السفير: داتا البصمات: إلغـاء العقـد أم مشـروع اشـتباك حكـومي؟

في انتظار انتهاء عمل اللجنة التي كلفها مجلس الوزراء بالتحقيق في كارثة بناية الموت المجاني في الأشرفية، كانت مواكب تشييع جديدة تطل من الأحياء الفقيرة، ومعها تحذيرات جديدة من تكرار المأساة نفسها في أماكن أخرى، أما الدولة، فكانت تنتظر جولة جديدة من المعارك بين أهل سلطتها التنفيذية، بعدما أقفل سياسيا ونقابيا ملف تصحيح الأجور، وساعدت الصياغة الحكومية الملتبسة لبدل النقل والمنح المدرسية، في ابقاء الأزمة مفتوحة على احتمالات شتى في الأيام القليلة المقبلة.
في هذه الأثناء، برز فصل جديد من فصول الانكشاف السياسي والأمني، يتمثل بـ«داتا» بصمات اكثر من أربعة ملايين لبناني تبين أنها موجودة بعهدة شركة فرنسية خاصة شريكة لمؤسسة عسكرية اسرائيلية.
واذا كان وزير الداخلية مروان شربل قد اكد ان «داتا» البصمات هي ملك لوزارة الداخلية وموجودة في مصرف لبنان، الا ان ذلك لا ينفي فرضية ان تكون تلك «الداتا» بحكم علاقة الشراكة بين الشركة الفرنسية «ساجين» وشركة «ابيت» الاسرائيلية، قد اصبحت منذ زمن بعيد بيد العدو الاسرائيلي.

وردا على سؤال، نفى شربل أي علم له بالشراكة بين الشركة الفرنسية والشركة الاسرائيلية، وقال لـ«السفير» انه سيبادر الى اتخاذ الاجراءات الكفيلة ببلورة صورة الوضع، واذا ثبتت لديه صحة هذا الأمر، فسيبادر فورا الى طرح الموضوع امام مجلس الوزراء لاتخاذ المقتضى في هذا الموضوع الحساس انطلاقا من الحرص على المصلحة الوطنية العليا اولا واخيرا.
وقالت مصادر وزارية اكثرية ان هذا الموضوع سيثيره وزيرا «حزب الله» في جلسة مجلس الوزراء المقبلة، مستبعدة أن يكون عنوانا لاشتباك حكومي جديد مشيرة الى أن ثمة ملفا يجري تحضيره في هذا الاطار، علما بأن مجلس الوزراء سيعقد ثلاث جلسات الاسبوع المقبل، اثنتان مخصصتان للموازنة الاثنين والثلاثاء، والثالثة جلسة عادية يوم الاربعاء.

 على صعيد سياسي آخر، لفتت الانتباه زيارة اليوم الواحد التي قام بها رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الى قطر، حيث استقبله امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في قصر الوجبة بحضور رئيس هيئة الرقابة الادارية والشفافية عبد الله بن حمد العطية، وجرى بحث للاوضاع العامة في المنطقة وفي العلاقات الثنائية والوضع في لبنان وتطور الاحداث في سوريا.
وفي حديث لقناة «الجزيرة» تحدث جنبلاط ، الذي عاد الى بيروت ليلا، عن الوضع في سوريا مشيرا الى أن «العنف لا يولّد إلا العنف في سوريا»، محذرا من «دخولها في حرب أهلية». ودعا إيران وروسيا إلى «الخروج بمبادرة لإنقاذ البلاد من العنف والحرب الأهلية»، مشيرا إلى أن «ما يهمه هو سوريا وليس النظام».

الأجور: نحاس يوقع.. ولا يوقع
على صعيد ملف الأجور، لم ينته هذا الملف فصولا، اذ انه بعد طي ملف التصحيح اثر مخاض استمر نحو ثلاثة اشهر من الاخذ والرد، فان اكتمال التصحيح بشكل كلي ينتظر البت النهائي في مصير بدل النقل والمنح المدرسية الذي لم تشمله تسوية الاتفاق الرضائي وعُهد الى وزير العمل شربل نحاس اعداد مشروع قانون يرمي الى الإجازة للحكومة تحديد آلية تعويضات النقل واقتراح المقتضى لإعداد منح التعليم للمستخدمين، وهو امر يرفضه وزير العمل كما اكدت اوساطه لـ«السفير» انطلاقا من رفضه الكلي توقيع أي مرسوم مخالف للقانون مهما كلف الامر.
وعلمت «السفير» ان نحاس سيوقع المرسوم المتعلق بتصحيح الاجور فقط، على أن يحيله فورا الى مجلس شورى الدولة، ومن جهة ثانية، فانه لن يوقع مرسوم بدل النقل ومرسوم المنح المدرسية عندما يصل اليه من الأمانة العامة لمجلس الوزراء وفق الصيغة المعمول بها منذ العام 1996 حتى الآن، باعتبارها صيغة غير قانونية، على أن يباشر فورا باعداد مشروع قانون النقل والمنح الذي فوضه مجلس الوزراء بوضعه، حيث يصر على اعتبار ان بدل النقل هو جزء من الأجر ويجب ان يدخل ضمنه.
وبحسب المصادر فإن نحاس يلقي الكرة في اتجاه الحكومة وقوى الاكثرية السياسية ويضعها امام ثلاثة احتمالات، اما ان يغيّر مجلس الوزراء قراره لايجاد حل قانوني لبدل النقل، واما ان يتخذ قرارا باقالة الوزير على خلفية عدم توقيعه مرسوما أقر في مجلس الوزراء، واما ان يبادر الوزير الى تقديم استقالته وهو خيار غير موضوع في حسبان نحاس الذي قرر المضي في المواجهة بدلا من تلبية رغبة البعض ممن يريدون احراجه لاخراجه.  

السابق
النهار: التعيينات بعد الأجور وبكركي تتذمّر من تأخيرها
التالي
مكمن سياسي لسوريا في بيروت