قبلان: لعدم جعل تصحيح الأجور مشكلة

  ألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان خطبة الجمعة،استهلها بالحديث عن ذكرى استشهاد الإمام زين العابدين، الإمام الرابع في السلسلة الذهبية لأهل البيت ، الذي كان "صاحب أخلاق مميزة وسيرة مستقيمة ودعاء مستجاب وعمل مقبول، فالإمام زين العابدين شخصية مميزة وإنسان مثالي ونموذج لأهل الله تعالى، أضاف على سلوكه وسيرته ما خصه الله من أوصاف وفضائل ومسلكية حسنة، مع العلم ان الذي مر على الإمام زين العابدين من مصائب ومصاعب وأهوال وتجارب لم يشهدها احد، إذ يكفيه إنه شهد واقعة كربلاء التي كانت اكبر شاهد على صبر الإمام زين العابدين وحسن أدائه وسلوكه وأخلاقه، وفي ذكرى هذا الإمام المعصوم التي سجلها التاريخ بحروف من ذهب وأخرجها للناس لتكون عبرة لمن يعتبر وعظة لمن يتعظ، فلقد كان همه الوحيد رضا الله والعمل لمرضاته والسير في خطى النبي، والصبر عند المصائب والتوقف أمام الفتن والعظة أمام مجريات الأمور، هذا الإنسان الذي لا يشابهه إنسان في سيرته وعبادته وطاعته لله وسلوكه، وقد جسد الإمام زين العابدين في سلوكه أخلاق الإمام الحسين وللنسب في هذا المجال أهمية وقيمة هو ابن الإمام الحسين وامه بنت كسرى، فهو جمع الخصال الحميدة، والفضائل المميزة، والنسب الذي لا يضاهيه نسب وحسب في ادابه وسلوكه ومنطقه وفي فعله، عندما نقرأ الصحيفة السجادية يظهر لنا من خلالها الأمام زين العابدين أخلاق نبوية وفضائل فيها التكامل والتسابق إلى المعرفة والى حسن الإدارة، فهو ابتلي بمصائب كربلاء وتجلبب بالصبر وعمل ليل نهار لأداء المهمات الصعبة لم يشك لمخلوق ولم يتأوه ولم يتأفف لبس لباس الصبر متحديا للصعاب والمصائب فكان النموذج الصالح المميز في سلوكه في أدائه في عمله في أخلاقه ومنطقه وآدابه كان شفافا ونورانيا وروحانيا، وكان متمسكا بالخلق النبوي صابرا على ما أصابه محتسبا عند الله، متمسكا بتقوى الله، ومتعظا بعظاته. ان انتماءنا الى اهل البيت فخر وشرف وفضيلة ومكرمة، ونحن نقتدي بالأئمة الأطهار الأخيار، فنعيش أهدافهم وسيرتهم، لذلك علينا قراءة الصحيفة السجادية، هذه الصحيفة المرقمة ترقيما ثالثا بعد القران ونهج البلاغة، فنتعلم من هذه المدرسة الأخلاقية الفضائل لانها الخط المستقيم، فالإمام زين العابدين تأذى من كل الناس لم يتطفل على احد، لم ينتقم من احد، فهذه المسلكية لكل الائمة من أهل البيت جسدها الإمام زين العابدين في مكارم أخلاقه في رسالة الحقوق في مواقفه النبيلة العاقلة الهادئة الرزينة فعندما نحب أهل البيت نحبهم لانهم أهل للمحبة نقتدي بهم لانهم ملائكة على الارض نحبهم لصفاتهم وفضائلهم وأعمالهم، عندما تخلينا عن اخلاق أهل البيت ابتلينا بالفتن وبالمصائب لان أخلاق أهل البيت حصن حصين نتخلق بأخلاقهم ونسير بسيرهم ونعمل عملهم الدين معاملة والدين نصيحة والدين سلوك وسيرة وقيادة ورعاية وريادة، فأهل البيت ما حادوا عن الدين بل تمسكوا به وبذلوا المهج في سبيل إحيائه والعمل في ترسيخه وتثبيته، لذلك ما نراه من حولنا من فتن ومصاعب، علينا ان نتوقف مليا امام هذه الفتن، ونسأل لماذا التفجير لماذا القتل؟ والقتل يجر القتل والفتن توقعنا في أزمات ومشاكل".

ورأى الشيخ قبلان "ان ما يجري في بلاد المسلمين والعرب منشؤه عدم التمسك بأخلاق أهل البيت، وعدم السير في مسيرتهم، فلنبتعد عن كل خلاف ومشكلة واهانة، ان ما يجري في البلاد العربية من قتل ودمار لا يبشر بخير، فعندما نعود إلى ديننا وأخلاق نبينا والمعالم الحقيقية تعود إلى العافية إلى امتنا تدريجا، فهذه التفجيرات في البلاد العربية وخاصة في دمشق والعراق وفي كل مكان أعمال مدانة ومستنكرة، ومنشؤها عدم التمسك بأخلاقية الدين الحنيف وبمسلكيته، فعلينا ان نعود إلى معالم ديننا والى اصول الإسلام وأخلاق النبي وسيرة الائمة المعصومين لنكون دائما على تواصل مستمر متمسكين بنهج الهداية ومبتعدين عن الانحراف والفتن والمشاكل، ان إسلامنا عظيم، وعلينا ان نكون معتنقين حقيقيين له وعاملين بأجوائه ومتمسكين بمعالمه، فنكون أهل ورع وتقوى ودين وأخلاق، فالنبي محمد يقول: "انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق" ان ما يجري في بلادنا بعيد كل البعد عن الأخلاق والفضيلة والسلوك السوي والسيرة الحسنة، لذلك عندما نسمع بتفجير هنا، او هناك، او انقلاب، او حراك عربي، او ربيع عربي من دون التمسك بالدين فانه وضع لا يستقيم ولا يستقر وليس له قرار، فكونوا دائما مع الله ليكون الله معكم، وابتعدوا عن كل عيب ومنكر وظلم وفساد، وعودوا إلى منابع الدين وأصول الإسلام وفروعه، او إعملوا ليرى الله عملكم، وابتعدوا عن الظلم والفساد، ابتعدوا عن الضلالة والفساد والمنكر والباطل والظلم".

وأضاف: "في ذكرى الإمام زين العابدين نتذكر صبر هذا الرجل وأخلاقه وقيمه، ونطالب الجميع بكف الأذى، وحسن المعاملة، والأداء الحسن، فيبتعدوا عن الظلم، ويكونوا للظالم خصما وللمظلوم عونا، فلا يجوز ان تبقى الحال على ما هي عليه، ان عدونا الوحيد هو إسرائيل التي تهددنا دائما ببناء المستعمرات ومحاربة الشعب الفلسطيني، وعلينا ان نبتعد عن الغرور والتكبر فنفتح القلوب على بعضها البعض، ونمد الأيادي لنتعاون في ما بيننا ولاسيما ان البلاد العربية تعيش حالة يرثى لها من القلق والاضطراب والانهيار".

وبارك الشيخ قبلان للشعب اللبناني "الذي يعيش اليوم موسم الأعياد المجيدة (أعياد الميلاد ورأس السنة) فهذه أعياد الفرح والتقارب والتواصل والتعاون في ما بيننا، وهي يجب ان تكتسب حلية من الفضائل، فعلينا ان نكتسب من الأعياد فضائل السيد المسيح وقيمه، فهذا الإنسان الشفاف الذي صعد إلى السماء وادخره الله ليوم لا مفر منه، علينا ان نتعلم منه كيف كان يراعي الفقراء والمساكين، ويهتم بأمر المرضى، فنكون مع المسيح في مواقفه وعظاته وتحركه، فالمسيح نبي من اولي العزم، كان له مسلكية مباركة وصحيحة ومستقيمة نحبه لانه من أنبياء الله ونهتم به لأنه من أصحاب الرسالات نقتدي بهديه لانه قدوة صالحة، لذلك نطالب الجميع بالامتثال والتأسي بالنبي عيسى ابن مريم لنكتسب رضا الله ونبارك لكل اللبنانيين ولادة السيد المسيح فهو للناس أجمعين، وعلينا ان نقتدي بهذا النبي المبارك والعظيم".

وخلص إلى القول: "كان من المأمول ان يضفي تصحيح الأجور على الشعب اللبناني الهناء والسلامة، وان يكون لمصلحة الفقراء وأصحاب الدخل المحدود والعمال، لذلك علينا ان نتبنى تصحيح الاجور وندعمه، وندعم كل ما يرفع من شأن الناس، ونبتعد عن المشكلات فنعمل ليكون تصحيح الأجور عيدية تقدم لإدخال السرور على قلوب الناس وخاصة العمال وأصحاب الدخل المحدود، ونؤكد اننا لا نريد ظلم الأغنياء بل نريد العدالة وإيثار الطبقة الفقيرة بما أعطاه الله للأغنياء، فلا نجعل من تصحيح الأجور مشكلة بتحويلها إلى مجلس شورى الدولة للنظر فيها، فالمهم ان نحافظ على لقمة عيش الفقراء، وان تؤكل هذه اللقمة بالكرامة والهناء والسلامة، وعلينا ان ندعم كل ما يحسن وضع الطبقة الفقيرة ليعيش الجميع بأمن وسلام ونبتعد عن الغرور ونتعامل في ما بيننا بإنسانية فالإنسان اخو الإنسان لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه". 

السابق
القصار بعد لقائه عون: قرار تصحيح الاجور يضر بالاقتصاد
التالي
قاسم هاشم تفقد مدرسة شبعا الرسمية