الحراك الدولي

تشهد المنطقة العربية حراكاً دولياً يذكر بما حدث في فترات سابقة من تقلبات معاكسة للاستقرار المطلوب من الزعماء والافراد على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم كي تكون النتائج للمصلحة القومية وليست لمخططات الهيمنة عبر التفتيت والفرقة حتى بين أبناء الصف الواحد، فالذي يجري في العراق منذ إقالة نائب رئيس الجمهورية مقلق ومخيف لانه يهدف إلى تغذية الفرقة المذهبية التي لم يعرفها الشعب العراقي وهو لم يكن يعلم لمن ينتمي هذا الفرد او ذاك اذا كانت الوحدة الوطنية جامعة ولا فضل لاحد الا بما يقدمه لبلده وابنائه.
ثم ان بعض التباين في مصر وليبيا ايضا ليس من صنع المداخيل بل من محاولات العاملين للهيمنة والسيطرة على حساب التوحد والانصهار في بوقة العمل المشترك من اجل وطن آمن وعامل لمزيد من التقدم بعد التخلص من ديكتاتورية الفرد نشداناً للحياة الديمقراطية وفق ما هي عليه الدول المتطورة التي وصلت إلى ما تنعم به بعد مخاض صعب اعقب ثورات شعوبها.

وما يظهر من هذا الحراك يتعارض مع سعي الشعب العربي إلى امتلاك القدرة الكافية لمنع التدخل الخارجي والتمتع بالقوة للانتصار على عدو مشترك يسعى أساليب مختلفة لمواصلة احتلاله والشره في الإكثار من المستوطنات والمضي في تهويد وطن الشعب الفلسطيني خصوصا في مدينة القدس للحيلولة دون تنفيذ إرادة جعلها عاصمة لابنائها الشرعيين.

وقد كشفت جولة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن نزعة اميركية وأوروبية تتجاهل ما هي عليه اسرائيل من تسلح وخطط عدوانية وتضغط على من يعملون لتحصين استقلالهم وسيادتهم على أرضهم، وهذه مفارقة مناهضة لشرعية المنظمة العالمية ومتعارضة مع حق كل دولة وشعب في امتلاك حصانته ضد اي عدوان، ولقد أعاد ما قيل الى ان العدو لهذه الامة ما زال يحظى بالدعم والتأييد واللجوء إلى استخدام حق النقض لاحباط اي مشروع يدين المعتدي المحتل.
ولم يقل أحد من القائمين بهذا الحراك اللافت بوجوب اقامة الدولة الفلسطينية وحل الدولتين لاشاعة السلام العادل والشامل في المنطقة بل تضمن المزيد من الوعيد بحرب يعرف من يقرع طبولها انها ليست نزهة بل زلزال مخيف لا يجنب احداً من ارتداداته حتى على الصعيد الداخلي فكيف بمن يستعدون بالتصريح والتنظيم لاشعال نارها.

واللافت في ذلك الحراك الذي شهد لبنان نشاطه في هذه الآونة عدم طمأنته إلى موقف يناصر سعيه لتحرير ما هو محتل من ارضه، ولا إلى تعزيز وحدة ابنائه ونصرتهم للافادة من ثروتهم الطبيعية من النفط والغاز، الامر الذي يدعو إلى مزيد من قبل الاطياف السياسية بصورة خاصة ليلتقوا على جامع مشترك يصون وحدتهم ويجنب بلدهم مخاطر الفرقة وعزف كل منهم على وتر مختلف، وليكن ما قال به بان كي مون وما تلوح به اميركا وبعض الدول الاوروبية حافزاً لصون توحدهم وتوفير قدرتهم على مواجهة التطورات والمستجدات.  

السابق
استقبال نعوش ضحايا عائلة نعيم في ساحة ساسين
التالي
أقلمة الصراع وتدويله!