الفساد الذي اغتال الإمام الحسين(ع)

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: إن النبي كان يأخذ حسنا فيضمه إليه ثم يقول: «اللهم هذا ابني، وأنا أحبه، فأحبه وأحب من يحبه».
وروى البخاري ومسلم عن البراء: قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحسن بن علي عليه السلام على عاتقه، وهو يقول: «اللهم إني أحبه فأحبه».

وقال صلى الله عليه واله وسلم «الحسن والحسين إمامان قاما وقعدا».

وقال عنه حفيده الإمام جعفر الصادق عليه السلام «إن الحسن بن علي كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم». فكان إذا توضأ الإمام الحسن ارتعدت مفاصله واصفر لونه لأنه على وشك الوقوف بين يدي رب العرش سبحانه. وقد حج خمسا وعشرين حجة ماشيا. وكان متواضعا للفقراء محسنا كريما. اشترك سبط النبي الامام الحسين عليه السلام في جميع حروب والده الإمام علي عليه السلام وخاض المعارك في البصرة والنهروان وصفين فساهم في إخماد الفتن.

وقد أوصى أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام ولده الحسن بقوله «يا بني إنه أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أوصي وأدفع إليك كتبي وسلاحي، كما أوصى إلي ودفع إلي كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين».

وقد قام الحسن بدوره وأمانته فكلهم من شجرة النبوة المباركة تتنوع أدوارهم بحسب ظروف الواقع ولكنهم يلتقون جميعا في وحدة الهدف.

ولكن الحزب الأموي كان قد أعد خططه لخطف الخلافة إلى الشام وتوريثها إلى بني أمية، وذلك باتباع وسائل التخويف والتجويع وإشاعة الدعايات عبر الروايات والأحاديث التي تمجد دورهم وتضعف دور أهل البيت (ع) ومن خلال الرشاوى والوعود المغرية والهدايا والتهديد وإغداق الأموال على القبائل والزعامات وأهل التأثير في المجتمع العراقي.

وكان جيش الإمام الحسن (ع) قد أنهك من كثرة الحروب وبدأ يضعف أمام تلك المغريات ويستجيب للتهديدات التي يبثها الطابور الخامس والجواسيس مما دفع الكثيرين للتخاذل عن نصرة الإمام الحسن عليه السلام وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مما اضطره للتوقيع على معاهدة الصلح المؤقتة مع الخلافة الأموية ممثلة بمعاوية بن أبي سفيان. وقال الإمام الحسن معلقا على ذلك «إني خشيت أن يجتث المسلمون عن وجه الأرض، فأردت أن يكون للدين داع». «.. علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله لبني ضمرة، وبني أشجع، ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية».

ولكن الإمام الحسن استمر بدوره كمدرسة وقيادة فكرية وكمصدر إشعاع للهدى، وقد تخرج في مدرسته جهابذة العلماء، لكن أجهزة الحكم الأموي لم يرق لها هذا النشاط المنظم فانتهجت سياسة التصدي للإمام الحسن عليه السلام واجتثاثه ولو باغتياله. وبالفعل اعلنت الحكومة الأموية عن نقضها لمعاهدة الصلح المبرمة وقالت في بيانها «فكل شرط شرطته فتحت قدمي هاتين». (انظر فتوح أكثم ج 4/ص 161 وشرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد وتاريخ اليعقوبي). وقد استعان الأمويون بوعاظ السلاطين لتبرير هذا النقض والعمل على تشويه دور أهل البيت وتلطيخ سمعة الإمام الحسن (ع) ونعته بالصفات الذميمة مثل انه (والعياذ بالله تعالى) مزواج وزير نساء، وتلفيق الأحاديث المادحة لموقف الدولة الأموية، وأخيرا تدبير ومكر حيلة لدفع زوجة الإمام (جعدة بنت الأشعث) للاشتراك في اغتيال الحسن (ع) عبر وضع السم في طعامه. وهذا ما تم في مثل هذه الأيام (7 صفر سنة 50 هـ). فمثل هذه الظروف هي التي مهدت وصنعت ثورة الإمام الحسين (ع) لإيقاظ الأمة ونهضتها والتيقظ لمناصرة دين الله تعالى المهدد بإفساد المفسدين على مدى التاريخ الغابر والمعاصر، وكل عام وأنتم بخير والأمة الإسلامية والإ‍نسانية بخير.  

السابق
آن أوان الرد على التهديدات الإيرانية المفتوحة
التالي
المالكي في فخ الشراكة