قطر..والمحاولات الفاشلة

صدور أول تقرير للجنة المراقبين العرب في سورية، دحض كل الأكاذيب والأباطيل عن عدم وجود عصابات ومجموعات إرهابية مسلّحة في أكثر من منطقة في سورية، فمجرد دعوة جميع الأطراف لوقف أعمال العنف يعني أن الدولة السورية وأجهزتها العسكرية والأمنية ليست الطرف الوحيد الذي يلجأ إلى العنف، مع العلم أن الأمر مبرر عندما تتعرض تلك المجموعات إلى قوى الجيش السوري وقوات حفظ النظام والقوى الأمنية، لأنه في منطق الدول والمؤسسات فيها، لا تقبل أي دولة أن تمارس على أرضها مثل هذه العمليات الإرهابية والإجرامية، وهكذا تتعامل سورية مع هذه المجموعات، حفاظاً على أرواح مواطنيها.

وتعتبر مصادر دبلوماسية، أن البيان الختامي الذي صدر عن اللجنة الوزارية العربية لم يتلاءم مع مضمون التقرير الذي رفع إليها من قبل رئيس بعثة المراقبين، والذي اعترف علانية وقبل انعقاد اللجنة الوزارية للاطلاع على مضمون التقرير الأولي، بوجود مسلّحين في أكثر من منطقة ومحافظة، إلى درجة أن بعضهم راح يسيطر على بعض الأحياء والمناطق في ريف حمص وإدلب وحماه.
 وتقول المصادر الدبلوماسية، إنه بمجرد الإشارة إلى وجود مسلحين، فهذا يكفي لكي يكون دليلاً واضحاً على حجم المؤامرة التي تتعرض لها سورية من قبل الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية والعربية، بالإضافة طبعاً إلى تركيا، لأن الشعارات الكاذبة التي كانوا يرفعونها زاعمين أن لا وجود لمسلحين على الأرض، وأن التظاهرات التي تقوم بها شريحة محدودة من الشعب السوري هي سلمية، مع العلم أن هذه "السلمية" لم تكن موجودة ولا للحظة منذ بداية الأحداث في سورية، التي انطلقت شرارتها من محافظة درعا.

وترى المصادر الدبلوماسية، أن ما تضمنه التقرير الأولي، لا يمكن أن يتجاهل أن أكثر من ألفي شهيد سقطوا من الجيش السوري وقوات حفظ النظام والقوى الأمنية، خصوصاً وأن لجنة المراقبين تفقدت جميع المستشفيات في كل المحافظات التي زارتها حتى الآن ورأت بأم العين مئات الجرحى من الجيش ورجال حفظ النظام لا يزالون يتلقون العلاج، فهل يا ترى كل هذه الأعداد من الجرحى سقطت بيد الجيش، كما يدعي المتآمرون والمخططون لضرب سورية؟ لأن أعضاء اللجنة سمعوا مباشرة من الجرحى، كيف تعرضت لهم المجموعات الإرهابية والسلفية، وما يتبعها من تنظيمات تؤمن بخط تنظيم القاعدة الذي أصبح مؤكداً وجود مثل هذه التنظيمات في سورية وقد دخلت إليها عبر لبنان وتركيا.

واللافت، أنه خلال وجود لجان المراقبة العربية في معظم المحافظات فإن تلك المجموعات لا تزال تقوم بأعمال خطف وقتل وتدمير لمؤسسات عامة وخاصة، وهذا يكفي لأن يكون دليلاً آخر على وجود عصابات مسلّحة تواجه القوى العسكرية والأمنية في سورية، وفوق كل ذلك والأهم في نظر المراقبين، هو أن مدينة دمشق شهدت خلال أسبوعين تفجيرين انتحاريين راح ضحيتهما مئات الشهداء والجرحى من المواطنين الأبرياء والقوى الأمنية، وتمت معاينة كل هذه التفجيرات من قبل بعثة المراقبين العرب، ولكن على الرغم من أن فريقاً كبيراً من المراقبين تعاطى مع التحقيق بصورة مهنية وحيادية، إلا أن فريقاً آخر انتدب لهذه الهمة لغاية في "نفس يعقوب"، وهذا ما حاول وزير خارجية قطر أن يلعب على حباله، من خلال تقديم النصائح للقيادة السورية، وكأنه يتحدث باسم الشعب السوري، وهذا ما ترفضه دمشق جملة وتفصيلاً، فقد يؤدي هذا الواقع إلى حصول انقسام داخل بعثة المراقبين العرب الذين عاينوا ما هو وارد في البروتوكول، مع الإشارة إلى أن وزير خارجية قطر حاول أيضاً أن يحمّل سورية مسؤولية عدم التجاوب الكامل مع مهمة بعثة المراقبين، في حين أن رئيس اللجنة، وكما تقول المعلومات، أشار في تقريره إلى هذه الناحية من حيث تعاون سورية مع اللجنة وتقديم كل التسهيلات اللازمة لها، وهذا ما أكده أيضاً الناطق باسم الخارجية السورية، عن تجاوب سورية الكامل مع مهام لجنة المراقبين العرب، إلا أن النوايا الخبيثة لدى رئيس وزراء قطر، بوصفه المتورّط الأول في التآمر على سورية، حاول أن ينعى مهمة المراقبين لكن الوقائع التي حملها رئيس فريق المراقبين، لا تعكس رغبة الوزير القطري، وهذا ما فرض أن تستمر اللجنة في ممارسة مهمتها ضمن المهلة المحددة لها في البروتوكول.  

السابق
البناء: الأسد يُخاطب السوريين والرأي العام الإقليمي والدولي اليوم
التالي
تحضير لتفجير أو اغتيال كبير؟