هدايا حكومة المساخر !

ليس على نجيب ميقاتي ان يوزع الهدايا على أعضاء “حكومة المساخر” في نهاية هذه السنة العجفاء، بل عليه، اذا تمكن، ان يحاول ضبط الايقاع ووقف التناقضات الفاضحة التي عصفت بالسلطة التنفيذية ووضعته في موقع آخِر من يعلم وأول من يُفاجأ، وهو أمر يؤذي لبنان في هذه المرحلة الحسّاسة وينعكس سلباً على سجله السياسي.

كان مثيراً مثلاً ان تقفل السنة على الفضيحة المزدوجة في عرسال، أولاً لأن الحكومة تقاعست هناك كما تقاعست في مناطق أخرى، عن السهر، ولو كلامياً، على سيادة أراضيها التي تتعرض لاختراقات عسكرية سورية تلاحق الفارين ولا تتوانى عن توجيه النيران نحو الأراضي اللبنانية، وثانياً لأنها بدت ساحة للتناقضات الفاضحة والمؤذية في مسألة حساسة تتصل بسمعة لبنان وأمنه، بعدما أعلن وزير الدفاع فايز غصن فجأة وعشية الانفجارين في دمشق ان هناك عناصر من “القاعدة” في عرسال، وهو ما شكّل تمريرة لسوريا التي قالت ان هذه العناصر تتسلل من لبنان وإنها نفّذت عمليتي التفجير الاجراميتين!

اكتملت صورة المهزلة عندما صدرت إيضاحات عن الوزيرين عدنان منصور ومروان شربل نفت وجود هذه العناصر، وبعدما أعلن الرئيس ميشال سليمان ان لا وجود للإرهابيين في لبنان. لكن غصن أصدر بياناً صافعاً رد فيه على سليمان وعلى زملائه الوزراء، مؤكداً ان ما أعلنه هو “نتيجة معلومات توافرت لدينا”، وكأن هذه المعلومات الخطيرة يفترض الا تتوافر مثلاً عند الحكومة ورئيسها وهو ما يجعل من الأمر مسخرة ستتسع رقعتها اذا لم تستجب الحكومة مطالبة أهالي عرسال بأن يتمركز الجيش في بلدتهم حماية لهم وللسيادة اللبنانية.

ولا شيء يشبه مهزلة عرسال و”القاعدة” إلا فضيحة الحكومة والأجور، التي ستكون قمة المسخرة، سواء أقرّ مجلس الشورى الزيادة التي ستنزل كارثة على الوضع الاقتصادي، وهو ما دفع الهيئات الاقتصادية الى إبلاغ المسؤولين أنها ستضطر الى إقفال مؤسسات وصرف عمال بما يفاقم البطالة ويعقّد الأزمة الاجتماعية، إلا اذا وجد الناس فرصاً للعمل في “جمهورية التغيير والإصلاح”، وسواء رفضها لتنزل الكارثة على العلاقة بين ميقاتي والعونيين الذين يشنون حرب داحس والغبراء ضده وضد الدولة، ودائماً من منطلق الرغبة السيكولوجية والشعبوية في إثبات ان الجمهورية تُحكم من الرابية لا من بعبدا!
على خلفية كل هذا وغيره من المشاكل التي تلقى في وجهه، أسأل نجيب ميقاتي مرة جديدة وبكثير من المودة والغيرة: أوليس رئيس يستقيل اعتراضاً أفضل من رئيس يقبل ابتزازاً؟!

السابق
كيف تتسلّل القاعدة من عرسال؟
التالي
من المسؤول عن انفجارات دمشق بعد نفي القاعدة للاتهام ؟!