الاخبار: مجلس الوزراء أرجأ بحث أزمة الكهرباء إلى جلسة الموازنة!

وأخيراً، قرر مجلس الوزراء نشر الجيش والقوى الأمنية، لكن ليس على الحدود، بل لحماية «وصلة» التوتر العالي في منطقة المنصورية، من التجمعات «الغريبة»، ولإقناع المحتجين من سكان المنطقة إما ببيع أملاكهم أو القبول بقرار الحكومة، فالوصلة ستصل في مهلة أقصاها 10 شباط المقبل
كما كان متوقعاً، تصدى مجلس الوزراء أمس لموضوع التوتر العالي، لكن في المنصورية فقط، أما التوتر العام، أي أزمة الكهرباء ككل، فأرجأه إلى «جلسة الموازنة» في الحادي والثلاثين من الشهر الجاري، ما يعني أن التنوير والتمويل سيتضاربان مجدداً، وخصوصاً أن كل ملف من الملفين المذكورين، يحتاج إلى أكثر من جلسة، فكيف ستتسع جلسة واحدة للاثنين، الأمر الذي علق عليه أحد الوزراء بالقول: «إذا بدأ المجلس في جلسة نهاية الشهر بموضوع الكهرباء، فهذا يعني أنه ليس هناك موازنة ولا من يحزنون، والعكس صحيح».

وجلسة أمس التي وافقت فيها الحكومة على عرض وزارة الطاقة والمياه استكمال تنفيذ الأشغال الباقية لوصلة المنصورية في المتن، كانت قد سبقتها «وصلة» من الاتهامات لمجلس الوزراء بتعطيل المشاريع، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى افتتاح الجلسة، وفي وقت لم يكن قد وصل فيه الوزير جبران باسيل، بطرح سؤال: «هل يجوز القول إن مجلس الوزراء هو من يعطِّل المشاريع؟»، موضحاً أنه «إذا تأخر بتّ أي مشروع، فإن ذلك مرده إلى مزيد من الدرس، وليست هناك أية نية مبيتة في التأجيل أو التعطيل»، طالباً «التنبه إلى هذا الموضوع وانعكاساته». وجدد التشديد على ضرورة التضامن الحكومي والعمل كفريق عمل واحد، وأن تكون جلسات مجلس الوزراء «هي المكان المناسب والأوحد للحوار والنقاش».
انعقدت الجلسة في السرايا الحكومية برئاسة ميقاتي، وعلى جدول أعمالها 59 بنداً، لكن ثلاثة بنود هي التي أطالت مدتها إلى نحو خمس ساعات، أولها بند مقدم من وزير الداخلية مروان شربل، وفيه طلب من المدير العام لقوى الأمن الداخلي لتقريب موعد تطويع 2000 عنصر في قوى الأمن الداخلي من عام 2013 إلى عام 2012، علماً بأن تبرير طلب هذا التطويع هو إعادة التوازن بعدما سبق تطويع 4000 عنصر غالبيتهم من المسلمين.
وقد أثار هذا البند اعتراض الوزير فيصل كرامي، الذي رأى في طلب تقريب موعد التطويع فعلاً انتخابياً، «وإلا فما هو المبرر لتقديم الموعد؟». كذلك اعترض ميقاتي ووزير المال محمد الصفدي، لكن لأسباب مالية، مشيرين إلى أن موازنة العام الحالي لا تلحظ تطويع هذا العدد.

ووسط «الهرج والمرج» والسجالات التي أثارها هذا الطرح، تدخل وزير العمل شربل نحاس، سائلاً وزير الداخلية: لماذا لم تسجن ريفي لمدة 60 يوماً بحسب ما ينص عليه النظام العسكري من عقوبات في حالات التمرد ومخالفة الأوامر؟ وذلك على خلفية «تمرد ريفي على طلب رئيس الجمهورية وقرار وزير الداخلية السابق زياد بارود في قضية الطبقة الثانية لمبنى الاتصالات». عندها خرج وزير الداخلية من قاعة الجلسة وأحضر كتاباً يتضمن نصوصاً قانونية، وعندما تلا النص وتبين له أن هذه العقوبات منصوص عليها في النظام، اكتفى بالقول إن الأمر حصل في أيام سلفه. فردّ نحاس، طالباً الاتصال ببارود لكي يتخذ هذه العقوبات «بما أنها حصلت على أيامه». وهنا حصل تلاسن بين ميقاتي ووزير العمل، قال الأول خلاله: «عم تردلنا ياها»، فرد نحاس: «عم قوم بواجباتي كوزير».بالنتيجة، وبعدما اعترض أكثر من وزير على تقديم موعد التطويع، تقرر إبقاء الجدول الزمني للتطويع على حاله. وجاء في المقررات الرسمية للجلسة أن مجلس الوزراء وافق على «رفع عدد المنوي المباشرة بتطويعهم من 4000 إلى 6000 دركي ابتداءً من تموز 2012 على أن يجري التعاقد معهم ابتداءً من سنة 2013».
البند الثاني الذي أثار سجالاً، هو طلب مرفوع من الوزير الصفدي لتجديد حق مواطن كويتي بتملك عقار في منطقة جبل لبنان، بعدما سقط حقه في التجديد منذ سنتين؛ إذ كان قد اشترى عقاراً عام 2005 بما يتجاوز النسبة المسموح بها في قانون تملك الأجانب، وحصل حينها على موافقة من مجلس الوزراء على هذا التجاوز، على أن يستثمر العقار في غضون 5 سنوات، وإلا يسقط حقه بالملكية. وقد انتهت المهلة في عام 2010 من دون أن يستحصل على أي رخصة بناء أو أن ينفذ أياً من تعهداته بعقد الملكية. وقد فتح النقاش في هذا البند، الوزير نحاس، بالقول: «إما أن نكون دولة تحترم قراراتها، وإما أن يبقى الوضع كما هو عليه بحيث إن أياً كان يستطيع أن يفعل ما يشاء. وهذا مرفوض مهما كانت الحجة». وتدخل باسيل في النقاش، قائلاً بحزم: «لن نسمح بعد اليوم ببيع أراضينا للأجانب».
وعلى خلفية السجال الواسع الذي أثاره هذه البند، أرجئ بتّه إلى جلسة لاحقة.
النقاش الثالث، أثاره بند وصلة المنصورية، وانتهى إلى إقرار البند وفق الخطة الآتية: ينتشر الجيش وقوى الأمن الداخلي في منطقة العقارات التي ستمر فيها الوصلة، بحيث يعمل العناصر العسكريون والأمنيون على منع أي تجمع يقوم به من ليس مقيماً في هذه العقارات، ويسمح بالتجمع للمقيمين فقط، وإذا كان تجمع المقيمين للاحتجاج على الوصلة فإنهم سيخيَّرون فوراً بين أن يبيعوا أملاكهم بسعر عادل تعرضه الهيئة العليا للإغاثة عليهم، وفي حال رفضهم البيع عليهم التزام قرار مجلس الوزراء الذي سينفذ في مهلة أقصاها 10 شباط المقبل. وقد أكد وزير الإعلام وليد الداعوق، بعد الجلسة، أنه «لن يكون هناك استعمال للقوة» إذا رفض سكان المنصورية بيع أملاكهم «بل سنحاول قدر المستطاع حل الموضوع في شكل هادئ ونأمل أن يتجاوب الجميع».
ورسمياً، ذكر الداعوق أن رئيس الحكومة دعا إلى عقد جلسة في 31 من الجاري في قصر بعبدا «لبحث موضوع الكهرباء واستكمال موضوع موازنة عام 2012 على أن تعقد جلسة لمجلس الوزراء في الأول من شباط 2012 وبجدول أعمال يحدد لاحقاً».
وكان موضوع الكهرباء محور معظم المواقف أمس، إذ شنت قوى 14 آذار ونوابها، حملة على العماد ميشال عون ودعوته إلى التظاهر، سائلين «التظاهر ضد من؟»، وهو سؤال طرحه أيضاً الوزير ناظم الخوري. فيما ركز نواب تيار المستقبل على أن حقيبة الطاقة والمياه «هي تحديداً مع التيار الوطني الحر» منذ تشرين الثاني عام 2008، وهي «منذ الطائف وحتى عام 2008 كانت في عهدة حلفاء العماد عون. ولم يتسلم مسؤولية هذه الحقيبة أي وزير من فريقنا السياسي منذ الطائف وحتى اليوم، فضد من يريد العماد عون أن يتظاهر؟ دعوة أخيرة نوجهها إلى وزراء العماد عون: استقيلوا». فيما عزا حزب الله، أزمة الكهرباء إلى «التردي الذي عاشه هذا القطاع على مدى سنوات، والذي تتحمل مسؤولياته الحكومات المتعاقبة، ولا يمكن تحميل مسؤولية هذه الأزمة أو حلها لوزارة بعينها، بل إن التصدي لهذه المعضلة هو من واجب الحكومة»، وإذ حذر من أن استفحال هذه الأزمة «يسبب مخاطر اقتصادية واجتماعية كبيرة»، طلب «من الحكومة مجتمعة، وبكل قواها، تحمل مسؤولياتها والمبادرة إلى معالجة جدية لهذه الأزمة من خلال توفير الاعتمادات المطلوبة والسير في الخطة المقررة».

الحريري فايسبوكياً

وخارج الجلسة العادية للحكومة، تناول السفير السعودي علي عواض العسيري طعام الغداء في بكركي أمس، متحدثاً عن اهتمام البطريرك الماروني بشارة الراعي بـ«مبادرة» الملك السعودي عن حوار الأديان، وحرصه على التواصل «مع المملكة ومع قياداتنا»، لكنه لم يحدد كيفية هذا التواصل، وخصوصاً أنه نفى رداً على سؤال أن يكون البحث قد تطرق إلى إمكان زيارة الراعي للسعودية.
وعلى موقع الوكالة الوطنية للإعلام والصفحة الرسمية للرئيس سعد الحريري على الفايسبوك، ظهرت صورة للحريري على سرير المستشفى الباريسي الذي يعالج فيه من كسور أصيب بها أثناء ممارسته رياضة التزلج على جبال الألب، وبدا فيها شاحباً، وقد رفع الغطاء عن ساقه ليظهر الجفص، وكأنه رد على من شككوا في إصابة الحريري وقالوا إنه يتذرع بذلك لعدم الحضور إلى بيروت في 14 شباط.
وفايسبوكياً أيضاً، نشر «المجلس الوطني السوري» كتاباً مفتوحاً إلى «الأشقاء اللبنانيين»، حمل لغة قوى 14 آذار ونفَسها ومطالبها، بالحديث عن لبنان «وطناً سيداً مستقلاً»، واحترام الميثاق الوطني المتجسد في اتفاق الطائف، والتطلع «إلى عمل مشترك مع لبنان المستقل والديموقراطي من أجل معالجة فورية مباشرة للملفات الملحة الآتية: إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، التمثيل الدبلوماسي الصحيح، إلغاء المجلس الأعلى اللبناني ـــــ السوري، ترسيم الحدود السورية ـــــ اللبنانية، ولا سيما في منطقة مزارع شبعا، ضبط الحدود المشتركة، إنهاء الدور الأمني ـــــ المخابراتي، سواء التدخل في الشؤون اللبنانية أو تهريب السلاح، تشكيل لجنة تحقيق سورية لبنانية مشتركة لمعالجة ملف المعتقلين والمفقودين اللبنانيين».
وقبل أن يختم المجلس كتابه بـ«المجد للشهداء من أجل استقلال لبنان، والمجد لشهداء الثورة السورية الذين يكتبون بدمائهم مستقبل سورية ولبنان والمنطقة»، كانت الأمانة العامة لقوى 14 آذار، تعبّر عن سرورها الكبير بهذا الكتاب الذي وصفته بالاستثنائي والتاريخي و«بادرة أمل وخطوة شجاعة»، ويستحق «رد التحية بكتاب مفتوح يتناول تفاصيل ما ورد في كتاب المجلس الوطني، نظراً إلى أهمية الحدث بمضمونه وتوقيته»، معربة عن تطلعها «إلى مزيد من التواصل لمصلحة شعبينا وبلدينا».

حزب الله و«الغرفة السوداء»

وفيما واصلت قوى 14 آذار حملتها على إيران بذريعة الكلام المنسوب إلى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، أصدر حزب الله بياناً علّق فيه على ما وصفه بـ«تصريحات مكذوبة نسبت إلى سليماني»، وعدّها «حملة تضليلية أطلقتها جماعة أميركا في المنطقة». واتهم الحزب «الموتورين من أتباع الإدارة الأميركية في المنطقة» بـ«افتعال ضجة جوفاء مبنية على تصريحات مكذوبة كانت «قناة العربية» المعروفة الإدارة والهوى، قد نسبتها إلى» سليماني، «وهي تصريحات ثبت أنها محرفة وعارية من الصحة». أضاف أنه «على الرغم من نفي وزارة الخارجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسفراء الإيرانيين في لبنان والعراق والأردن لهذه التصريحات، استمر أتباع الغرفة السوداء الأميركية ـــــ الإسرائيلية في لبنان وخارجه، بترديد الكلام المحرف خدمة لحملتهم المسعورة».
في هذا الوقت شُغلت معظم المقارّ الرسمية وشاغلوها، بالقاضي دانيال بلمار الذي جال عليها مودعاً، بعدما طلب عدم التمديد له مدعياً عاماً في المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.  

السابق
النهار: ميقاتي في ضيافة المصارف: دعم متبادل لمواجهة الاستحقاقات
التالي
هذه هي مشاريع الطوائف