الانباء: موقف متقدم للبطريرك الراعي يدعو لحصر السلاح في الشرعية وسليمان: الرهان على الربيع العربي خسارة للبنان

الأجواء الميلادية في لبنان كما في المنطقة بدأت امس مشحونة بالغليان السياسي والشعبي على مستوى المنطقة، علما ان قداديس الميلاد في لبنان شكلت فرصة للتلاقي بين مختلف الاطياف السياسية، وابرز هذه القداديس قداس بكركي الميلادي الذي حضره رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وسمع خلاله من البطريرك الماروني بشارة الراعي دعوة صريحة لنزع السلاح غير الشرعي من كافة المدن والمناطق باعتبار ان الدولة وحدها المؤتمنة على أمن المواطنين.

ويسجل هذا الموقف للبطريرك الراعي بحضور الرئيس ميشال سليمان والعماد ميشال عون، حليف حزب الله، تطويرا واضحا لموقفه السابق، الذي أثار جدلا بسبب ربطه سلاح حزب الله بالوجود الاسرائيلي في بعض الاراضي اللبنانية وبحل ازمة الشرق الأوسط وعودة الفلسطينيين الى ديارهم.

وأكد البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة قداس الميلاد في بكركي ان «من واجب الدولة المؤتمنة وحدها على أمن المواطنين والسلام في البلاد ان تجمع السلاح وتحصره في القوى الشرعية اللبنانية، فتكون بيروت وكل لبنان منزوعة السلاح وعلى الدولة ان تخضع كل المهام الدفاعية والأمنية لقرار السلطة السياسية دون سواها وتعزز الثقة بقواها المسلحة».

ورأى الراعي انه ما من أحد يستطيع ان يوقف العدالة أو يعطلها بالوعيد والتهديد أو يسيسها لغايات شخصية أو فئوية مهما كانت مسؤوليته أو سلطته أو نفوذه، داعيا الى أن تتسم السلطة القضائية بالاستقلالية التامة وتؤمن لها الحصانة والحماية وتحترم أصول التقاضي الضامنة لإعطاء كل ذي حق حقه والقادرة على وضع حد للظلم والاستضعاف والإجرام، اننا نتطلع الى عدالة عندنا ومحاكم يزينها قضاة مميزون بالشجاعة والنزاهة والتجرد والكرامة.

وفي رده على أسئلة الصحافيين بعد الخلوة التي جمعته مع البطريرك الراعي أوضح رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ان البطريرك الراعي يؤيد آلية التعيينات، وكذلك العماد ميشال عون يؤيد الآلية التي توصل الكفؤ الى الوظيفة العامة.

وأضاف ان الحوار سيعود على أساس الطرح الذي طرحته سابقا لدرس الاستراتيجية الوطنية للدفاع وبحث موضوع السلاح، أولا: لجهة تنفيذ المقررات السابقة حول السلاح الفلسطيني، ثانيا: سلاح المقاومة للإفادة ايجابيا منه للدفاع عن لبنان ومعرفة كيفية استعماله ومتى وأين والاجابة عن الأسئلة العديدة، اما ثالثا: فالسلاح المنتشر في المدن الذي يجب نزعه وهو بات مطلبا لبنانيا شبه جامع.

وفي رده على سؤال عن اللقاء الماروني، اجاب بأن اللقاء الماروني وضع أساسا للانطلاق في مناقشة قانون الانتخاب، وبرأيي يجب ان نتوصل الى قانون انتخاب يجمع كل الهواجس الموجودة في المجتمع ويكون تحت سقف الطائف، بما يعني ذلك من تأمين المساواة بين المواطنين في حق الانتخاب وان ينص على الصفة التمثيلية التي وضعها النظام اللبناني بحيث تكون حقيقية غير وهمية، فبإمكاننا ان نتوصل الى قانون من هذا النوع الذي ينسجم مع روحية الطائف ويجمع كل المواصفات لقانون انتخابي عصري.

وحول حديث الرئيس الحريري عن ان هناك في الحكومة من يحاول زج لبنان في مسار الارهاب من أجل التغطية على جرائم النظام السوري. أجاب: ان لبنان هو ضد الارهاب، وقد دفع أكبر ثمن لمحاربته وهذا يسجل له واني على يقين ان أي لبناني أو أي بلدة لبنانية لا تقبل بإيواء الإرهاب، وهؤلاء يتعاونون مع الدولة لمنع حصول إرهاب أو إيواء إرهابيين.

وعن توقيت الحوار قال ان الحوار كان يجب ان ينعقد بالأمس قبل الغد، وهو أمر ضروري وبات مطلوبا في كل دول العالم.

وبخصوص العوائق التي تؤخره قال: لم يحظ الطرح الذي قدمته بقبول من الطرفين، بسبب المراهنة واذا أردنا المراهنة على ما سيؤول اليه الربيع العربي، حيث ثمة من يقول ان عليه ان ينجح لنربح أو انه سيخسر وسنربح نحن، فبهذا خسارة للبنان.

ومن أبرز الذين حضروا قداس الميلاد الرئيس أمين الجميل والعماد ميشال عون.

بدوره رئيس الحكومة السابق سعد الحريري هنأ اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا بالميلاد ورأس السنة، آملا ان تحمل السنة المقبلة بشائر الانتصار لقوى العدالة والحرية والديموقراطية، وان يبقى السلام الوطني اللبناني نعمة نستظل بها، ورأى ان هذه المناسبة تؤكد أن العيش المشترك سيبقى أمانة في اعناق المخلصين للبنانيين ولقضايا العرب، وان النموذج اللبناني سيكون علامة مشرقة لكل المطالبين بالحرية والديموقراطية في الوطن العربي.

على ان عطلة الميلاد لم تشغل اللبنانيين عن الهموم السورية الملتصقة بهم عن قرب. وكان الرئيسان ميشال سليمان ونجيب ميقاتي توافقا على النأي بلبنان عن المشاركة بفريق المراقبين العرب الى دمشق، وقال وزير الخارجية عدنان منصور ان هذا الموقف لن يؤثر على العلاقة مع سورية.

ويبدو ان هذه المشاركة كانت ممكنة من خلال مجموعة عسكرية وحقوقية رمزية، قبل حصول التفجيرين في المركزين الأمنيين بدمشق، والذي نسبته وزارة الداخلية السورية الى جماعة القاعدة المتسللة من بلدة عرسال اللبنانية، استنادا الى تصريح لوزير الدفاع اللبناني فايز غصن، ثم الى جماعة الاخوان المسلمين في سورية في مرحلة لاحقة. تفجيرا دمشق وتفجيرات بغداد

وتعليقا على التخبط في الاتهامات المتصلة بتفجيري دمشق، قالت مصادر لبنانية متابعة لـ «الأنباء» ان مثل هذا التخبط ناجم عن غموض ظروف ومعطيات العمل الحاصل، وهو ما يسمح لكل طرف بإطلاق الاتهام الذي يخدم مصالحه.

واعاد المصدر للذاكرة نماذج من احداث حصلت في لبنان والمنطقة العربية، وخصوصا في مصر بأواخر عهد مبارك، حيث كانت اصابع الاتهام باتجاه، والحقيقة التي ظهرت لاحقا باتجاه آخر تماما، حيث مازال وزير الداخلية العادلي رهن المحاكمة.

وفي موضوع تصريحات وزير الدفاع اللبناني فايز غصن، الذي استبق تفجيرات دمشق بالإعلان عن دخول القاعدة من بلدة عرسال اللبنانية الى الاراضي السورية، اعاد المصدر الى الذاكرة ما كان يحصل في زمن بعض الانظمة

العربية، حيث كان يجري تسريب أخبار مقصودة إلى صحف لبنانية أو عربية معينة، لتتولى وسائل إعلام هذا النظام، نقل الخبر المسرب من طرفها، عن الصحف وسائل الإعلام اللبنانية أو العربية التي نشرته بما يُبعد الشك عن علاقتها بالخبر، وتاليا بالحدث الذي مهد له أو ترتب عليه. في هذه الاثناء، لم تتوقف التعليقات على اعلان وزير الدفاع فايز غصن عن وجود عناصر من القاعدة في بلدة عرسال اللبنانية.النائب محمد الحجار (المستقبل) انتقد تصرف وزير الدفاع، وقال: لأول مرة أرى وزيرا للدفاع بدل من ان يحمي البلد والناس يقف ضدهم.. ودون اي اثباتات أو وقائع.

ووسط هذا التضارب في الاتهامات السابقة لأي تحقيق رسمي، وآخرها اعتبار حزب الله ان التفجير من صنع اميركي.

من جهته، عضو كتلة نواب حزب الله نوار الساحلي، قال ان الفتنة تطل علينا من البوابة العراقية، وأمس من البوابة السورية، وهذه الفتنة تذكرنا بالكلام الاميركي عن الفوضى البناءة؟

الساحلي اعتبر من بعلبك ان ما حصل الاسبوع الماضي في الحكومة، يؤكد أنها ليست حكومة اللون الواحد بل حكومة اطراف عدة. وما حصل في موضوع الاجور ليس صراعا على النفوذ بل انجاز للحكومة.

لكن نائب الجامعة الاسلامية عماد الحوت رأى من جهته ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بات في موقف صعب نتيجة تلقيه الضربات من حلفائه ويخاصم من هم خارج الحكومة، وان سقوط الحكومة سيعني انقلاب الاكثرية من مكان إلى آخر، ولا ينفع معها القمصان السود.

عيد بلا عيدية

في غضون ذلك، اللبنانيون لم يحصلوا على عيدية الاجور التي غادر مرسومها الى مجلس شورى الدولة مرة ثالثة، وازمات الكهرباء والتدفئة وشلل الادارات والغلاء، مقيمة، ولا معطيات توحي بقرب رحيلها، نتيجة التفاعل، بل الانغماس اللبناني بتوترات المنطقة، المطلة على المزيد من التدهور بحكم الانهيار المتزامن للاوضاع في سورية والعراق، وتعاظم حدة الصراع الخليجي ـ الايراني.
 

السابق
القاعدة في سوريا أو لبنان: رسائل وهدايا
التالي
النظام السوري..مشانق في الطريق