شباب الاشتراكي يبحثون عن ربيع حزبهم

صُدم الكثيرون بخسارة المقدم شريف فياض ووليد صافي في انتخابات مجلس قيادة الحزب الاشتراكي لمصلحة شباب من منظمة الشباب التقدمي، ورأى البعض الأمر عودة إلى 14 آذار، بينما يردّ شباب الاشتراكي على الأمر بتأكيد مرجعية وليد جنبلاط

يُريد الاشتراكيّون لمجلس قيادة حزبهم الجديد أن يكون ربيع حزبهم. ففي الثلاثين من تشرين الأوّل انتخبت الجمعيّة العموميّة للحزب الاشتراكي ثلاثة شبّان (خضر غضبان وظافر ناصر وربيع عاشور) في مجلس قيادة الحزب. ناصر، أصبح لاحقاً أمين سرّ الحزب التقدمي الاشتراكي.
في الطبقة الخامسة من مبنى الحركة الوطنيّة سابقاً، يشرح ناصر أن ما حصل هو تجديد في الحزب وليس تغييراً. هو مجاراة لما يجري في العالم العربي، «فعلى الجميع أن يعرف أن لبنان سيتأثر بمناخات العالم العربي الجديدة».
تجديد في الخطاب السياسي، وليس تغييره. يشرح ناصر المهمّات التي يضعها مجلس القيادة الجديدة أمامه: خطاب سياسي جديد، يخرج من الشرنقة المذهبيّة. يُسأل الرجل عن رفض حزبه للنسبيّة، فيردّ جازماً: «نحن نريدها ضمن سلّة إصلاحات للنظام السياسي. يجب تطبيق الطائف، وإقرار قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، ومجلس شيوخ وقانون جديد للأحزاب وخفض سن الاقتراع… والنسبيّة». يرفض القيادي الشاب اجتزاء التغيير وانتقاء النسبيّة دون غيرها. كلّ الإصلاحات، أو لا.
يُضيف الرجل أن المهمّة الثانية هي صياغة مشروع اقتصادي واجتماعي جديد. يشير إلى أن العمل في الحزب جارٍ لإنجاز تصوّر متكامل لحلّ مشكلة الضمان الاجتماعي للحفاظ على هذه المؤسسة، «وقد يطرحها نوابنا أو وزراؤنا في مجلس النواب أو الحكومة». إلى ذلك، يجري العمل على صياغة وجهة متكاملة للعمل النقابي. يطلب ناصر من الجميع متابعة هذا الأمر، والمحاسبة على أساسه.أمّا حزبياً، فإن الإجراء الأساسي يتركّز على تعديل النظام الداخلي لجهة حجم الجمعيّة العموميّة، التي يبلغ عددها حالياً نحو 500 عضو، هم «الأعضاء المرشدون»، ومعتمدو الداخليّة ومسؤولو المناطق ورؤساء الفروع. ويقضي التعديل الذي يجري إعداده لعرضه على التصويت، بإضافة مجالس القيادة للمنظمات الرافدة للحزب، مثل منظمة الشباب التقدمي والاتحاد النسائي التقدمي. كذلك سيُضاف مندوب إلى كلّ فرع، ولم يُتَّفَق على عدد مندوبي الفروع. وعلى هذا الأساس، يُفترض أن يرتفع عدد أعضاء الجمعيّة العموميّة إلى ما بين 1500 و 1800 عضو. كذلك سيُقرّ مجلس القيادة مبدأ الانتخاب في جميع المناصب في الحزب، من معتمدي الداخليّة إلى رؤساء الفروع، لكن النقاش لا يزال دائراً في موضوع انتخاب مسؤولي المناطق أو إبقاء مبدأ تعيينهم.
ويبدو أن مجلس القيادة أهمل اقتراح النائب وليد جنبلاط باعتماد مبدأ انتخاب مرشحي الحزب للانتخابات النيابيّة من القاعدة والمناصرين، وانتخاب رئيس الحزب وأعضاء مجلس القيادة مباشرة من جميع أعضاء الحزب.
هذا في الشكل الإجرائي لمجلس القيادة. لكن ما معنى وصول الشبان الثلاثة إلى السلطة الحزبيّة؟ ففي بداية العقد الماضي، عندما كان جنبلاط لا يزال ضمن صف القوى المتحالفة مع الوجود السوري، تولت منظمة الشباب التقدمي (كان غضبان وناصر في قيادتها) الانفتاح على أعتى معارضي ذلك الزمن، التيّار الوطني الحرّ والقوات اللبنانيّة. في ذلك الوقت نفّذ شباب الاشتراكي المهمة التي عجز جنبلاط عن القيام بها. فقد تحوّل الشبّان إلى لسان جنبلاط في الظروف التي لم يرد أن يتحدث هو نفسه فيها. كذلك خاض خضر غضبان في عام 2003 معركة بوجه زياد شيّا على الأمانة العامة لمنظمة الشباب التقدمي. في ذلك الوقت هُزم غضبان في معركة أدارها الوزير وائل أبو فاعور بكلّ تفاصيلها. كذلك كان هؤلاء الشباب ممن اعترض على موافقة جنبلاط على الاحتلال الأميركي للعراق في 2003، وكانوا مستائين من ذلك. لكنّهم ما لبثوا أن استعادوا اندفاعهم ونشاطهم في عام 2005. فمن تابع فاعليات «ثورة الأرز» كان يعرف تماماً أن لشباب الاشتراكي الدور الأبرز في قيادة الحراك الشبابي. استمر اندفاع الشباب الذين تحوّلوا إلى نجوم تلفزيونيين، إلى أن حصل السابع من أيّار، وما تلاه من تحوّلات في سياسة جنبلاط. انكفأ هؤلاء الشبان معترضين، رغم أن ناصر يؤكّد أنه استمر في عمله في منظمة الشباب التقدمي، «لكن كلّ المنظمات الشبابيّة انكفأت، ونحن طبقنا سياسة الحزب رغم كل الاعتراضات التي قيلت في الجمعية العمومية في 2 آب 2009».
ولهؤلاء الشبان أيضاً دور أساسي في مشاركة منظمة الشباب التقدمي في التحركات الشبابيّة والمطلبيّة في وجه حكومات الرئيس رفيق الحريري، رغم أن وزراء الحزب التقدمي لطالما وافقوا على قرارات تلك الحكومات. يقول خضر غضبان إنه ورفاقه سيعملون على إعادة الحزب إلى تراث كمال جنبلاط وإلى البعد اليساري.
ينفي ناصر أن يكون وصولهم إلى مجلس القيادة تهيئة لتوريث تيمور جنبلاط. يؤكّد أن تيمور عضو في الحزب، وبالتالي يحق له الترشّح، ويحق للقاعدة الحزبية انتخابه أو عدم انتخابه، لكن ناصر يؤكّد أن نتائج الانتخابات فاجأت وليد جنبلاط، رغم أنه يُقرّ بأن الكثيرين في داخل الحزب وفي خارجه لا يُصدقون هذا الأمر. ويُضيف ناصر أن جنبلاط أكّد أنه يرفض الوراثة في الحزب. أمّا حيثيّة المختارة، فإن هذا الأمر يُبحث بالدائرة المناسبة كما يُنقل عن جنبلاط.
وينفي غضبان وناصر أن يكون انتخاب الشباب في مجلس القيادة تهيئة للعودة إلى 14 آذار، «فنحن اليوم وسطيّون ونحن مقتنعون بصوابيّة موقعنا هذا» يقول ناصر. لدى الاشتراكيّين الشباب الكثير من النقد لفريقي 8 و14 آذار. نقد يوحي بأنه لا يُمكن خوض تحالف كامل مع أي من الفريقين.
لكن في الحزب الاشتراكي «معارضون» يرون أن كلّ ما جرى هو من إعداد الوزير غازي العريضي، «الذي أقنع جنبلاط بضرورة إظهار أن الحزب يتجه إلى الديموقراطيّة». ويعتقد هؤلاء المعارضون أن العريضي يُريد «تطهير الساحة من أمامه؛ إذ يبدو أن «البيك» مصرّ على عدم ترشّحه لولاية جديدة في رئاسة الحزب، وبالتالي يُريد العريضي إبعاد كلّ من يُمكن أن يكون منافساً له على الرئاسة، والمقدّم شريف فيّاض على رأس هؤلاء». وعندما يُسأل هؤلاء «المعارضون» عن الشبّاب في مجلس القيادة، يقولون إن هؤلاء الشباب «معارضون ناعمون داخل الحزب وليسوا جذريين، ولا يُمكنهم أن يقفوا في وجه العريضي في طموحه للسيطرة على الحزب». يبتسم ناصر عند سماع هذا الكلام، وينفيه.  

السابق
هل تكون 2012 سنة الربيع الفلسطيني؟
التالي
حبيب: لوقف التعديات والانتهاكات المتكررة للحدود