الامام الخميني !

 أكتب عن أبو حسن, عن انسان وجب تكريمه .

بعد الاجتياح الاسرائيلي, عام 1982 حضر الى لبنان, حيث كان يعمل في دولة الكويت . ترك عمله, وصل الى بلدتنا ( جرجوع ) وبدأ بعمل بطولي- لم يكن لأحد, يومها, الجرأة على ذلك- عندما قاد مظاهرة الى بيروت , ضمت امهاتنا, نحن المعتقلون, وأصر على الدخول يومها الى مبنى رئاسة الحكومة للمطالبة بالافراج عنا .

كان ذلك في شهر اب من عام 1982 . من هنا الاستنتاج , بأن أبو حسن علي مشورب, كان أول من تجرأ على رفع الصوت عاليا" بوجه المحتلين وعملائهم الكثر, يومها !!!

كان مفاجئا" للجميع بجرأته, عندما كان يتزاحم الكثيرون لكسب الرضى والمباركة من جنود ( الحديد ) الاسرائيليين !

في منزل أبو حسن وفي أماكن من حقوله, خبئت أسلحة لأبطال ( جمول ) . حتى صار ذلك المنزل المتواضع, المجاور للجامع والكنيسة محط أنظار الاسرائيليين وعملائهم. ومن بعدهم للبعض الذي اتهمه بالالحاد والعمل ضد قوى الأمر الواقع, التي كانت تجد في مواقف ذلك الانسان الواضحة والصريحة حاجزا" بينها وبين ما تريد فعله من أعمال وأفعال يعرفها الجميع في القرية وجوارها !

ليت شيوعيتي ( كشيوعية ) أبو حسن . وليت ايمان المسلمين والمسيحيين كايمان أبو حسن .

أطال الله عمرك يا ابو حسن ! ومع أن ( طلاتك ) على كرومك قد ندرت بفعل العمر والتعب ! لك نكهة الأرض والطيبة والأخلاق والاسلام الحق والرفاقية ! وأول شيء هو جرأتك الغير مسبوقة في مواجهة كل من حاول انتهاك حرمة وطنك و(جرجوعك) 

يكرمون شعراء" غازلوا المحتل. يبررون عمالة أخرين. يصمتون أو يهربون من كلمة حق تقال ! أبو حسن , العمر المديد لك, لكي تثقل كاهلهم بكل كلمة حق تقولها. هؤلاء , من يخشون حتى الالتقاء بك أو مواجهتك بالكلمة !!!

لجرجوع مجد , أنت المبادر الى صناعته
 

السابق
ميشال سليمان: نشجع المرأة اللبنانية على اقتحام الميدان السياسي والترشح للانتخابات البلدية والنيابية
التالي
الرئيس بشار الأسد التقى وهاب: حريصون على الاستقرار في لبنان لما له آثار ايجابية على سوريا