عذرا ايتها الامبريالية

منذ نعومة اظافري (على رأي المثقفين) وانا شاهرا سيفي معلنا اقصى حالات العداء في وجهها …حتى أني كما الكثيرين في محيطي كنا نستعمل هذا المصطلح "الامبريالية" كأحد اكثر انواع الشتم والذمّ (اختك واحد امبريالي)…. وهذا كغيره من المصطلحات الشعاراتية الخطابية اُدخل الى الاذهان دون اذن ولا دستور حتى أنه غدا من بديهيات تركيبة الوعي الجماهيري في اماكن معيّنة خاصة في مرحلة المدّالشيوعي وتصدير ثقافته الى مناطقنا …

ولاننا كنا وما زلنا في بلد غير منتج فاننا نتطلّع للاسف دائما الى ما هو مستورد حتى ثقافيا …يساعد في ذلك تربة خصبة من التلقي مُسيّجة بسائد جاهلي هو استنكار بل وادانة اي عملية تحول فكري او تبدل عند الاشخاص والا يصبح محل اتهام يُشار اليه ببنان الانتهازية حتى وان حصّل علم اليقين ان ما هم عليه لا يمتّ الى الحقيقة بصلة وان مستجداته العقلية تميل به الى مكان اخر .. وهذه واحدة من اخطر تعقيدات التطوّر الفكري والثقافي عند الافراد والجماعات.. بمعنى اخر اذا كنت في بدايات تكون شخصيتك قد انخرطتّ في اي عمل حزبي ولو من باب الصدفة او مجاملة لاترابك وبخلفية التسلية المحض ,هذا يعني انك (اكلت الضرب) فعليك ان تقضي بقية عمرك وانت ملزم ان تحمل لواء هذا الحزب او ذاك التيار بكل تفاصيله وادبياته وخطابه السياسي والا فانت (ملوّن ..مش عقائدي.. انتهازي..وما الك رب) ولكسر هذا السياج من الجدار النفسي فانك تحتاج الى مؤونة عالية من الارادة مدعومة بمقدرة على صدّ كل تلك التّهم …

وبغض النظر من المعنى الحرفي لمصطلح"الامبريالية" فقدعُمل على توسيعه وتمديده وتعريضه ليشمل الكثير من جوانب الحياة…فقد عادينا بسببها حتى السجائر مرورا بالبراد والميكروويف وصولا للسيارة فبلغ بنا الامر ان عادينا الحريات وميثاق حقوق الانسان "ودقينا "بالديمقراطية على انها نتاج امبريالي … والمضحك المُبكي ان اولياء الامر عندنا تسامحوا على حين غفلة بالتعامل مع كل بضائع الامبريالية ما عدا سلعة الديمقراطية بقيت محظورة علينا لخطورتها … فبتنا نعتقد انهما اي الامبريالية والديمقراطية وجهان لعملة واحدة واننا اذ نحاربهما فاننا نفعل ذلك لمصلحتنا كشعوب…الى ان تفاجأنا اننا نحارب ونعادي لمصلحة جلادينا فقط لا اكثر ولا اقل … فتبّا لما نحن عليه وعذرا ايتها الامبريالية ..

السابق
انبح لوحدك
التالي
بان وأوغلو في بيروت: 3 أشهر سورية حاسمة